المحرر موضوع: الشــــاعـر  (زيارة 1518 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل bassam hannani

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 481
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشــــاعـر
« في: 22:54 04/08/2005 »
الشــــاعـر

الشاعر هو إنسان خيالي تملأ نفسه الآمال فيعتزل حياة الناس وينطوي تحت سقف العزلة ويدعو ربة الشعر إلى حفل التخيلات. الجمال الذي يبتغيه هو الذي لا يوصف ولا يتجسد إلا في مخيلته، وتداعب إلهاماته بلهيب حمى قاسية وصراع الأفكار وأحلام عجيبة يتحكم بها شيطان الشعر وساحر الكلمات فتنساب في منتهى الانسجام في قوافٍ وبحور لا يكاد يصدقها نفسه، ويخجله أن تبادل هذه الأحاسيس بحفنة من المال لأن خياله لا يقيم بالمادة، هذه الخيالات لا يبخل بها على من ملكت جمالاً وعيوناً آسرة تلك التي تقرأ أشعاره بابتسامة حب ويقودها إلى عالمٍ أبدع في خلق ملامحه.
يتحفظ في تردد واضح في ما هو مقدم عليه كما يخفي المحبوب محاسن محبوبته ما بين أحداقه ولا تلبث هذه أن تلمع حباً وشوقاً فائحاً والعيون أكثر من دليل كما يقول نزار قباني:" أنا عنك ما حدثتهم لكنهم لمحوك تغتسلين في أحداقي، أنا عنك ما كلمتهم لكنهم قرأوك في حبري وفي أوراقي" وهذا الذي قال عنه نيتشه:" إذا كانت الفضيلة خاصة بك ولا بد أنك تريد أن تدللها وتدعوها باسمها فإنك بذلك تشرك الآخرين بها ".
إذاً عبثاً يحاول الشاعر والكاتب أن يخفي محبوبته وهي تنساب ما بين سطوره وتتجسد في نبض كلماته، تتراقص ما بين تعابيره متسامية فوق أفكاره. والسعيد من حاول إخفاء مشاعره والمسكين من يشعر كثيراً ويعرف قليلاً ولا ينتظر من الآخرين ما لا ينتظر، فما المجد في نظره إلا خديعة واعجاب أحمق وحكم سطحي مسبق.
غير أن الأحلام الخفية تعوض مسرات النفس لابل أن كآبات الزمان أحلى إلى نفسه من أفراح الأيام. ولكن لماذا يقلق الشاعر غفوة قلبه العميقة؟ " أنا لا أستبدل كآبتي بمسرات الناس " أو برغبات لا طائل من تحتها، حقاً أن الشاعر لهو إنسان مغلوب على أمره وأجمل قصيدةٍ عنده هي تلك التي لم يكتبها بعـد.