الكنيسة الكاثوليكية النمساوية تختار الفنان الراحل لوثر ايشو ادم رمزا للتسامح والمحبة 
عنكاوا كوم – النمسا – بولص ادم في يوم الكنيسة العالمي، اختارت الكنيسة الكاثوليكية النمساوية، الفنان العراقي الراحل لوثر ايشو ادم، ليكون تأبينه المهيب، تذكيرا بقيم التسامح ونبذ العنف والكراهية بين البشر في العالم، حيث انه جسد تلك القيم، في شخصيته الأنسانية وانجازه الفني، كانسان متواضع وظف طاقته الأبداعية وبحرفية عالية، المكتنزة بالتحضر والثقافة الأصيلة، وظفها وبذرها في السطوح الخصبة لتنبت في كل واحة فنية مسقية بريشته، غابات خضراء ومشاتل زهور بألوان تحمل كل ايحاءات الجمال ودلالات العرض الواعي والرصين، فالموضوع عند لوثر، كان شعبه وبلاده والكائنات، الجذور والمعاصرة، النور والظلام. في حياة حزينة وفي قمة التراجيديا، حيث انه عانى ماعاناه شعبه ونقله بأمانة وبمستوى فني رفيع من خلال مجموعاته التشكيلية، وتمكن من ايصال رسالة قوية الى كل العيون والعقول التي يؤسفها اهانة الأنسان وتدمير حضارته في العالم، واثبت بأن ارادة الأنسان وامله يعلوان ولاينطفئان مهما كان الضد قبيحا ووحشيا.
وانطلق القداس الألهي بحضور صورة ضوئية كبيرة للفنان الراحل، سلطت على شاشة على يمين المذبح في كنيسة -تريفلنغ- صبيجة يوم الأحد، الثالث والعشرين من اكتوبر، بحضور كثيف، وقد مثل الحكومة النمساوية، السيد فريدريك بيرنهوفر، رئيس برلمان مقاطعة النمسا العليا وبحضور ومشاركة شقيقي الراحل، كل من الفنان الشاعر بولص ايشو ادم وزوجته لودميلا و مازن ايشو ادم، فقد قدم بولص ادم رموز الأمل والسلام من خلال ارث الفنان الراحل وتسليط الضوء على غوص لوثر في الأعماق بحثا عن الحرية والعشبة المفقودة ! بينما رتل مازن ادم بصوته الجميل حاملا نموذجا رمزيا للحمامة التي حلقت على خلفية الفناء والموت في لوحة من معرض لوثر الأخير في بغديدا العراقية اذ كان معرضه الوداعي، صرخة مدوية بعد كبتها عقودا، ضد القتلة والمجرمين، وخلد شهداء المحبة في بلاده وكل فعلة السلام والبناء على ارض اجدادنا وحضارتنا المعروفة وشعبها العريق. هذا وقد تصدرت قاعة الكنيسة جدارية ثلاثية للفنان الراحل بعنوان- كائنات حية- .
وقدم الدكتور هيرمان دايسنغر عرضا قيما عن الرموز الأنسانية لحضارة بلاد ما بين النهرين و ظروف الشعب الصعبة والمؤلمة حاليا، واكد على التعايش الأخوي واهمية تكريسه من خلال عرض زهور لوثر المقطعة والتي اعاد تركيبها وربطها ساقا على ساق وغصنا بغصن لتستمر الحياة الملونة في لوحاته الأخيرة، وهو ابتكار مدهش وقعه شديد في النفوس، تخلل عرض الدكتور هيرمان، الأستشادة ايضا بالأبداع الذي قدمه الخطاطون العراقيون في خط وكتابة البسملة ووضع امثلة متنوعة للخطوط الجميلة التي كتب بها لفظ الجلالة، الله، في القرآن ، وتلك اشارة تستحق التقدير، من ناحية الأحترام والمحبة بين البشر في كل مكان وزمان. فمثلما شارك المئات من الأخوات والأخوة من مختلف الأديان والأنتماءات في تشييع فقيدنا الراحل في مسقط رأسه في قرية ديري، وظهور اول عمل ابداعي تأثرا بخبر وفاته الفاجع والصادم من قبل الشاعر الرائع، مروان ياسين الدليمي، وتلك دلالة حية على عظمة المحبة بيننا، ولن يدنس هذا المبدأ قطيع خنازير العصر.
وبعد انتهاء القداس، قدم فريدريك بيرنهوفر، فهما عميقا لأهمية الفن في المجتمعات، لكونه العنصر الحيوي في عكس روح العصر وتفاعلاته الثقافية، لتعقبه كلمة مؤرخة الفن، الكتورة بريجيتا رويتنر، وهي مديرة جناح الغرافيك والفوتوغراف في متحف الحداثة العالمي، متحف لينتوس في مدينة لينتز، فقد اكدت على عمق ادراك الراحل لوثر للفن ومميزات اعماله وخصوصياتها، وقدمت طلبا بضم عملين من المجموعة الغرافيكية للفنان الراحل لوثر، الى المجموعة العالمية التي ستعرض لاحقا في متحف لينتوس.
وفي تمام الساعة السابعة من مساء اليوم التالي، الرابع والعشرين من اكتوبر الحالي، تم افتتاح المعرض الشخصي الثاني للفنان الراحل لوثر ايشو ادم في النمسا، مدينة لينتز، وهو عرض تذكاري شرفي واستعادي، ويستمر لمدة شهر وذلك في قاعة الدكتور ارنست بلوخل، علما بأن الفنان الراحل، سبق وان اكد قبل ايام من وفاته رغبته حضور وافتتاح معرضه الشخصي الثاني في النمسا شخصيا، وذلك قبل ايام من وفاته.
