المحرر موضوع: فكرة الثالوث الأقدس والتوحيد في الحضارات العالمية المعاصرة  (زيارة 2314 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Gawrieh Hanna

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 171
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

من كتابات الدكتور  عبدالمسيح سعدي، أستاذ الدراسات السريانية في جامعة نوتردام ، الولايات المتحدة.

فكرة الثالوث الأقدس والتوحيد في الحضارات العالمية المعاصرة
إن مناقشة التأثير في أدب الكتاب المقدس والأدب الديني له إيضاً محوره العالمي. فالملايين من الناس في الشرق والغرب ما زالوا متاثرين ومتفاعلين مع هذا الأدب.  ومن المعتقدات الدينية المنتشرة على نطاق العالم هي فكرة الثالوث والواحد، أو التثليث والتوحيد. ولأن الثقافة السريانية قبل المسيحية كانت مشبعة بالأفكار الخصبة عن هذا اللاهوت، فقد نجح السريان في تفسير التثليث والتوحيد المسيحي.  فالثالوث الإلهي في بلاد النهرين كان لاهوتاً ممارساً في حقبات طويلة، وفي الأحقاب المتقدمة ظهر إيضاً التوحيد مع التثليث في مفهوم الإله آشور (الأب) وعشتار (الأم) ونابو (الإبن)، عرفوا بأسماء ماران، ومرتان، وبر مارين، وكان نابو يظهر ويفعل من خلال شخصية الملك العادل المنتصر. وهناك أدب غزير كتب حول دقائق هذا الموضوع، والمراجع متوفرة.
 والتاريخ الكنسي يخبرنا بأن البابا ديونسيوس الروماني (القرن الثالث للميلاد) دهش من بعض لاهوتيي معاصريه الذين صاغوا فكرة التوحيد والتثليث، واتهم أوريجانس الإسكندري بإبداع فكرة التوحيد في ثلاثة أقانيم.
لقد كتب أوريجانس بإسهاب عن تعليم التثليث والتوحيد، وأشار بمصدرها إلى اقليمس الإسكندري. واقليمس بدوره أشار إلى معلمه ططيانس الآشوري (الآسوري). أما ططيان الذي يلقب نفسه ب ططيان الآشوري، (الآسوري)، وهو أحد علماء القرن الثاني الميلادي، ولد في أرض آشور (آثور بحسب اللفظ الآرامي)، وتثقف بثقافة بلاد النهرين. وفي معرض مجادلته اليونانيين في كتابه "خطاب ضد اليونان" امتدح عمق ثقافته وحضارته (ما بين النهرين) وانتقد بشدة الثقافة اليونانية واصفاً اياها ب- "أنها غير نافعة".
وحتى قبل ططيان الآشوري، في أوائل القرن الثاني الميلادي، يثني العالم "القديس" هيباليتوس على مساهمة ما بين النهرين في ثقافة عصره، ويشير إلى " أن الآشوريون هم الأوائل الذين قالوا بأن النفس تتألف من ثلاث كيانات، وهي في الوقت ذاته واحدة. وثلة هامة من علماء القرون الثلاثة الأولى ساهمو بقوة بعلوم حضارتهم السريانية (الآشورية) في مجادلتهم الرومان واليونان. فالفيلسوف لوقيان السميساطي (125-192 م) قدم نفسه لليونان ك "آشوري" (آسوري)... ويرتدي الثوب الآشوري.   

وعالم معاصر آخر أسمه يمليخوس كتب سلسلة روايات في بابل وأسمه يعني (أيه ملكي)، أي "الإله هو ملكي"، وقد وجد أسم العلم هذا في العهد الآشوري الإمبراطوري.  فخلاصة الأمر هي أنه كما أثرت وتفاعلت حضارة شعب ما بين النهرين، شعبنا، (ونحن الموجودون هنا احفادهم) بالحضارات الأخرى، هي بالتالي تاثرت أيضاً بالحضارات والثقافات المحيطة بها...