المحرر موضوع: إستمرارية حضارة وثقافة الرافدين وتأثيرها على حضارة وثقافة الفرس.  (زيارة 1673 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Gawrieh Hanna

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 171
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 نبذه مختصره عن إستمرارية حضارة وثقافة الرافدين وتأثيرها على حضارة وثقافة الفرس.
 +للبروفسورعبدالمسيح سعدي، دكتور في دراسات اللغة السريانية واللاهوتية في جامعة نوتردام، أمريكا...
 
بعد سقوط نينوى ثم بابل، قسمت اشور الى مقاطعتين يفصل بينهما نهر الدجله: مقاطعة غربي دجله سميت آثورا، ومقاطعة شرقي دجله سميت مادا . لقد فرض على الآشوريين (التجمعات الآشورية) في كلا المقاطعتين دفع جزية سنوية وتأمين عمال للفرس، الحكام الجدد، بالمقابل يضمن الفرس للاشورين أمان مدنهم وأعيانهم وموسساتهم وحرياتهم الدينية.  ومرت أجيال طويلة على حكم الفرس، لكن الثقافة الآشورية (ثقافة ما بين النهرين) بقيت الثقافة السائدة في حياة السكان وفي تعاملهم اليومي مع بعضهم ومع الحكام الجدد. وإستمر الصرح الثقافي والديني والتشريعي الآشوري الأصيل بفعاليته كما كان في الأجيال السابقة.  وهنا لا نخفي حقيقة تأثير ثقافة الحكام الفرس في شوون الأمبراطورية الخاضعة لهم.  ولكن بالمقارنة مع قوة تجذر الثقافة الآشورية في المنطقة جعل تأثير ثقافة فارس على بلاد ما بين النهرين طفيفاً لا يذكر.
فمثلاً : بعد أن دانت بلاد ما بين النهرين كلها الى حكم الفرس، استمر شعب النهرين بممارسة عقائده  الدينية وعبادة  آلهته الخاصة، مع بعض التطور في مفاهيمه اللاهوتية، ليس هذا فحسب، بل أن مفاهيم آلهة الفرس تأثرت كثيراً بلاهوت آلهة بلاد النهرين. فالإله الأعظم عند الفرس، على سبيل المثال، إله أهرا مزدا، أصبح يتمثل بالقرص المجنح للإله آشور. كذلك الآلهة الأم الفارسية ، أناهيد، تبنت لاهوت واشكال آلهة ما بين النهرين، عشتار . وهذا ما حدث أيضاً لإله مثرا، الذي تبنى لاهوت إله نابو ونينورتا، المتمثل ب "إبن الاله الأعظم والإله ألمخلص" عند الآشوريين. 
إن ثبات وحيوية ثقافة بلاد النهرين وتأثيرها الدائم في الثقافات الأخرى، جعل المورخ والجغرافي اليوناني، سترابو (في القرن الأول قبل الميلاد) يكتب عن دور الثقافة الآشورية عندما تطرق إلى وصف ما بين النهرين. ورغم أن البلاد في القرن الأول كانت تحت الحكم الفرثي (الفارسي)، أكد سترابو أنه "ما زالت عادات سكان الإمبراطورية (الفرثية) مثل عادات الآشوريين القدامى. أقدم من سترابو كان المورخ اليوناني هيرودوت (القرن الخامس قبل الميلاد) الذي زار بلاد النهرين بعد سقوط بابل بقرن من الزمن، ودون ما لاحظه عن مهارة العمال الآشوريين في بناء الصروح وعن خبرتهم العسكرية وخدماتهم للحكام الفرس. 

أخوكم،
كوريه حنا