المحرر موضوع: حب في الزمن الاهوج  (زيارة 982 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مرقس اسكندر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 115
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حب في الزمن الاهوج
« في: 17:43 26/04/2011 »
ذات يوم وعلى حين غرة شاهدتها امامي في ارض غريبة ...وتسمرنا كلانا نحدق بوجهينا كاننا كلانا نرى وجه الاخر اول مرة ...ومرة اخرى ونسمات باردة ندبة تمر عبرنا ....في عيناها .احببت دائما لون الاخضرار فيهما ....والنظرة الشاردة والمهجرة قسرا الى المجهول بادية في عيناها .القهر والمعانات  والحرمان والحزن  .بادية في وجههاالكالح الجميل ..الخطوط الجميلة والتي رسمها الزمن على وجنتاها
والتي تطوف بي كانها رحلة اسطورية غامضة ...حاولت ان اعرف سرها ..ولا ادري ما الذي اتى بها الى ارض غريبة ..وتساءلت في داخلي ..هل هددت ..ام اختطفت واطلق سراحا وغادرت كما البعض منا ....اراها وحيدة في هذا العالم ,,كنت اشعر بها .مخلوقة غريبة عن هذا العالم ...وانها خرجت لتوها من احدى الاساطير الكلدانية القديمة ...انها معذبة .شاحبة ..قلقة ..مرتبكة ..كما في الشعر والغناء القديم ..انها لغة العذاب ..والحروب ..والمجاعة ..والاويئة ..وقطاع الطرق .ولغة السيف وقاتلي الحضارة ....
لم اكن القي بالا للدروس التي كنت اتلقاها من مدرسي ..نعم اردت ان اهرب من خطب قيصر الرومان وهزائمهم ..واسبح بعيدا في بحر عيناها ..كانت طالبة مجدة ومشغولة جدا بالاساطير الكلدانية .اساطير سومر واكد ..وانا مشغول بالاساطير الاغريقية والرومانية ....
وهي تحفظ اللغة الكلداني وافعالها ..وفي الدراسة المتوسطة كانت الاولى على دفعتها كالمعتاد ..ولكنها ضاعت مني في زحمة الحياة .
يوما بعد يوم وسنة واخرى .اختفت من ذاكرتي ايظا وتلاشت ..ولكن نادرا ماكان قلبي يتذكرها ويتذكر اسمها ..ويخفق قلبي حين التقي بعيون تشبه زيتونة خضراء وتترأى لي ذكريات شبابنا  ..وبراءة احلامنا .واتنهد .وفي المدينة الغريبة والتي تدعى ( افيون )حين التقينا ذلك الصباح ..بعد اكثر من ثلاث وثلاثون عاما مضت .ماذا فعلت بنا الدنيا .اكثر من ثلاث عقود ونيف .انقضت منذ ان كنا نحلم ونعيش سن العشرين .في معهد الفنون الجميلة ب( بغداد ) بين هالة المسرح وبين هالة برخت في (الواقعية الاشتراكية ) وبين اساطير سومر واكد ..
اكثر من ثلاث وثلاثون عاما .لابد انها غيرت ملامحنا .انها تبدو اكثر وقارا وهيبة .وهي ترتدي  نضارات سميكة تحيطها بهالة من المكر والتربص ..
وانا .شعيرات بيضاء غزت رأسي .وبرودة متوترة زحفت ببطىْ الى جسمي ...انا منذ ان كنت احلق في الخيال واسبح ساعات طوال في نظرات عيناها ..
قالت وهي تنظر الى هيبتي المتغبرة والى غيابي الطويل ومن خلف نظارتها ..
-اين كنت طوال هذه السنين ..ولما لم تتصل على الاقل ..
-- كنت فقيرا كما تعلمين .
- وانا ايظا فقيرة ..مامعنى هذا الان ..
-- فقري كان اقسى مما تتصورين ..
- يبدو اننا سندخل في سباق مع الفقر ..
-- اقول لك سرا .كنت لا اتعشى في تلك الليلة التي اشتريت فيها كتابا .لكن فرحة الكتاب تنسيني العشاء وابيت ليلتي سعيدا  ...
_ اوهام..لايمكن ان ينفذ شعاع من السعادة الى ظلام الفقر ..
--انا لم اضحك ابدا في طفولتي خشية من ظهور اسناني الامامية الملتوية .ولكن  بدأت اتعلم الابتسامة والضحك بملىْ شدقي
- هراء في هراء ..اتعلم ماذا حدث لي قبل سنوات ..اتعلم بان امي وابي قد ماتا ..اتعلم بان اخي قد اختطف وقتل على ايدي الارهاب ..
لقد بقيت وحدي اتعلم ماهي كلمة وحدي .اي وحيدة في هذا العالم ..ذاهبة الى حيث المجهول ..وانت تركتني ولم تسأل عني يوما
..لم اتزوج الى الان انتظرتك (وهي تجهش بالبكاء ) اتذكر يا(.....) كيف وقفنا امام امنا العذراء في كنيسة العائلة المقدسة  وامام الرب يسوع وهوعلى صليبه المبجل .واقسمنا  باسميهما القديسين بان لم وان ننفصل مهما جرى ومهما حدث ابدا ..ابدا ...
وانت كيف احنثت بقسمك .كيف تدوس قسمك ...كيف ..كيف
ولم انبت ببنتشفة الصمت بدأيحز في قلبي  ..ماذا فعلت لهذا  القلب ضربني بسهامه والقاني على قارعة الطريق ..وربما يكون لقاءا اخر
فعدت ادراجي الى حيث اسكن وانا افكر واقول ماذا فعلت
عذرا للقراء الاعزاء ان اقول انها احداث حقيقية ..وعذرا لحبيبتي
مرقس اسكندر