المحرر موضوع: بيت القصيد ...  (زيارة 737 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حسن حاتم المذكور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 562
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بيت القصيد ...
« في: 22:21 03/01/2012 »
بيت القصيد ... 

حسن حاتم المذكور
مهما اختلفنا كسياسيين ومثقفين وناشطين في منظمات المجتمع المدني ومختلف مجالات الحراك الأجتماعي حول مأزق وفوضى الحالة الراهنة , تبقى الذاكرة العراقية مرجعيتنا , فما خط عليها كان بمداد دماء وارواح ومعاناة الملايين من بنات وابناء العراق , وما يحدث اليوم ليس منقطعاً عن الذي حدث في الأمس وقبل الأمس .
لو ابتدأنا مع ثورة 14 / تموز/ 1958 التحررية , حيث اسقطت نظاماً عميلاً كان طليعة لمنظومة التبعية والخيانة في المنطقة , انبثق عنها قائداً وطنياً كفوءً نزيهاً وضع العراق ولأول مرة في مكانه اللائق بين الأمم المتقدمة , فالشهيد الخالد عبد الكريم قاسم ومن الأيام الأولى لثورته , عبر عن ايمان عال بالوطنية العراقية وانتماءً صادقاً لشعبه , وجعل المشروع الوطني المشترك خارطة طريق نحو مستقبل افضل للعراقيين والمسحوقين منهم بشكل خاص ,وبقيادته انجزت ثورة 14 / تموزالكثير من المكاسب وجعلت من العراق شعلة للتحرر والديمقراطية في المنطقة وكسرت ظهر انظمة التبعية والعمالة للجوار وكانت رائدة داعمة لقوى السلام والتحرر في المنطقة والعالم, واصبح العراق في حينـه مصدر قلق يهدد مستقبل الأطماع غثير المشروعة لقوى الأستعمار . 
استطاعت اطراف التدخل الخارجي ان تسخر قوى الظلام والردة, في ان تفتح ثغرة في الجدار الوطني لمرور قطار المؤامرة السوداء , فكانت المجازر الدموية لأنقلابيي 08 / شباط / 1963 الفاشي .
بعد سقوط النظام البعثي في 2003 ويقضة المشروع الوطني في وعي الناس ووجدانهم وقفزة الأوضاع على سكة المستقبل العراقي وظهور بوادر اولية في حركة الأصلاح والبناء رافقتها حركة اعادة اعمار الأنسان والوطن ’ مما سبب هزة مقلقة في كيانات الأنظمة الدكتاتورية الشمولية في المنطقة, جعلتها تنقل صراعاتها والتوافقات المرحلية لأطماعها للداخل العراقي ’ فأيقظت وجندت طوابير اختراقاتها مدعومة بالمال والأعلام بغية تمرير مشاريع جرائمها نيابة عنها ’ فاحدثت كارثة في الواقع العراقي امتدت لأكثر من ثمانية اعوام عجاف .
هل حقاً ان الأزمة الدموية الراهنة في العراق سببها حكومة السيد المالكي ,ام ان هامش الحريات الديمقراطية وبعض المكاسب التي تحققت , قد سببت ازمة وهلع داخل كيانات انظمة الجوار’ انعكست صراعات دموية في الداخل العراقي ....  ؟؟؟؟
كما اسلفنا ’ ان حكومة الشهيد عبد الكريم قاسم كنتاج وطني لثورة تحررية ’ لم تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأقليمية , وليس لديها اطماع فيها , بل كانت مصدراً  داعماً للمحبة والأخاء وحسن الجوارواحترام المنافع المتبادلة ’ مع ذلك فقد تضافرت الدسائس الشريرة لأعداء الثورة من داخل العراق وخارجه , حيث تم الأجهاض على ثورة 14 تموز واغتيال قياداتها وابادة الألاف من خيرة بناتها وابناءها ’ ثم العودة بالعراق الى حضيرة التبعية والعمالة والدكتاتورية البغيضة .
ذات الذاكرة , نقرأ عليها الآن اسباب ودوافع عنف التدخلات الأقليمية والدولية في الشأن العراقي بغية اسقاط حكومة المالكي التي جاءت حصيلة انتخابات عامـة ( رغم الأخطاء التي لايمكن تجاوزها ) كحصيلة لثقل المتبقي من تركة النظام البعثي , تلك التدخلات التي كلفت العراق الملايين من الشهداء والأرامل والأيتام والمعوقين والمشردين , والمتواصلة عنفاً دموياً وخراباً شاملاً الى يومنا هذا والتي لا نرى لها نهاية على المدى المنظور .
لو افترضنا ان السيد المالكي تم استبداله عبر الطريق البرلماني بشخصية اخرى تحترم انتمائها وولائها للناس والوطن وترفض المساومة على السيادة العراقية او اي شكل من اشكال التدخل الخارجي , حريصة على ثروات العراق وجغرافيته , فهل ستمتد يد الجوار صداقة وحسن نية وتكف عن تدخلاتها وتحترم سيادة العراق وامنه واستقراره ... ؟؟؟؟ .
الذاكرة العراقية ستجيب ( كلا والف كلا ... مثل هذا لم يحصل وسوف لن يحصل ... )  ما دامت اسباب الخراب الذاتي تستهلك الآن كيانات الأنظمة الشمولية في المنطقة الى جانب الفعل المؤثر للتحولات الأيجابية ـــ رغم المآخذ ـــ للحالة العراقية , انها الآن تتآكل من داخلها وسيكون مصيرها لايختلف عن المصير المفجع للأنظمة التي سقطت .
المشكلة اذن ليس في رئيس الحكومة السيد نوري المالكي ولا في اي شخصية لاتروق لأنظمة الجوار ولا تتوافق مع حقيقة اطماعها , انها تبحث عن جلاد ( صدام ) جديد لتعيد فصاله على مقاس اجندتها , ولا يعنيها من العراق الا استباحة سيادته وفرهدة ثرواته وتقاسم جغرافيته , ولا يهمها مصير العراقيين من داخل مسلخ جلاداً جديداً .
هذا هو بيت القصيد: الذي يلف حوله البعض ويدور بعد ان شل الأعلام المأجور الأصابع التي قد تشير الى الحقائق صراحة ’ البعض ضحايا مكبلة سياسياً وفكرياً وثقافياً بشروط الأعلام الأقليمي والدولي , الذي يتلذذ الآن بمشهد موت العراقيين وخراب وطنهم , اننا جميعاً , سوف لن نقدم للعراق ما يستحقه من دعم في محنته الراهنة , ان لم نحرر وعينا وارادتنا ونستعيد يقضتنا من حالة التخدير التي اصابنا بها الحقن القاتل للأعلام المآجور .
مما تقدم ذكره : نستخلص ان هناك حقيقة تتصدر صفحات الذاكرة العراقية , يجب التأكيد عليها .
عندما يصل المأزق وفوضى الصراعات وتوقع المغامرات غير السارة  الى نقطة اللاعودة ويقترب الحبل من عنق القضية العراقية , تصبح امكانية ترقيع المتهري من الحالة آمر غير وارد , انه مضيعة للوقت والفرص وهدر لطاقات الأصلاح واعادة البناء والتقدم , هنا على الحريصين من داخل المؤسسة الحكومية ’ ان تبادر وطنياً الى الأنفتاح على القوى الخيرة من داخل المجتمع العراقي واشراكها في سد الثغرات التي قد تتركها قوى الردة والتي تحتل الآن مواقع في غاية الخطورة داخل سلطات الدولة الرئيسية والحساسة , الأمر هنا يتطلب حساً وطنياً وقرارات شجاعة تمليها المسؤولية الوطنية تجاه مستقبل الناس ووحدة وسلامة الوطن ’ اما محاولة مصالحة واسترضاء القوى الشريرة او مساومتها على المستقبل العراقي , سيفضي حتماً الى طريق الهلاك والعودة الخائبة الى احضان الأنتكاسة وضياع المكاسب والأنجازات التي تحققت بصبر ودماء وارواح العراقيين ومعاناتهم , وتلك نتيجة بائسة لا ينفع معها الندم .
هنا لايمكن التقليل من اهمية تفاعل الحركة الوطنية مع ما هو ايجابي حقاً في الحالة العراقية الجديدة , الى جانب التمسك بمشروعية النقد البناء لما هو سلبي فيها ’ ولنجعل من الأخلاص وحسن النوايا وسطاً صحياً يندمج ويتحرك فيه جميع الحريصين على مستقبل العراق , وتكون مشتركات المشروع الوطني العراقي القاسم المشترك بين الجميع .
3\1\2012