المحرر موضوع: حياة  (زيارة 3597 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

ghada

  • زائر
حياة
« في: 14:43 11/08/2006 »


كنا واقفين على طابور الانتظار ريثما نعبر النقطة الحدودية اللئيمة مع أعدائنا الأحباء ريثما يدققون في وجوهنا و تاريخنا و نبضنا و اشواقنا و عيون مائنا..
فاذا بطفلة في غايةالجمال و السذاجة بدات تبكي بحرقة لا توصف و معها رجل أشبه بالسكير بدأ ينهال عليها ضربا بجنون..:"اهدأي ، أخرسي أنفاسك الصاخبة يا مجنونة كفاك تتطلبين" ، و لم أصدق أنه أبوها و حدقت في عينيه دون ان افهم سر قسوته و ضيق خلقه  قلت له :"ما بك يا رجل أيعقل ما تفعله بهذه الدمية البريئة"، و ما لبث أن تحنن احدهم و أعطاها قطعة نقود معدنية لا تساوي شيئا لكن المسكينة فرحت بها ، و بادر آخر لانتشال قطع أخرى من جيبه فسكتت تماما و شاركتهم بالعطاء فاعطيتها قطعة  نقود و شحذت منها ابتسامة  لكني فشلت في اضحاكها اذ فقدت دموعها و بدات تتحجر، ثم سالت ابوها ما الخبر علام كل هذا الغضب و  الانفعال ، و بعد ان بحشت في قلبه باصرار عرفت انه يعاني من سكرات الخبل..:" اننا على عجلة من أمرنا ، لدينا حالة وفاة أمها توفيت و هذي ابنتي الوحيدة"
جاء دوري في التدقيق و عبرت بسلام ثم استلمت امتعتي و ركضت الى البقالة كمن يبحث عن كنز و اشتريت لها عصيرا و ماءا و شوكولاتة لكني أضعت الفتاة و ابوها في زحمة الناس فحزنت كثيرا، و ما ان وجدتهما من جديد حتى قدمت لها هديتي الوضيعة ،لكنها فاجأتني برفضها و كشرت في وجهي متظاهرة باللامبالاة ، بل و أرتني أنها تمكنت بتجميع القطع المعدنية التي لا تساوي شيئا قد تمكنت من شراء لوح شوكولاتة رخيصة.
 تذكرت احدى صديقاتي و هي تحذرني من تهوري في التعاطف مع الناس قائلة :"لا تعطي لأحد شيئا لم يطلبه منك فأنت لا تقدري دائما أن تعرفي ما هي الحاجة الحقيقية للآخر ما لم يعرب عنها". و امتلأت  الحافلة فجاء الأب ينتشل طفلته الى حافلة اخرى فرجوتها ان تمنحني قليلا من الفرح و تقبل هديتي فمدت يدها من وراء ظهرها وانتشلتها بخفة ثم اخفت وجهها و غابت يسحبها ابوها المفجوع.
لم اتمكن من نسيانها لأنها ثاني طفلة أقابلها خلال أشهر قليلة بنفس الاسم و ترتطم بارضي اذ افاجأ ان اسمها حياة..حياة


غير متصل savo

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 990
  • الجنس: ذكر
  • ليش ترتاح بعذابي وتفرح بلحظة غيابي
    • MSN مسنجر - staro_84@hotmail.com
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حياة
« رد #1 في: 15:16 11/08/2006 »
قصة جميلة وحزينة في نفس الوقت لكن هل هي حقيقية فعلا ؟ واين حدثت ؟

شكرا اخت غادة على هذا الموضوع
ملينا ولاصبر الظل واحتارينا دون العالم مانرتاح ليش شبينا

Poles Adam

  • زائر
رد: حياة
« رد #2 في: 20:41 11/08/2006 »
عزيزتي غادة..تحية صادقة ..

  فرحت لقراءة تجربة القص في نص حياة..لديك االتقاطات اليومي المؤثر ..ارجو الأستمرار واتمنى لك النجاح..

   شكر، تقدير ومحبة،

        بواس ادم

غير متصل راهب الحب

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1546
  • الجنس: ذكر
  • †من لا يحِب لم يعرف اللــه .. لأن اللــه محبّــة †
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حياة
« رد #3 في: 02:23 13/08/2006 »
عزيزتي الاخت غـــادة ::::

انها حكاية مؤثرة جـــــــــــداً ... ومعبرة بطريقة جميلة وظريفة بأسلوبك الراقي السلس ... نعم هكذا هي الحياة نمنحها كل ما لدينا الا انها تبخل علينا بعدة لحظات من السعادة والفرح .. تمنياتي لكي بدوام التوفيق والابداع ودمت بألـــــــــف الف خيــــــر †




                                             اخوكم / وســـام بهنــــام داؤد الخابـــــوري
                                                                12/8/2006 
† إذا كـُنت لا تحـِب أخـاك الـذي تـراهُ ؟؟ فكيـف َتحـِب اللـه الـذي لا تراهُ !! ... †

غير متصل جان يــزدي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 112
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حياة
« رد #4 في: 18:44 13/08/2006 »
  الصديقة العزيزة غادة. قصصك جملية دائما" مثل شعورك.
مع كل المحبة دوما" ...

                                           جان يزدي. النمسا

ghada

  • زائر
رد: حياة
« رد #5 في: 18:49 13/08/2006 »
الأخ العزيز سافو

بكل الاحترام تقبلت تساؤلك لكن ثمة احداث تفوق أهميتها و عمقها على تفاصيل المكان ، و ليس ممكنا  أن أنسج لكم شيئا الا من واقع يلامس أجناس لا تعد و لا تحصى من البشر..

تقديري

غاده

ghada

  • زائر
رد: حياة
« رد #6 في: 18:52 13/08/2006 »
أخي العزيز بولس آدم

بكل تقدير قرأت نقدك البسيط و المعبر على محاولتي الاولى لنشر عينة من قصصي الكثيرة فما دامت افرحتك قصتي فأبشر خيرا..

تحياتي

غاده

ghada

  • زائر
رد: حياة
« رد #7 في: 13:36 16/08/2006 »
اخي راهب الحب

أشكرك لقراءة قصتي القصيرة و نقدك لزاوية من زوايا الحياة، و هو حين تكشر الدنيا في وجوهنا و اقول لك هي تبتسم خلف القضبان فلا نرى سوى قطع الحديد المتوازية بصلابة...

تقديري

غاده

ghada

  • زائر
رد: حياة
« رد #8 في: 14:20 17/08/2006 »
اخي العزيز جان

لانك شديد الرهافة رأيت احساسي و مررت على انفاسي الموصولة بين الحروف...شكرا لأن بدون القدامى لا أتجدد..

تحياتي

ghada

  • زائر
رد: حياة
« رد #9 في: 19:14 18/08/2006 »
أخي العزيز عامر

تعج الذاكرة بقصص المسحوقين في عجلة الحياة الذين يعبرون( الجسر) ، و لا يمكن لغير المنسحقين ان يمروا من هناك..أما مشاهد من يعين امرأة حبلى أو مرضعة او من يقدم ماء أو فاكهة لطفل جائع فهي جزء من طبيعة ذاك المكان الحدودي ، و المتبرعين بالمجان كثيرون، و ما كتبته ليس الا حلقة من مسلسل طويل لم و لن يكتمل..
هي عزيزي الحياة ليست زانية نهواها كما يقول أحد الادباء بل هي طفلة تطرق بابنا لحظة موت لتسعفنا باحتضانها الطاريء ثم ترحل، و نناجيها عودي فتعود محملة بقسوة الحياة و نركض وراءها من جديد لاحتضانها فتبتسم شكرا من وراء نقابنا..و تغيب لتأتي بين الحين و  الآخر طفلة ما لخلاصنا..

غاده

غير متصل Nicola Bandak

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 6
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حياة
« رد #10 في: 21:28 19/08/2006 »
اختي العزيزة غاده

ما هذه الروعة والفكر المتألق ، فرحت لقراءة افكارك و تعابيرك الأدبية ..

نقولا

غير متصل البغداديه

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 13
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حياة
« رد #11 في: 16:52 20/08/2006 »
مشكوره اخت غاده على كلامك الروعه والقصه الموثره ...........هذا يدل على ثقافتك واسلوبك الراقي ..........جدا الكلام حلو ........واختيارك الموضوع بدقه........عاشت الايادي .......والله يوفقك ...............اختك البغداديه من بغداد

ghada

  • زائر
رد: حياة
« رد #12 في: 21:45 26/08/2006 »
أخي الحبيب نقولا

سرني عبورك على جسر الطريق المؤدي الى ما يشبه الوطن الجاثم في الناس الضعفاء..الأطفال المقضي على احلامهم..و دمت لي..

غاده

ghada

  • زائر
رد: حياة
« رد #13 في: 12:44 28/08/2006 »
الأخت البغدادية

استقبلت بكثير من الفرح قراءتك لهذه القصة القصيرة الأمر الذي يحفزني لأتواصل بقصص أخرى مستقبلا..

شكرا لك حضورك يا احلى بغدادية..

غاده

غير متصل fared21f

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 161
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حياة
« رد #14 في: 01:54 30/08/2006 »
                الاخت العزيزه        غــــــاده
      موضوع موثر مستمد من واقع حياتنا ليكن الله بعون الجميع
    فهذه الطفلة من اب شبه مختل الى ام متوفيه ،فما اصعـب
    حياتها انت التي اثرت فيك عندما بكت قليلا امامك .
    فانك ايضا اثرت فينا وجعلتنا نفكر كيف ستكون حياة حياة
    ابدعت يداك ومشاعرك في تقديم هذه القصة الرائعة
    تمنياتي لك بالموفقية
                            مع تحياتي         
                                         فريد فريتي

ghada

  • زائر
رد: حياة
« رد #15 في: 13:31 02/09/2006 »
الأخ العزيز فريد

شكرا لمرورك المتواصل و هذا يدل على شغفك المتواصل بالصعود معنا على درج المشاعر الانسانية بمختلف أطوارها..أما شكل الحياة لهذه الطفلة فأعتقد سيتوجب عليها أن تحمل أبوها و الناس على رأسها و تتزوج سريعا لتحمل زوجها فتنجب الحياة من شروشها الممزقة..

غاده