تعليق حول الخط السرياني في بحث فيليب دي طرازي .
لقد انتشرت كتب و ابحاث العالم فيليب دي طرازي بين المثقفين السريان
. لقد اعيد طبع كتابه
المشهور = عصر السريان الذهبي = ثلاث مرات و ذلك لاهمية ابحاثه و ربما
لعطش المثقفين السريان
لمعرفة تواريخ اجدادهم . من الملاحظ ان كتابات دي طرازي تعتمد على
المصادر السريانية و
المراجع العلمية ، و كان يحاول توعية السريان و بث الروح القومية
بين مثقفيهم و كان من ضمن
مجموعة من العلماء السريان مثل قداسة البطريرك افرام برصوم و الاب
اسحق ارملة
الذين تمسكوا بجذورهم الارامية ، ذكر دي طرازي في مقدمته هذا
التعبير = الامة الارامية السريانية =
كما ذكر ايضا = لعل ذلك الماضي المجيد يبعث في هذه الامة روح اليقظة
و النهضة ... =
نشر موقع حضارتي السريانية النشيط فصلا من كتاب عصر السريان الذهبي و
عنوانه = الخط السرياني =
نحب ان نعلق على بعض الافكار و شرح بعض االتعابير و تصحيح بعض المعلومات
الخاطئة التي وردت في
هذا البحث .
لقد دعت رابطة الاكادميين السريان الاراميين الى اعتماد النقد العلمي
البناء ،فارجو الا يستغرب القارئ
من انتقادنا لبعض اخطاء دي طرازي مع اننا من المعجبين من اعمال دي
طرازي و ابحاثه إ فنحن
نبحث عن = الحقيقة التاريخية = قبل كل شيئ إ
A ـ لقد ذكر دي طرازي =لا شك أن الذي استنبط صناعة الكتابة أولى الجنس
البشري منة عظيم =
دي طرازي يقصد بالكتابة الاحرف الابجدية ، و هذا واضح في الجملة التالية
.
B ـ يكتب دي طرازي= و الرأي السائد بين العلماء هو أن الكتابة استنبطتها
الأمة الفينيقية التي سكنت سواحل فينيق = هنا يتضح لنا ما هو المقصود
بالكتابة ؟ لا شك انه يقصد
الابجدية الفينيقية . طبعا اول كتابة وصلت الينا هي الكتابة المسمارية
السومرية ثم الهيروغليفية
الفرعونية القديمة و هاتان الكتابتان اقدم من الابجدية الفينيقية
بحوالي 2200 سنة إ
C ـ ينهي دي طرازي جملته = و هذا وحده كاف ليجعل للسريان حق الفخر
باستنباط الكتابة. لأن بلاد
فينيقي كصور و صيدا و بيروت و جبيل الخ ليست إلا بقعة صغيرة من بلاده=للاسف دي
طرزي يخطئ ،
اجدادنا السريان ـ الاراميون لم يستنبطوا الابجدية فمن المعلوم انهم
اخذوا الابجدية من الفينيقيين .
تذكير للقراء ، اليونانيون هم الذين اطلقوا التسمية = الفينيقية = على
الكنعانيين سكان الساحل .
المؤرخون المتخصصون في تاريخ الشرق القديم يميزون بين الشعب الكنعاني
و الشعب الارامي،
لم اجد اي مؤرخ يعتبر الكنعانيين او الفينيقيين من الشعب الارامي إ
D ـ نقل دي طرازي نصا عن البحاثة اللغوي المطران اقليميس يوسف داود ورد
فيه = " جاء في صحف
اليونانيين القدماء أنه في نحو السنة 1590 قبل المسيح وصلت إلى أرض
اليونانيين من بلاد الفينيق التي يقال لها فونيقي و هي أقصى أرض السريان
غرباً..... فئة من الشاميين في مقدامها رجل اسمه قدمو و جلبت إلى هناك صناعة
الكتابة. و صار اليونانيون منذ ذلك الزمان يكتبون بالحروف السريانية إلى يومنا
= المطران اقليمس داود هو
عالم لغوي اكثر من ان يكون مؤرخا ، معلوماته عن الفينيقيين هي من
اواسط القرن ال19 عشر
لذلك نجد فيها الكثير من الاخطاء التاريخية . النص الذي ينقله عن
قدمو هو حكاية اسطورية
ـ اقدم نص كنعاني او فينيقي يرجع الى حوالي 1100 ق.م.
ـ لقد وصلت الابجدية الفينيقية الى بلاد اليونان في حوالي القرن
التاسع او الثامن ق.م. و ليس
سنة 1590 ق.م. هذا رقم خيالي .
ـ حكاية قدموس تقول انه قدم من جبيل و ليس من سوريا .
E ـ نقل دي طرازي نصوصا يونانية جاء فيها = أثبت العلماء أن الأمم
العريقة في الحضارة اقتبست صناعة الخط عن السريان. و
هاك ما يؤيد ذلك: قال ديودورس الصقلي المؤرخ الشهير في القرن السابق
لميلاد:"
إن استنباط الكتابة يعود فضله إلى السريان". و كتب اقليميس الإسكندري في
القرن
الثاني للميلاد:" ذهب كثيرون من القدماء إلى أن السريان هم الذين
استنبطوا
الكتابة".= من المهم جدا معرفة مفهوم التسمية السريانية في
المصادر اليونانية . في حوالي 300 سنة ق.م. اعلن سلوقس قائد الاسكندر
نفسه = ملك سوريا = و كانت سوريا تضم كل المناطق
في الشرق الخاضعة له و من ضمنها فييقيا . و قد قسم الرومان سوريا
الى ولايات عديدة من
ضمنها فينيقيا الاؤلى اي الساحلية ثم فينيقيا الثانية او الداخلية و
عاصمتها دمشق ثم سوريا الاؤلى
و سوريا الثانية و غيرها و قد ظل هذا التنظيم معتمدا حتى دخول العرب
الى سوريا . و قد ظلت
التسمية السريانية تطلق على جميع تلك الولايات ، و واضح من خلال كتاب
العالم لوسيان السمسياطي
و عنوانه الالهة السريانية و هو يتكلم عن العادات الدينية و الاحتفالات
في المدن السريانية، في البداية
يتكلم عن منبج قرب الفرات ثم القسم الاكبر من كتابه يتكلم عن صور و
صيدا و بعلبك .لذلك يجب
التحقيق في ما كتبه ديودورس الصقلي و اقليمس الاسكندري عن المقصود
بالتسمية السريانية ؟
ملاحظة صغيرة ، ذكر دي طرازي في بحثه عن الخطاطين و النساخ
السريان = لربان ربولا في القرن السادس و هو منمق الإنجيل المصور المحفوظ في
مكتبة فلورنسا = الربان ربولا هو ربولا مطران الرها
الشهير و عاش 365 ؟ ـ 435 م.اي في القرن الخامس ، و هو ليس = منمق =
الانجيل المشهور
المعروف ب = انجيل ربولا = المحفوظ في مكتبة فلورنسا.
اخيرا يختم دي طراي بحثه = تكفي إذاً الأمة السريانية هذه المزية
الفريدة ليسجل لها التاريخ ذكرى
منزلتها المثلى في الحضارة و الثقافة. فقد أصبحت باستنباطها صناعة الخط
مرجعاً
لكل الأمم المتحضرة حتى لقبت بجدارة (أميرة الثقافة) و (أم الحضارة) =يوجد
اليوم اقساما حول تاريخ و اللغة
السريانية في اشهر جامعات العالم ، اهتمام المؤرخين في دراسة الحضارة
و الثقافة السريانية
ليس لان السريان استنبطوا الكتابة ( الابجدية ) ، كما ادعى دي طرازي ـ
و هذا ادعاء خاطئ كما
برهنا ـ و لكن اهتمام المؤرخين اليوم هو بسبب الدور الكبير الذي لعبه
اجدادنا خاصة في ميادين
الحضارة و الثقافة إ
هنري بدروس كيفا