المحرر موضوع: أِعادة أِعمار كنيسة ( سيدة النجاة ) تُرهق خزينة العراق !!  (زيارة 1189 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل علي فهد ياسين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 467
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أِعادة أِعمار كنيسة ( سيدة النجاة ) تُرهق خزينة العراق !!
لابد أن نشير بدءاً أن أِعادة أعمار كنيسة ( سيدة النجاة ) في بغداد , لازال مشروعاً , من آلاف المشاريع المعلن عنها في تصريحات المسؤولين العراقيين , هذا يعني أن ملفها له رقم وتاريخ كغيره من المشاريع المكدسة على الرفوف ,رغم أِنها تمثل قضية رأي عام عراقي ودولي ضجً له العالم بأسره في وقت حدوثها , لأنها استهدفت موقعاً مقدساً لأِخوتنا المسيحيين , أبناء العراق , الوطن الجامع لمواطنيه على قيم الحياة المشتركة , قبل فرض تعاليم ومناهج الدكتاتورية المدمرة في الربع الأخير من القرن الماضي .
في الحادي والثلاثين من اُكتوبر من العام الماضي حدثت مجزرة كنيسة ( سيدة النجاة ) في بغداد , والتي تبنت فصولها مجاميع القتل فيما يسمى ( بدولة العراق الأِسلامية !) , ووقفنا مع العالم أجمع على جسامة التضحيات التي ترتبت على الفعل البربري الذي أستهدف الأبرياء فيها , أِضافةً الى الهدف السياسي منها , وقد أجمعت كل الجهات والأفراد , على أن الهدف الرئيسي منها كان سياسياً بحتاً وبلا جدال !, وقد تصرفت الحكومة ممثلة برئيس الوزراء , بحكمة سياسية وأِنسانية لترد على الجناة بمايناسب فعلهم ويُفرغهُ من محتواه وأهدافه , ونجحت في أدائها الأعلامي المطلوب وفي ردها على جهة الفعل الاِجرامي لصالح وحدة نسيج العراقييين المستعصي على التمزيق منذُ بدء الخليقة !,ولأن الحدث نوعي وجسيم , كان لابد من الرد عليه بمستوى يفرغه من أهدافه وبسرعة تمنع تكراره , لكن الذي حدث بعد حين لايرقى الى مستويات الفعل الذي رافقه , حتى وصلنا الى تحويله الى رقم في سلسلة الاحداث المشابهة له رغم خصوصيته , وهاكم ماحدث من سيناريوهات بائسة في معالجته :
1 .في التاسع من تشرين الثاني , زار رئيس الوزراء الكنيسة برفقة وزير الصناعة والمعادن فوزي فرانسوا حريري ووزيرة حقوق الأنسان وجدان ميخائيل وعدد من كبار الشخصيات المسيحية .
2. في اليوم الثاني , أي في العاشر من تشرين الثاني أقر مجلس الوزراء أِعادة أِعمار الكنيسة ( فوراً !) .
3. في نفس اليوم , النائب يونادم كنا , رئيس قائمة الرافدين المسيحية في البرلمان يصرح ( أن الحكومة تحملت مسؤولياتها   وأِن عملية الأِعمار ستكون صفعة قوية للأِرهابيين!.
4. وزيرة الأِسكان والأِعمار بيان دزئي صرًحت : سنعمل على تنفيذ قرار مجلس الوزراء بأسرع وقت ممكن وبجهود اِستثنائية !.
5. مدير عام شركة الفاو الهندسية , اِحدى تشكيلات وزارة الأِسكان والأِعمار , يصرح في التاسع والعشرين من تشرين الثاني من العام الماضي , باشرت شركة الفاو باِعادة اِعمار الكنيسة من خلال البدء بتقييم الأضرار !!!!
اليوم نحن في الثامن والعشرين من أُكتوبر من العام 2011 , بعد ثلاثة أيام ستكون الذكرى الأولى للمجزرة , وسيكون ذلك موعداً لأهالي الضحايا ومحبيهم ولكل الشرفاء في العالم , لأستذكار الشهداء الأبرياء المنضمين الى قوائم طويلة من العراقيين لاتُجمع ولاتُحصى !, وأمام خارطة التصريحات السياسية التي رافقت الحدث في حينه وتصورت أنها ( أحتوته !) , يكون لزاماَ علينا قراءة طريقة اِستذكاره ومحاولة ( ترميمه !) البائسة والشنيعة من قبل المسؤولين , وبطريقة تستخف بالحدث أصلاً وتتخبط في أساليب ( الأستفادة منه !) سياسياً وأِنسانياً , وتجهل مسؤولياتها في التعامل معه وتضميد جراحه
ليكون نموذجاً للرد على المجرمين وللحوار البناء مع الضحايا من أجل غدٍ جامع للوطن وأبنائه .
بالأمس صرح وزير السكان والأِعمار محمد الدراجي , أن وزارته رصدت مبلغ ( 700 ) مليون دينار عراقي لأعادة أِعمار كنيسة ( سيدة النجاة ) !,لكن الوزير أردف , أن عملية الأِعمار تحتاج الى مبالغ أِضافية بنسبة 150 % من المبلغ المرصود لأكمالها !!. جاء ذلك خلال زيارته الى الكنيسة وسط بهرجة اِعلامية تستحقها الكنيسة !.
الحصيلة ياسادة هي أن اِعمار كنيسة ( سيدة النجاة ) الذي كان في تصريحات الحكومة ( فوري ويمثل صفعة قوية للارهابيين ويدلل على وحدة العراقيين ) لم يبدء الى الآن , ولم يرصد له الا مبلغ 700 مليون دينار عراقي من ميزانية وزارة الأسكان والأعمار !, وهو مبلغ لايساوي ثمن قطعة أرض تمنح لأي نائب أو مسؤول حكومي مقرب من فلان وعلان في موقع مميز في بغداد ! , وزير الأسكان والأعمار الذي زار الكنيسة بالأمس يعترف بأن المبلغ لايكفي وهو الموقع عليه ! , في سيناريو مضحك ومبكي يمثل أحدى صور المهازل التي نعيشها منذ عقود , رغم تصورنا بأننا نعيش عهداً جديداً بعد عقود القحط النساني الذي عشناه مع عصابات البعث المقيت !.
كنيسة ( سيدة النجاة ) أِحدى جواهر بغداد , حاملة على كفتيها وأذرعها أنوار التسامح والعفه وغدران الارتواء من مناهل الحضارات التي توجت بغداد عاصمةً للجمال الأنساني الذي كنا ننهل منه أحفاداً لأجيالٍ تعلمنا منها العيش المشترك والجوار المقدس لمواقع العبادات التي جمعت العراقيين ولم تفرقهم , كنيسة النجاة لم تكن جدراناً لفندق أو دائرة حكومية أنتشرت فيهما ( الأرضة ) وحل هدمهما , ولاكانت مبغى ولاقاطعة لشارعٍ في تنظيمٍ هندسييٍ جديد ضمن برنامج تطوير العاصمة !, هذه الكنيسة ياسادة اِحدى معالم بغداد المعمارية الراقية حتى بدون النظر الى قدسيتها !, وهي بهذا المعنى أشرف وأطهر من كل البيوتات التي تحاك فيها المؤامرات والدسائس السياسية وغير الأخلاقية التي وصلت روائحها العفنه الى سكان القبور بعد أن أغرقت الأحياء وحولتهم الى تماثيل خشبيه تبحث عن عناوينها في ساحات  صراعاتكم الممهورة بدماء الأبرياء.
لقد رصدتم ( 250 ) مليون دولار ( لتأهيل!) فنادق في بغداد لأستضافة ( رؤساء العرب !) في مؤتمر قمة لهم في بغداد تستجدون الموافقات عليه من المتآمرين والمحرضين على قتل العراقيين في مايسمى ( بجامعة الدول العربية ) ! , مالذي كان يحصل لو اِستقطعتم (1%) من هذا المبلغ لأعادة أِعمار هذه الكنيسة التي هي أشرف من كل ضيوفكم في ذاك المؤتمر الذي لن يعقد في بغداد لسببٍ بسيط هو أن ضيوفكم لايريدون لشعبكم الخير , وهم يقولونها لكم أفعالا على الأرض وأنتم عارفون !, لكن ألسنتكم مربوطة دون فضحهم لالشيئ الأ لأستصغار أنفسكم أمام أسمائهم ومناصبهم الورقية !!.
لقد مر عام كامل على المجزرة دون أن يعاد اِعمار الكنيسة التي أستشهد فيها وجرح عشرات العراقيين من جميع الطوائف بين من كان داخلها أو في حراساتها أو ممن ساهم في تحرير الرهائن فيها , وهي بذلك تمثل وحدة أبناء العراق حتى في حادثة العتداء عليها , فهل نظرتم الى ذلك في تقيمكم للحدث ؟, وهل جعلتم من واقعتها نموذجاً للبناء السياسي والروحي ليعينكم على تفكيك الأستعصاء الذي أدخلتم الشعب فيه ؟ , وهل تتعضون من أدائكم الهزيل في هذه الواقعة النسانية الكبيرة وتعيدون حساباتكم مجتمعين لتكون كنيسة النجاة سبباً ومحوراً لجمعكم بعد أن فرقتكم عصبياتكم وتحزبكم ؟ أم ستتركون وزارة الأعمار تعيد علينا بين الحين واللآخر ( اِنجازاتها !) كما الوزارات الأخرى وتبقى كنيسة (سيدة النجاة ) رقم ملف في أدراج الوزارة .
 
علي فهد ياسين