المحرر موضوع: الأنغلاق على الذات/ القومية الكلدانية نموذجا  (زيارة 1417 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالاحد سليمان بولص

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2135
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأنغلاق على الذات
القومية الكلدانية نموذجا

بدءا تجب الأشارة الى أن الشعور القومي لدى الشعوب المقهورة تحت نير الأستعمار لزمن طويل وبصورة خاصة شعوب الشرق الأوسط قد بدأ في أواخر القرن التاسع عشر وبلغ أوجه في أوائل الى أواسط القرن العشرين أي قبيل أو بعد الأنعتاق من تحت نير الأستعمار وقد مرت الشعوب الأوربية بهذه المرحلة منذ قرون وأبتعدت تدريجيا عن التعصب القومي لقناعتها بأن الأنغلاق على الذات لا يمكنه أن يحل مشاكلها وبدلا من ذلك توجهت الى التعامل مع جميع الدول بالقدر الذي يخدم مصالحها الأقتصادية التي تأتي في المرتبة الأولى  في قائمة أهتماماتها.
شعوب الشرق الأوسط لا زالت أسيرة وستبقى  كذلك ربما لقرون أخرى بسبب الأنتماءات العرقية والطائفية وقلة الوعي أذ تتغنى بأمجاد الماضي رافضة القبول بأن العالم يتطلع الى ما يوسع ساحة الحقوق المدنية للبشر بعيدا عن الغيبيات التي لا زالت مسيطرة على العقلية الشرقية وبأن حياة الأنسان يجب أن تبنى على المستقبل وليس على الماضي الذي ولى من غير رجعة .
لا يشذ شعبنا سواء سمي كلدانيا أم سريانيا أو آشوريا عن هذه القاعدة حيث ركب نفس الموجة وأن متأخرا بعدة عقود عن الشعوب الأخرى المحيطة به في الوقت الذي تتجه  فيه  الحضارة البشرية نحو مبادئ حقوق الأنسان بغض النظر عن الأصل  والجنس والقومية وتقييمه بما يستحق أستنادا الى ما هو حاصل عليه وكمثال على ذلك منح جائزة نوبل للسلام لأمرأة يمنية ولأفريقيتين كتقييم فردي من دون ربط مع دولهن أو قومياتهن.
الشعب المسيحي أو ما تبقى منه في العراق هو من دون شك سليل الأمبراطوريات التي سادت في القرون الغابرة ولكنها بادت وهذا هو حكم  التاريخ والمثل يقول أن لكل زمن دولة ورجال ومجرد التفكير بأعادة تلك الأمجاد في ظل الظروف الدولية الحالية يعتبر ضربا من الخيال والبكاء على الأطلال والتعصب لما لم يعد له وجود سوف لن يخدم قضايانا المصيرية بأي شكل من الأشكال.
أن بقاء الرافديني ( كلداني/ سرياني/ آشوري) تحت حكم الغير لقرون طويلة وعدم تكافؤ الفرص  أمامه  و بسبب الضغوط والأعتداءات التي مورست ضده ولقناعته بأنه لم يعد بأمكانه أستعادة حقوقه القومية المسلوبة أخذ يفقد تدريجيا شعوره القومي وبدأ بالأبتعاد عن السياسة واللجوء الى الأعمال الحرة بغية توفير لقمة العيش الصعب لعائلته تمكنه من الأستمرار في الوجود ويا ما أكثر الذين فشلوا في توفير تلك اللقمة الأمر الذي دفعهم مجبرين على تغيير مبادئهم وقناعاتهم.
كما قلنا فأن الشعور القومي الذي ظهر للوجود لدى أبناء شعبنا متأخرا  لم يكن ليظهر لولا المحيط الذي سلك نفس الطريق قبلهم كالأتراك والعرب والكورد وغيرهم ونتيجة لذلك ظهرت أحزاب ومنظمات قومية كثيرة وتحت تسميات براقة تتغى بأسم الكلدان والسريان والآشورييين والمأخذ عليها أنها تأسست على يد بعض هواة السياسة من دون أستقطاب جماهيري وفي أغلب الحالات لم يكن لمعظم تلك الشعوب علم مسبق بتأسيس تلك الأحزاب أو الجمعيات وخاصة تلك التي تأسست في المهجرالتي لا تمثل حتما ألا القلة المحيطة بها لبعدها عن الغالبية العظمى من شعوبها سواء في الداخل أو حول العالم وتبقى غير ذات فعالية على أرض الواقع مهما علا صوت أعضائها وكثرت مؤتمراتهم النهضوية وكتاباتهم الأنترنتية.
الشعب الكلداني الذي يمثل كما يقال ثمانين بالمائة من مسيحيي العراق يمتاز بضعف شعوره القومي مقارنة مع المجتمعات المحيطة به ولذلك فشل في أيصال ولو ممثل واحد الى مجلس النواب في الأنتخابات الأخيرة وهذا الفشل يتحمل نتائجه الجميع بدءا ببعض رجال الدين الذين تدخلوا لصالح فلان وعلان أو السياسيون الذين غلبت عليهم المصالح الشخصية وحب الشهرة أو الذين ترشحوا للأنتخابات من دون أستحقاق وكذلك عامة أبناء الشعب الكلداني الذين قصروا كثيرا في المشاركة في الأنتخابات أو أعطوا أصواتهم للآخرين.
أن أي أنسان يريد أستنهاض الشعور القومي لدى أي شعب لا بد له أولا أن يهيء له قادة مؤثرين لهم مكانتهم في المجتمع  وتوفير المستلزمات التي تساهم في أيقاض هذا الشعور سواء عن طريق الأعلام أم المساعدات الأنسانية مادية كانت أم معنوية التي يحتاجها الكثيرون تجعلهم يشعرون أن هناك أناس يمكنهم الأعتماد عليهم يرعون مصالحهم بعيدا عن المصالح الشخصية وهذا لا يتم ألا بجهود مكثفة يشترك فيها الجميع وأن وضعنا الحالي وللأسف لا يؤهلنا لبناء كوخ فكيف أذا فكرنا بأقامة محافظات وأقاليم؟
أني وككلداني محايد أرى أن أكثرية المتواجدين من قياديي القومية على الساحة الكلدانية منغلق على ذاته يعلق  فشله على شماعة الآخرين ولا يعترف بكونه بعيدا عن الشعب وتطلعاته ويتخذ قراراته بدون الرجوع الى آراء الأغلبية الصامتة من أبناء قومه أم أنه من هواة  المناصب  وحصص الكعكة كما يسمونها وديدنه الأكثار من المقالات الأنفعالية وتكرار نفس النغمات المملة وأستعمال الألفاظ الجارحة ضد من يخالفهم الرأي متناسين بأن الشعب لم ينتخبهم ولم يخولهم التكلم بأسمه وبأنهم لا يمثلون ألا أنفسهم والمجاميع الصغيرة المحيطة بهم.
أقود مثلا حبذا لو أقتدت به جميع القوميات في الشرق الأوسط وهو نموذج الولايات المتحدة الأمريكية حيث أعيش أذ فيها كل القوميات والمجاميع التي خلقها الله ولكل مجموعة حق الحفاظ على خصوصياتها القومية واللغوية والحكومة الفدرالية تشجعهم على ذلك ولكن في المحصلة النهائية فأنهم جميعهم يتعلمون لغة البلد الأنكليزية ويسمون أنفسهم أمريكيين ليس كتسمية قومية وأنما كأنتماء الى وطن يتسع لجميعهم ويرعاهم من دون تفرقة أو تمييز.متى يا ترى يرى العراق ودول الشرق الأوسط مثل هذا الأنفتاح؟
عبدالاحد سليمان بولص