المحرر موضوع: ليتواصل السعي إلى إصلاح شامل  (زيارة 423 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الحزب الشيوعي العراقي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1291
    • مشاهدة الملف الشخصي
ليتواصل السعي إلى إصلاح شامل

حظيت ورقة  الاصلاح التي طرحها السيد رئيس الوزراء اخيرا على مجلس النواب باهتمام الاوساط السياسية، واثارت ردود فعل مختلفة عند مناقشتها في مجلس النواب وعبر وسائل الاعلام. وكان مما ميّز هذه الورقة انها لم تأت كمبادرة من الجهات المعنية في الحكم. بل انها وتقرير مجلس النواب المتعلق بها وما صدر عن اجتماع رئيس الوزراء مع المجلس في شأنها، جاءت ثمرة للحراك الشعبي الواسع والاحتجاج الجماهيري متنوع الاشكال اللذين عما البلاد بجميع محافظاتها، ودللت على مشروعية مطالب الجماهير التي رفعت في تلك الفعاليات، وعدالتها. فما حرك التظاهرات والاعتصامات هو الاحساس بالغبن والتهميش في الاوساط الشعبية العريضة، وادراك ضرورة الاعتراض الصريح وبالصوت العالي عليهما، والاحتجاج على الفقر والبطالة وتردي الخدمات، وعلى الفساد ونهب ثروات الوطن، وعلى التنصل عن الوعود، والتضييق على الحريات، وخرق الدستور، وتكريس نهج المحاصصة الطائفية. وهو الوعي العميق لواجب المطالبة باصلاح النظام، وبمراجعة مسيرة العملية السياسية وتقييمها، وتوسيع نطاق الحريات والمشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي، وترسيخ مفاهيم الديمقراطية الحقيقية ومؤسساتها ومبدأ المواطنة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوطيد اسس دولة القانون وقيم الاستقامة والنزاهة، وتصفية آثار عهود الدكتاتورية والاستهتار بالشعب وحقوقه ومصالحه. وبالنظر الى ان الورقة جاءت استجابة للضغط الجماهيري، فقد اتسمت بالتسرع، واهملت جوانب اساسية عدة مما طالب به الناس ويطالبون في خصوص البطاقة التموينية، واحترام حقوق الانسان ووقف التجاوز عليها، ومعالجة ازمة السكن، ووضع حد لهيمنة الجهات الحاكمة على وسائل الاعلام الممولة من ميزانية الدولة، واتخاذ التدابير العاجلة لمكافحة الفساد، والعمل على الخروج من منطق المحاصصة الذي يشكل مرتكزا للفساد وسوء الادارة، وغير ذلك. من جانب آخر تناولت الورقة الكثير من القضايا الجوهرية التي تتطلب العلاج وتنتظره، ووعدت بخطوات اصلاحية عاجلة واخرى بعيدة المدى، الا انها لم تحدد آليات كفيلة بتنفيذ الوعود، واجراءات عملية ملموسة ممكنة التطبيق.  فالآليات التي تقترحها الورقة تبدو قاصرة عن تحقيق الاهداف الموضوعة. حيث ان تحميل الوزير -على سبيل المثال- المسؤولية الاولى عن مكافحة الفساد وتقدير مستوى اداء المدراء العامين،  لا يعني الشيء الكثير والجديد بحد ذاته. فامر مفروغ منه ان يتحمل الوزير المسؤولية الاولى في وزارته. كما ان تدوير المدراء العامين اذا لم يقترن باجراءات حازمة لاقصاء الفاسدين وغير الكفوءين والتخلص من منطق ونهج المحاصصة الطائفية، لن يقود الى إزاحة مواطن الخلل ولا القضاء عليها.  وينطبق هذا ايضا على مقترح اناطة مسؤولية تكليف المدراء العامين وكالة باستحصال موافقة نائب رئيس الوزراء المعني بالقطاع. فلكي ينجح أي من هذه التدابير، لا بد من الابتعاد عن منطق المحاصصة،  وإلاّ جاءت النتائج عكس الغرض المتوخى.   يضاف الى ذلك ان تنفيذ برنامج الاصلاح الذي تتضمنه الورقة، يتطلب تعبئة الجهد الشعبي وليس الحكومي فقط. في حين لم يشعر احد ان هناك توجها لاشراك القوى السياسية والمنظمات غير الحكومية والفعاليات الاهلية الاخرى المختلفة، في تحديد الاجراءات الواجب اعتمادها ومراقبة تنفيذها. من جانب آخر، وبالنظر الى ان الضغوط الشعبية انطلقت في الواقع من تبدد الثقة في الجهات الحكومية وتدابيرها، نتيجة عدم وفائها المتكرر بما اطلقت سابقا من وعود، فان من حق الجماهير ان تواصل التعبئة والتحشيد والتظاهر، الى حين تحوّل البرامج المعلنة والشعارات الى اجراءات ملموسة محسوسة. ولقد حدد مجلس الوزراء 100 يوم كفترة اختبار لتنفيذ الاصلاحات الموعودة، وهي مدة نعتقد مع كثيرين غيرنا انها غير كافية لتحقيق تحول حقيقي. لكنها تكفي في رأينا لارساء اسس علاقات تقوم على الثقة المتبادلة، وتضمن الانطلاق على السكة السليمة. وذلك ما نأمل ان يتجلى ملموسا في التدابير التي ستقدم عليها الحكومة، لمعالجة القضايا الملحة التي لا تحتمل التأجيل. وهو ما سيكون المعيار الحقيقي لفكرة الـ 100 يوم وجدواها. وارتباطا بهذا كله نرى ضروريا ان يشمّر الباحثون والمفكرون وقوى التيار الديمقراطي جميعا عن سواعدهم، ويسهموا في وضع وبلورة الافكار والمقترحات، التي يمكن ان تساعد جماهير الشعب في تأصيل مراقبتها للحكومة وادائها، ولمجلس النواب وعمله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
افتتاحية جريدة "طريق الشعب"
الثلاثاء 22/3/2011