المحرر موضوع: انه حق، ولكنه دستوري ايضا  (زيارة 1577 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
انه حق، ولكنه دستوري ايضا
« في: 23:24 21/08/2011 »
انه حق، ولكنه دستوري ايضا


تيري بطرس
bebedematy@web.de

التحركات الاخيرة لوفد تجمع تنظيمات شعبنا في بغداد كانت جيدة لو اعتمدنا على ما نشرته وسائل الاعلام المختلفة. وكانت ردود فعل التي تلقتها هذه التحركات لحد الان مبشرة وواعدة. طبعا من المنتظر ان تتوسع التحركات لتشمل كل الكتل السياسية، وذلك لحشد التايد للفكرة. ولنا الثقة ان الوفد متمكن من ان يقوم بواجبه وان يطرح الفكرة بضرورتها القومية لشعبنا، لانها فكرة انقاذ شعب تحيق به كل عوامل المؤدية الى الاندثار والانصهار، مما سيؤدي الى زوال شعب يعتبر بحق حامل اقدم ارث العراقيين بشكل اكثر صفاء من الاخرين.

نحن كلنا مقتنعين ان استحداث محافظة او اي منطقة ادارية هو حق دستوري، كفله الدستور العراقي ومنحه مخارج قانونية، ولعل اهمها استفتاء اهالي المنطقة المشمولة بهذا الاستحداث ولم يمنحه لرئيس مجلس النواب او للمحافظ، والا ما معنى الارادة الشعبية وان السلطة منبثقة عن الشعب وارادته. واذا كان هناك من يحاول وضع خطوط حمر، وكأن محافظة نينوى هي ملكية خاصة، فنقول ان الامر لا يستقيم مع المفهوم القانوني لدولة يسيرها القانون وليس ارادات اشخاص مهما كان موقعهم. ان محاولة فرض الارادات ولوي الاذرع دون اي وازع اخلاقي او قانوني، امر مثير للاستغراب من اناس يدعون محاربة الظلم، ويدرك ان اهل المنطقة لهم مطلق الحق في العمل بما يحقق مصالحهم وهو في ذات الوقت مصلحة للوطن وللمكونات المتعايشة وبالضرورة، والامر لا يلحق اي ضرر بمكونات محافظة نينوى الاخرين، الا اذا قلنا ان المعترضون يسرقون خيرات المحافظة لصالحهم ولصالح من يواليهم، حارمين ابناء نينوى وسهلها من حقوقهم الطبيعية. يدرك الجميع ان معاناة الكلدان السريان الاشوريين والازيدية والشبك، ليست وليدة اليوم، بل تعرضت هذه المكونات ليس فقط للتهميش والنبذ، بل تعرضت في تاريخها القريب والبعيد، للمذابح العديدة، وتعرضت للشك بالولاء للوطن، بل تعرضت لفرض امور كثيرة عليها، لكي تساير اغلبية ما، وان ما تعرضت له كان على يد جيرانهم الاقربين وكانت لاسباب دينية اوطائفية او قومية، ونكران هذه المعاناة يعني ان الناكر مستعد للاستمرار بها ولو بوسائل اخرى، انه دين تاريخي على الجيران الوفاء ولو  بقسط قليل منه، وهنا القسط القليل هو تشكيل محافظة تقيهم التعرض للظلم والتهميش. وبالرغم من التأييد المستحصل من قوى وطنية مختلفة، الا ان على الوفد القائم بالتفاوض وطرح القضية على نطاق البحث ان يدرك، ان الاقوال قد تختلف عن الافعال، ففي النهاية تسير السياسة وفق المصالح وليس المبأدي. وهنا علينا ان ندرك ما هي المصالح التي يمكن ان يضحي بها العاملون من اجل الوقوف بوجه طموحات ابناء المنطقة المشروعة والمتوافقة مع القانون القائم. وعلينا ان نلم بحقيقة مواقف الكتل التي ابدت موقفا متفهما من القضية، وان كانت هذه المواقف اولية و فقط لذر الرماد في العيون، او انها لتحجيم بعض الاطراف، ولكن حين يحين الجد، قد تختلف مواقفها، تبعا لمصالح فئوية.

صار من مستلزمات من يعارض الفكرة انها محاولة لتقسيم العراق، وكان انشاء دهوك وصلاح الدين والنجف كان تقسيما للعراق بداية سبعينيات القرن الماضي، او ان الفدرالية القائمة في اقليم كوردستان، والمطالب بها في الجنوب او البصرة او الانبار هو تقسيم للعراق، او ان القوي يحصل على ما يريد وما على الضعيف الا انتظار الفتات.  ويقول البعض ان  ((المطالبة  باقامة المحافظة ستعيد الخلافات الدينية والمذهبية داخل المجتمع، وان هذه المطالبات ستؤثر في اندماج المسيحيين في المجتمع الموصلي، والالمحافظة المطالب بها هي على اساس ديني ومذهبي و ابناء نينوى من المسيحيين انما هم مواطنون من الدرجة الاولى ولابد ان يبقوا في ارضهم التي كانوا ولا زالوا يعيشون فيها بسلام جنباً الى جنب مع اخوانهم من المسلمين وبقية المكونات والاطياف الاخرى)) من الواضح ان كل ما سبق هو ادعاءات كذبتها الممارسات بحق شعبنا ليس اليوم بل على مر التاريخ، وكان الخلافات المذهبية الشيعية السنية منذ معركة الجمل، كانت بسبب هذه المطالب. ان المحافظة التي ستظم الكلدان السريان الاشورين والازيدية والشبك، بالتاكيد لن تكون محافظة على اساس ديني او طائفي ولو كانت كذلك لكانت صلاح الدين والرمادي والنجف وغيرها على نفس الاساس لانها تظم اقل عدد من تلاوين المجتمع العراقي مما يظم سهل نينوى،  فكيف يقبل بها الدستور؟ ومن الواضح ان تحركات السيد النجيفي هو العمل من اجل واد الفكرة من خلال الالتفاف عليها بكل السبل ولو من خلال بعض رجال الدين المسيحي وهذا وواذح من مسارعته الانتقال الى نينوى والالتقاء ببعض رجال الدين المسيحي، الذين ننتظر منهم درجة عالية من الوعي والادراك والتفاعل مع نبض من يخدمونهم دينيا، ان تحويل معاناة ابناء شعبنا الى مشكلة توظيف فقط هو عملية اعتبارنا مجموعة يمكن ان يضحك عليهم ببعض عبارات المجاملة والتعاطف .

 انه من الواضح ان المتمسكين بالنوع البروسي من الدولة، اي الدولة المركزية المستندة في قوتها على جيش جرار، لا يمكنهم تغيير افكارهم، ولا ان يروا ان اغلب دول العالم وحتى الغير الفدرالية، باتت تمنح اقاليمها صلاحيات واسعة، وتوزع صلاحيات المركز الى الاطرف، لكي تضيف حيوية على الدولة. ولكي تتحقق حقوق الاطراف المختلفة، سؤاء كانت هذه الحقوق، الحقوق الطبيعية في توزيع الدخل والتوظيف وتقديم الخدمات الاخرى، او الحقوق القومية من تعليم اللغة وتطوير المفاهيم القومية وانسنتها من خلال ممارسة الهوية بلا خوف وبلا رعب، من الضياع والانصهار او من التهدي والوعيد.

ان وضوح طرح الوفد القائم بالتفاوض، والذي نتطلع ان يردف باشخاص مؤهلين، من اختصاصات مختلفة، ومنها القانونية والاقتصادية والادارية وشؤون التعايش الاثني، يعمل من ويزود الوفد بالنصائح والتوضيحات، مع الاستمرار في التعاون والانفتاح على كل مكونات محافظة نينوى، وليس فقط مكونات سهل نينوى، وان كانت بعض الاطراف تعارض الفكرة،  الا انه يجب ان لا تفتت في عضدنا وتجعلنا نتراجع عنها. ان التواصل مع المعارضين امر مهم لمعرفة تحركات كل الاطراف وميل مصالحها. ان تطوير المنطقة اقتصاديا وسياحيا وعلميا، سيكون دعما للعراق ولكنه بالتاكيد سيكون دعما للمناطق المجاورة ايضا وبالخصوص بقية مناطق محافظة نينوى واربيل ودهوك، نتيجة لترابطها من نواحي كثيرة. وعلى هذه النقطة يجب ان يحدث التركيز، ان المنطقة بالاظافة الى امكانية ان تكون منطقة سياحية وصناعية و مركز للطبابة المتطورة، فانها ستكون رئة العراق الاكثر انفتاحا، مما سيعطي انطباعا جيدا للعراق  كله، هذا بالاظافة الى الانطباع الذي سيخلقه قيام العراق بالعمل الجاد والحقيقي لحماية كل مكوناته، لدى العالم والامم المتحدة والمنظمات الانسانية والحقوقية الدولية، ان تحقق الامر سيكون ذلك اظافة لقوة العراق في المجتمع الدولي، لان قوة الدول لم تعد تقاس بقوة جيوشها.

من المهم بالتأكيد ان لا يلعب الاختلاف بين الاطراف المختلفة حول امور معينة، دورا سلبيا في الوصول الى طموح شعبنا، يجب ان نتعلم التعايش مع الاختلاف والوصول الى الاهداف العليا التي لا اختلاف عليها. وبهذا الصدد هناك ترحيب من قبل الجميع بظم جهود كل الاطراف لدعم الفكرة، لانها فكرة من اجل انقاذ شعبنا والازيدية والشبك، من فرض قيم وعادات عليهم، تؤثر سلبا في تطوير الذات القومية المستلبة منذ امند بعيد، بفعل الفرض السلطوي، للسلطات المختلفة.
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ