المحرر موضوع: انسحاب الحزب الديمقراطي الكلداني... هل من جديد في اللعبة المملة؟  (زيارة 1175 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
انسحاب الحزب الديمقراطي الكلداني... هل من جديد في اللعبة المملة؟



تيري بطرس
bebedematy@web.de

في بيان مؤرخ في 5 اب الجار ونشر لاحقا، اعلن الحزب الديمقراطي الكلداني لابناء امتنا الكرام بكافة مسمياتهم انسحابه من ((ما اسموه تجمع احزاب شعبنا)) ويؤكد البيان ان الدخول في هذا الذي اسموه تجمع احزاب شعبنا، كان لرغبتهم لتحقيق اهداف ومصالح شعبنا العليا. ويؤكد البيان على ان الحزب قد قدم ورقة عمل تؤكد على نبذ النقاط الخلافية وان الاخرين قد وافقوا على ذلك لانهم لم يناقشوه. ويرى الحزب انه تم جلب اشخاصا فقط لملء الفراغ على حساب الاخرين والاكثر ايلاما مجئ بالبعض المحسوب على اكبر الكتل المسيحية (ويقصد الكلدان)، ويذكر بعد ذلك جهات محسوبة على الكلدان، ممن جعل من الكلدان سلعة تباع وتشترى! والبيان يهدد ويتوعد ويحذر من انه لا يمكن ان يقبل في صفوف الكلدان من يخون قوميته وينكر اصله مهما كانت الاعذار!! ويذكر البيان اسبابا اخرى منها مذكرة المؤيدة للتسمية المركبة ويوم الشهيد واحتفالات اكيتو او راس السنة القومية، وقضية رئيس ديوان الوقف المسيحي والاديان الاخرى. ويطالب البيان بتصحيح كل ما اعلاه والا فانه منسحب من ما اسموه تجمع احزاب شعبنا.
ذكرت مرة معاناتنا ابان المعارضة المسلحة من بعض الاطراف، فالاحزاب الاسلامية تدعي انها تمثل الشعب، لان الشعب باكثريته مسلما، وحزب البعث الموالي لسوريا، كان يقول انه يمثل الاكثرية بدليل ان الاكثرية عربية وان حزب البعث المنافس والذس سيرثوه بكل ما يملك من اموال واعضاء فيه خمسة ملايين عضو. ولم يسأل احدا من فرضهم للنطق باسم الاسلام او العروبة، وكانهما تكتلان مرصوصان لا خلافات ايديولوجية واقتصادية واجتماعية فيهم، وهنا نقول للحزب الديمقراطي الكلداني، اي نعم من حقك ان تسمي نفسك ما شئت وان تعتقد بما شئت ولكن ليس من حقك، منح الاصالة او سحبها، او منح الكلدانية او سحبها كيفما شئت. فالمتسمون بالكلدانية حالهم حال المتسمون بالاشورية والسريانية فيهم افكار مختلفة وميول متعددة ويعيشون حالات اجتماعية متباينة تحدد خياراتهم السياسية والفكرية.
المعروف ان الحزب الديمقراطي الكلداني، كان قد ميز نفسه في البداية بطرح يمكن النقاش حوله وتطويره والالتقاء في مناطق وسطى كما تتطلب السياسة، ومن طروحاته انه كان يؤمن باننا امة وشعب واحد ولكن التسمية الكلدانية هي الصحيحة، وهذا واضح ايضا في بداية بيانه المعلن، حينما يخاطب جميع ابناء امتنا بكل مسمياتهم، فهنا هو يعلن فعل الايمان الحقيقي بوحدة الامة والشعب والقومية لانها مصطلحات لشئ واحد ولكن باختلاف المناسبات خصوصا لدى شعبنا، ويشاركنا في هذه الحالة الشعب الكوردي. ولكن اثار الدفع والضغط ومحاولة زرع الفتن مهما كانت النتائج وخيمة العاقبة للجميع من قبل البعض، واضحة حينما يميز البيان بين الكلدان والاشوريين والسريان، ويجعل من نفسه المدافع عن الكنيسة الكلدانية. ولعل من الامور الخطرة في البيان هو العودة الى استعمال مصطلحات غير موفقة واقصائية وعفى عليها الزمن مع زوال الحكومات الدكتاتورية ومع ما نشاهده من رمي الحكام في مزابل التاريخ.
اذ كنا نحن الناس المتواضعين ممن لا حول ولا قوة لهم، اذا كنا نحن ممن ينتظرون الرحمة من قياداتنا الباسلة والعظيمة، ندرك ان حال (الكلدان السريان الاشوريون) لا تسر العدو، ان كان من هناك عدوا لنا، بصفتنا كلدان سريان اشوريين، بمعنى ان كنا محسوبين  اصلا على خلق الله في العراق او جواره. لا ادري من يحاول ان يقنع بيان الحزب الديمقراطي الكلداني، الذي يقدم رجل ويؤخر اخرى، بين ان يكون مع الكل او ان يحاول فرض شروط بعض الموتورين من المحسوبين كتابا فقط انفصاليين، و في الحقيقة   يمكن ان ينطبق عليهم وصف مهاكب الامة ، لانهم اما لا يرون ما يحدث او لا يدركون اي منحدر ستنحدر امتهم باي تسمية سميت، لو استمر الحال على هذا المنوال.
هل يدرك من صاغ هذا البيان من هو الكلداني الاصيل والذي يحسب نفسه منهم ويسحب الاصالة عن كل كلداني يخاف مستقبل امته وشعبه، انه ذلك الفلاح والعامل والمراءة والطفل والشيخ ممن يتمسكون بارضهم وبارتباطهم بها مع محافظتهم على خصوصياتهم القومية التي لا تختلف عن الخصوصية القومية لمن تسمى بالاشورية او السريانية. واذا كان البعض يود التلاعب على كلمات مثل الهوية القومية الكلدانية واللغة الكلدانية والتاريخ الكلداني وغيرها من كلمات التي يعتقد انه بترديدها سيمنح للكلدان خصوصية قومية متميزة عن الاشورية والسريانية فهو واهم، لانه بعدم فهمه وحدة شعبه القومية والمصلحة الحقيقة لارتباطهم سوية وبوحدة قوية لصنع المستقبل المشترك، يصرح بدون شعور بانه لا يفهم في المفهوم القومي والعمل القومي اي شئ. لا بل ان هذا البعض يعلنها وبصريح العبارة ان مستقبل الكلدان ليس هو المهم بل المهم هو الانتصار على الاشورية، لانها الغريم وليس من اغتصب الارض وذبح الشعب وعرب الناس.
كان على الحزب الديمقراطي الكلداني وهو المؤمن باننا شعب وقومية واحدة وان تسميتنا الصحيحة هي الكلدانية وليست الاشورية ان يكون  اول من يجب ان يدرك ان التسمية القطارية، هو اضطرار لتحقيق وحدة القرار، فالذي يؤمن بان تسميته كلدانية ليس مضطرا للتخلي عنها، وهكذا الامر بالنسبة للاشوري والسرياني وهو حل لما يعانيه شعبنا في سوريا وتركيا ايضا من الاشكالية، وهو حل مؤقت لحين ازالة الحساسيات التسموية والاتفاق على تسمية واحدة. انه حل يحفظ وحدة الشعب ويرسخ حقوقه في قوانين هذه البلدان، ولكن هل يتم افهام الجميع بهذه الصورة، ام يتم اعلامهم بان هناك غالب ومغلوب، في الامر، وهو الامر الغير الصحيح انما يردده مضللي ابناء امتهم لاجل تنفيذ احقاد فئوية شخصية لا غير.
هل يريد اصحاب هذا البيان ان يقسم شعبنا قانونيا بين الكلدان والاشورين ويبقى السريان خارج السرب، وهل سيضمن اصحاب البيان وجود عدد كافي من الناس لفرض تطبيق القوانين الدستورية، وهل يفهم اصحاب البيان اصلا ان من يتغنيى بالكلدانية المنفصلة عن ذاتها الاشورية والسريانية، يذبحون اول ما يذبحون الكلدانية، ولكن الحقد والتعصب لا يربهم الا ان هناك اشوري مغتصب لحق كلداني بادعاء كاذب وغير صحيح، لانه لو تحقق المطلوب وسارت الامور بشكل سليم فان تحقيق طموحات شعبنا ستجعل من الكل واحدا ولن تميز الكلداني عن الاشوري والسرياني لانهم سيتكلمون لهجة موحدة فوق اللهجات القروية وسيتوزعون في كل قرانا ومدننا ويختلطون مما سيخلق وحدة لا تقسمها الكنائس.
اننا ندرك ان شعبا، بقى مئات السنين، خاضعا للاخرين، يفرضون عليه قوانيهم ومفاهيمهم وحتى عاداتهم وقيمهم ولغتهم، شعبا كان هذا حاله، فانه بلا شك يحمل نقاط ضعف قوية، مما جعله غير قادر على مقاومة عوامل الضعف، ويكون قابلا لمسايرة الاخرين للحفاظ على الوجود. الا ان على القادة ان يدركو ان حقوق الشعب، هو الاهم ويتجاوزوا الانقسام الكنسي المقيت، في كل الامور وان يزيدوا من عوامل قوته ومنعته وليس اثارة المزيد من عوامل الضعف فيه، وخصوصا ان هناك اتفاق على ترك الامور المستعصية لنحل مستقبلا، وان هناك اتفاق على التسمية القطارية كحل مؤقت لحين الاتفاق على الاصلح. بضعفه شعبنا تمكن في مراحل من تحقيق انجازات كبيرة ومهمة، ولعل مجرد بقاءه رغم كل المذابح التي تعرض لها هو اعجوبة من اعاجيب التاريخ، لان من استهدفه كان يحاصره من كل الجهات، ورغم ذلك استمر يعطي بقوة مدد الاستمرار للاجيال الاتية. ولكن امراض العصر ولعل الهجرة احداها كانت ضربة موجعة جدا، ومغرياتها الكاذبة والواقع الامني والاقتصادي يهدد مستقبل الشعب بكل تسمياته. وهو امر استمرينا في قوله ويدركه الجميع.
ان بيان الحزب الديمقراطي الكلداني يحاول ان يفرض شروطه من موقع المدرك لكل الاخطار التي تحيق بشعبه، وان لم يكن مدركا فهنا الطامة الكبرى. اي نعم يجب ان يكون مدركا، لكل موازين القوى السياسية، وان يكون واعيا لاسلوب العمل السياسي الذي يتطلب الاخذ والعطاء وابقاء التواصل، لان هذا هو واجب الحزب السياسي و بدون ذلك لن تقيم لشعبنا قائمة.
انها لعبة مملة هذه، الاستمرار في ترديد امور يرددها الانسان العادي الغير الملم بحقائق الامور، وكيف تكونت، وكيف يمكن اليوم ان تفرض على شعب يعيش في خمسة بلدان يعتبر عيشه فيها موطنا اصليا، وبلدان اخرى في العالم تبلغ اكثر من اربعين بلدان، ان يفرض من العراق شروطا عليهم، في امور بقوا يستمرون على ممارستها، انه عدم اهتمام بمصير اكثر من نصف شعبنا من سوريا وتركيا وايران ولبنان او من اصولها. ان محاولة العودة الى نقطة الصفر في كل الامور والغاء الانجازات التي هي ميراث للشعب كله  وقدم الكثير لاجل ترسيخها، يعني الدخول الى دائرة من الجدالات لن تقدم لشعبنا الا المستقبل المظلم. لا احاول ان افرض معتقداتي، ولكن يجب ان ندرك ان الحوار والحوار هو الحل. وسبحان من لا يخطأ.
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ