المحرر موضوع: الدستور: إشكالية علم العراق..!  (زيارة 800 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

المادة(12):
اولاً ـ ينظم بقانون علم العراق وشعاره ونشيده الوطني
بما يرمز الى مكونات الشعب العراقي. (الدستور العراقي)



لقد أثار قرار رئيس إقليم كوردستان السيد مسعود البارزاني حول إنزال العلم العراقي في منطقة الإقليم، فيضاّ من الملاحظات والتخرصات والإنتقادات، وتناولته بالتشريح وبالتلميح العديد من الصحف العربية والأجنبية، وكرست له العديد من القنوات الفضائية الندوات الخاصة، , وقد تناوله الكثير من الكتاب، كما وكأن الأمر ينبأ  بحدوث كارثة قومية سوف تعصف بمستقبل العراق ووحدة أراضيه..!؟

لقد فات الجميع أن أمر العلم العراقي بعد التاسع من نيسان/2003 سبق وأن تم حسم أمره عراقياّ وثبت هذا الحسم ضمنياّ في نص المادة/12 الفقرة-أولاّ من الدستور والمشار اليها في أعلاه ، ولا أظن أن قرار الإقليم قد جاء بجديد في هذا الشأن..!

فحيث أن النص الدستوري يؤكد على أن (علم العراق) ينظم بقانون كما هو الحال بالنسبة لشعاره ونشيده الوطني، وبما يرمز الى مكونات الشعب العراقي، فإن هذا يعني، وكتحصيل حاصل، إقرار ضمنياّ من قبل الدستور، والذي كتب وأقر بعد إسقاط النظام الدكتاتوري في التاسع من نيسان/2003، والذي حضي بموافقة الشعب العراقي، بعدم شرعية العلم السابق _والذي لا زال يرفع حالياّ من قبل الدولة العراقية_ وإن لم ينص على ذلك، رغم إغفال المشرع تثبيت سريان رفعه حتى إقرار قانون العلم الجديد وسريان تنفيذه، وفي تقديري إن هذا نقص كان من الممكن تلافيه في حينه..!

إن قيام رئاسة الإقليم بإنزال العلم السابق ورفع علم جمهورية 14 تموز بدلاّ عنه، لا أرى فيه خرقاّ لنص المادة الدستورية أعلاه من حيث المبدأ، ولا تعارضاّ مع أهدافها، وذلك وكما أعتقد، لسببين: أولهما، إن إقرار أي (علم) للعراق لا يمكن أن يتم دون تشريع قانون خاص كما نصت عليه الفقرة الدستورية أعلاه. وما أقدمت عليه رئاسة الإقليم من إنزال العلم السابق، وبغض النظر عن دوافع وأسباب ذلك، ورفع علم 14 تموز/1958 بدلا عنه، لم يتم بقانون كما اشارت اليه المادة الدستورية أعلاه، بل تم ذلك بمجرد (قرار) متخذ من قبل السيد رئيس الأقليم ووفقاّ لإجتهاد وجده مبرراّ لإتخاذ ذلك القرار، وبالتالي فليس في الأمر ما يحتاج الى كل هذه الضجة والتأويلات والتفسيرات المختلفة لما جاء به القرار، ويمكن في مثل هذه الأحوال القبول بالأسباب الموجبة التي وقفت وراء هذا التغيير. فإن القرار المتخذ من قبل رئاسة الإقليم ليس بقانون مشرع من قبل البرلمان، وهذا ما يسمح بإمكانية تعديله أو تغييره بل وحتى إلغائه..!

أما السبب الثاني ، ففي تقديري، هو الآخر قد إعتمد على تفسير مأخوذ من نص الفقرة (أولاّ) من المادة الدستورية المشار اليها أعلاه والذي يقول في مواصفات العلم المطلوب بأن " يرمز الى مكونات الشعب العراقي" ، وبالنتيجة فإن إختيار رئاسة الإقليم لرفع علم 14/تموز/1958 جاء موفقاّ؛ لأنه أكثر تطابقاّ من حيث المدلول والمبنى مع نص الفقرة الدستورية أعلاه لما يمثله من قيمة تأريخية وما يرمز له من وحدة وطنية، وبنفس الوقت لا يعني ذلك تثبيت علم جديد للعراق للسبب المذكور نفسه..!

 إن جوهر الأمر في تقديري،  يتعلق بمسألة شكلية فنية إستباقية، إرتبطت بتحديد الوقت المناسب للإجراء المذكور وحالة الإختيار، أكثر مما ترتبط بجوهر الموضوع نفسه، والذي لم أجد حوله خلافاّ من قبل جميع الأطراف. وليس في ذلك ما يخل أو يتعارض مع الدستور كما بينت أعلاه، ومع كل ما تقدم فإن المحكمة الإتحادية العليا هي المرجع القانوني والدستوري لحل الإشكالات التي يختلف عليها بين أطراف العلاقة الفدرالية، كما وأن البرلمان مدعو هو الآخر الى تفعيل نشاطه في تشريع القانون الخاص بعلم العراق تفادياّ لمزيد من الإشكالات وقطع الطريق على من يريد الصيد في الماء العكر..!

وحيث أن جميع الأطراف في الحكومة الإتحادية وفي حكومة الإقليم متفقة سلفاّ على ضرورة تشريع قانون جديد من قبل البرلمان وطبقاّ للنص الدستوري أعلاه يجري بموجبه تثبيت شكل ومواصفات العلم الجديد للعراق، فإنه ومن نافل القول، الأخذ بالدوافع والنوايا الحسنة المعلنة من قبل كافة الأطراف المذكورة وفي مقدمتها توضيح مكتب السيد رئيس الجمهورية وتصريحات السيد رئيس الإقليم*، إذ ليس هناك ما يبرر ما قيل ويقال من كثير الكلام، الذي أقل ما فيه أنه بعيد عن أس وجوهر المسألة المثارة، ولا يخدم مصلحة الوطن والوحدة الوطنية، وشر البلية في التأويل والتهليل والتطبيل..!
____________
*- موقع كردستان الألكتروني