المحرر موضوع: الامل والامان في خواطر الكلدان  (زيارة 1175 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مرقس اسكندر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 115
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 

--------------------------------------------------------------------------------

قد تكون هذه الخاطرة مستوحات من عمق الحضارة والتاريخ واكتبها منكبا تحت تاثيرالتاريخ العراقي القديم
كان والدي يتقن اللغة الكردية بشقيها السوراني والبادناني والالمانية والانكليزية اضافة الى العربية ولغتنا الام الكلدانية . وقد قراءامهات تاريخ الشعوب . . كالدو هي روحي الوطنية والقومية قبل اي شىئ اخر . حب مقيم يسكن في نفسي ليلا مع نهارا . ويعذبني قبل ان يسعدني ولعل سر عذابي هو قدر الكلدانيين الماساوي . . الكلدانيون يقفون دائما في المؤخرة ينتظرون دورهم . وكانهم يقفون على رؤوس اصلبعهم لكن المحظوظون منهم الواقفين امامهم بظهور هم العريضة يسدون عليهم الطريق . . وهاهى كالديا ترى العالم كله وكانما تراه من نافذة صغيرة في برج باسق كبرج بابل . . لقد ذابت كالديا في مشارق الارض ومغاربها حاملة معها العلوم والمعرفة والحكمة . عاداتها وتقاليدها وتراثها وتاريخها وحضارتها وهل تنبت شجيرة الكلدان من جديدلتعانق الثرى . كالديا بلدي . اور وطني بابل مسكني نينوى وسادتي وهل اتحدث عن القوش الكلدانية . ام باطناية الكلدانية ام وام . وام والخ . . . وهل اكتب قصيدة ما عن كالدو واعود الى قريتي قرية تللسقف الكلدانية . . نعم ان قرى كالديا هن اجمل مدن العالم . . زرت قبل ثلاثون عاما معابد الهند واهرامات مصر وكاتدرائيات ايطاليا وارصفة باريس وسمعت عن طرقات امريكا العريضة ولكن لم اجد اجمل من القرى الكلدانية وانعمت باحضان نساء بولونيات والبانيات ورومانيات ولكن قلبي من تجوالي كان يخفق بهدوء واذا كان خفقه قد ازداد مرة فليس بالقدر الذي يجف معه الفم ويصدع الراس . . فلماذا خفق قلبي الان وفي هذه اللحظات في صدري . حين زرت قرى كالديا وحينها رايت كالديا القوش التي تاوى بين سفوح الجبال فضاقت عيناي وتصدع راسي كانني مريض او سكران . . هل هذه القرية الكلدانية الصغيرة اروع من البندقية اوالقاهرة او كلكتا . وهل تلك الفتاة الكلدانية والتي تسير في الطريق الجبلي الضيق او في السهل الفسيح من كالديا تللسقف وهي تحمل حزمة من من قصب الحنطة . اروع  منا الاسكندنافية الشقراء . . يبدو لي ولاواحدة تضاهي فتاة كالديا البيضاء . . . منذ زمن وعندما كنت يافعا .قال لي والدي -وجدت عيوبا كثيرة في بغداد وفي مدن كثيرة في العراق . مقارنة  بكالديا القرى  . لقد كان والدي حينها يمزح ولكنني اخذت كلامه محمل الجد . . نعم كان يفضل كالديا القرى -وبالاحرى قريته -على هذه المدن الكبيرة كالموصل وغيرها . كان يحب قريته كالديا ولم يكن مستعدا ان يستبدلها بكل عواصم العالم . . . نعم زرت كالديا القرى - تللسف - تلا سقيبا - ومن ثم القوش  . . قوشتا . . وباطنايا . بيث طينة . كان ذلك عام 1963 عندما كنت صغيرا وتوالت زياراتي الى قرى كالديا سواء اكانت في الجبال اوالسهول  . لقد زرت كل البيوت تقريبا وسرت للمرة الالف في ازقتها . احني راسي قرب كل موقد فيه نار تشتعل . وفيه حجرات دافئة . كنت اهدهد للاطفال واغني لهم اغاني كالديا . وفي يوم لااذكره تجولت في مقبرة .
تلاسقيبا . حيث القبور القديمة التي نما العشب عليها تجاور القبور الحديثة والتي تعبق منها رائحة  الارض رائحة كالديا . حيث كانت عظام والدي  ترقد بسلام تجاور عظام عمي . جلست صامتا ومتاملا وحزينا لفقدان والدي وذكراه . . حينها قال لي وهو يربت على كتفي . ولدي لاتذهب معهم فانهم يريدون منك رفيقا لهم فاجبته . لا يابي . لن اذهب معهم . فقاطعني   قائلا. لا بل تذهب الى حيث الاغراء والاثارة وتنسى بلدك كالديا  . واضاف . ياولدي عندما تذهب معهم خذ معك حفنة من تراب كالديا وضعها في منديل من حياكة والدتك . وحين تتذكر كالديا افتح ذلك المنديل وارسم على ذلك التراب خارطة جدك اوروك لتتذكر انك من كالدو اوروك مابين النهرين . . فغادرت غرفته حزينا لانني لااود الرحيل عن كالدو . . . . نعم . لقد سبق والدي الحدث وهاانا قد رحلت الى حيث الاغتراب وكما اوصاني ابي اخذت تلك الحفنة من تراب مابين النهرين . وتذكرت وطني كالديا ورسمت خارطة اوروك مابين النهرين وقبلت تلك التربة العظيمة ورحت اتسائل اي عنوان اطلق على هذه الخاطرة . . اسم الطفل يمكن اختياره  وحتى قبل ولادته فكيف ادعو خاطرتي . هل اخذ اسما من اسماء النجوم  . ام اسما من اسماء ما بين النهرين . وهل اخذه من الكتب الاخرى المملؤة حكمة . ولم تطول حيرتي اذ اهتديت سريعا الى جواب . . بلدي اور . كيش . . بابل . . سومر واكد . . . . والخ . . كلها اسماء جميلة تحاكي النجوم . هوذا . حداقل --دجلة --منبع افكاري ومنبع حكمتي طرت كعصفور مغطى بالريش وبنيت تلك الحكمة الرهيبة والعظيمة لتلك الحضارة والتي لاتضاهيها حضارة . حاكيت بها النجوم والايام والشهور والسنون خلقت الزمن في الارض واكتشفت حكمة النجوم وجعلت من ايامها برجا كبرج بابل لئلااتبدد في الارض . انصتي ايتها السماء واشهدي ايتها الارض ها ان كالدو يصحو من جديد ويعانق النجوم وتطيل حكمته في الارض ولن تكون له نهاية ويجعل من الجهات الاربعة تسجد له ويخلق ازمنة سبعة وتكون له خاضعة . . . . . اخذني العجب   من بعض مثقفي كالديا وهم ينسبون انفسهم الى اقوام جاهلة وساذجة لاحضارة لها غير السيف . . اه . . اه . . اه . . اكثر مما يدعو ن بكالديا . ولقد قرات لكثيرين من هولاء . وهالني يوما حين قرات لكاتب كلداني حيث يقول في ديباجته انا لست كلدانيا ولاعراقيا ولا.  ولا. بل انا اديب . . . . حقا انا سيد الوطن ال. . . . الكبير . . . فتسائلت عم ماذا يبحث هاذا الاديب الاحمق . . . . واقول انه ليس اديبا كلدانيا ولاعراقيا . بل انه اديبا غجريا احمق . اينما توجد القوة فانه يتكىء عليها ويكون مثله  وسالت شيخاكبيرا في السن عن كالديا الكلدانية فاجابني . ياولدي لقد ضاعت منا كالديا وليس لها ذكر في كتاباتنا حتى اسماء اولادنا واحفادنا ليست اسماء كلدانية ولامسيحية . دع عنك الحزن ياولدي فان كالدو لن يستفيق ابدا . فانه حتى جذوره تموت رويدا رويدا فان الشوك قد خنقه والصخر والحديد قد طحنه . فلم يبقى شىء . . . دعه عنك وابدا    الحياة 0انه شيخ مسن فما بال الشباب اليوم
. . . ولكن الزهرة لابد ان تنبت من جديد . كالدو لابد ان يصحو ليعانق السماء لان اصل الشجرة باق ولابد ان تنموامن جذوركالديا
يابن كالديا ان بلدك اوروك . قريتك . جبالك . سهولك ومن ثم هضابك . نعم انك ابن كالدو . نعم ان العالم كله يبدا من هنا من كالدو . وينتهي فيه . . دعونا  نضع قفصا صدريا ومن ثم نضع فيه قلبا ينبض . ولكن ينبغي ان لاننسى ان نضع العينين . ونجمع شتات افكار كالديا وحكمته والامة الكلدانية ونضع برج بابل واسده وجنائته في قفص . وندعو النجوم تسال ونحن نجيب . . . . كان واحدا منا ومحسوبا ابن اوروك . . ولكن سرعان ما تغيرت لغته وغير اسمه الى اسم لاينتمي الى كالديا بصلة واستبدل اسم ابيه ايضا قال له رجل كبير في السن وهو يجهش بالبكاء على هذا الضياع . ان امك الان ثكلى مع ان والدك قد منحك اسما غاليا لم يكن احد قد تسمى به بعد جلبه لك من الازمنة السبع واصبح اسمك ملكا لك وجعله قدوة للجميع ولكن من الذي سمح لك ان تمس الازمنة السبع من الذي جعل لك اسما اخر . . ها ان الازمنة السبع تقو ل انك لم تحمل دماء ابوك بل دماء خالك الوقح الذي باع حياته وارضه وبناته وزوجته للطارق الغريب . . ان خالك لايحمل دماء كالديا بل يحمل دماء الغجر ---الزط ---
وها ان كالديا يبدو من بعيد كبصيص نور ليشرق على الكلدانيين وها ان الازمنة السبعة تسجد لكالديا . . كالديا خلق الازمنة السبع
اقسمي ايتها الازمنة السبعة بملكك كالدو . ان كالدو قد هبط على الارض وتجذر هناك ومركبته تنتظره لينير درب ابنائه الكلدانيين . وامتدت جذور كالدو الى اعماقك ايتها الام الرؤوم وعبر الازمنة السيعة . . . ها ان السماء تشهد وها ان النجوم تسمع وها ان الارض تدون التاريخ من جديد وها ان الجهات الاربع تسجد لكالديا . . . . .
هذه الخواطر كتبت في لبنان عام 1974 في مدينة زحلة حينها كنت عاملا في مخبزا للصمون الحجري في حي التنك
واجريت تعديلات على هذه الخواطر في عام 1999