المحرر موضوع: هل الأن، وقت العلم أم العمل!؟  (زيارة 1136 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح قدوري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 148
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل الأن، وقت العلم أم العمل!؟
د.صباح قدوري

يعتبر موضوع تغير العلم العراقي ، من أحدى المواضيع التي جاءت في الدستور العراقي الجديد، والمعتمد في تشرين الأول/اكتوبر الماضي ،على اعتماد علم جديد ، لكن البرلمان لم يتمكن من التوصل الى توافق حول هذه المسالة، ولم تجد لها حلول صحيحة لحد الأن ، رغم اثارته عددة مرات، وقدم بعض المقترحات بصدده ، الأ انه  تم تجاهلها .
ان طرح هذا الموضوع من قبل السيد مسعود البرزاني مرة اخرى في هذا الوقت ، أعتقد ان توقيته لم يكون صحيحا . وهو قرار فردي ، لم يتم دراسته بعناية وعمق، ولم يتم التنسيق حتى بحد الأدنى مع زميله السيد جلال الطلباني رئيس الجمهورية، مما اصبح سيادته في موقف حرج، ويتغبط في تصريحاته ،محاولا تبرير التصرف الفردي !!!
تارة يقول أن ألسيد مسعود البرزاني تشاور معه ومع السيد رئيس الوزراء ، وتارة اخرى يقول ان القرار جاء لينزل اعلام الاحزاب ويرفع بدلا عنها علم ألدولة العراقية لثورة 14 تموز. ولم تقيم بما يترتب عليه من النتائج السلبية على العراق والمسالة الكردية، وهو بالتالي قرار سريع وارتجالي، وذلك لأنعدام  اسلوب الديمقراطي في اصدار مثل هذه القرارات المهمة والمصيرية بخصوص المسائل الأساسية، التي تنصب في عملية تطويرالمسار السياسي وافاقه المستقبلي على العراق والأقليم ، وكذلك لم يحسب الظرف الصعب والبالغ التعقيد ، الذي يمر به العراق الجديد، وتراكم مشاكله وتركها من دون ايجاد حلول لها، وهي قائمة كبيرة من المشاكل ، التي تعتبر من حيث أولياتها اكثر أهمية من مشكلة العلم في الوقت الحاضر . كمشكلة الأمن والأستقرار ، تحسين الوضع الأقتصادي والمعيشي للمواطنين ، من خلأل تقديم الخدمات الأساسية من الماء والكهرباء والوقود ، أى تامين الأمن السياسي ،الصحي ،الأجتماعي والأقتصادي لهم . ان قرار ادارة الحكم الفيدرالي في اقليم كردستان، حول أعتماد بعلم اخر بدلأ من العلم الحالي، الذي يرمز الى النظام الديكتاتوري المقبور ، تم استغلأله من قبل بعض الجهات والأشخاص، من اجل تعميق الخلأفات وافتعال الضجة ومزيد من المشاكل  ، بدلأ من تركيز على متابعة تنفيد وتحقيق مشروع المصالحة الوطنية المطروح حاليا ، مما اثارة موجة من الجدل على صعيد الداخلي  والأقليمي والدولي، الى حد وصلت تفسير هذه الحالة من قبل بعض الأوساط والقوة السياسية ، بانه محاولة عن طريق أستقلأل كردستان ، مما يشكل خطرا جديا بوحدة العراق ومستقبله ، وهي مجرد اوهام، ليست لها اية ارضية او صلة بواقح وحقيقة المسيرة السياسية التي تمر بها العراق الجديد بشكل عام واقليم كردستان الحالي بشكل خاص .

بعد اناطة مسؤولية رئاسة اقليم كردستان بالسيد مسعود البرزاني ، وتوحيد القسم الأكبر من الأدارتين فيه ، واناطة ايضا مسؤوليتها الى السيد نيجرفان البرزاني ، اصبحت أدارة الحكم الفيدرالي أمام مسؤوليات جسيمة . تنتظر منها مهمات كبيرة ومبادرات جدية للعمل، من اجل حل كثير من المشاكل المتراكمة منذو فترة طويلة ، والباقية من دون حل. يمكن تشخيص بعض هذه المشاكل على سبيل المثال لأ الحصر ، (من دون الدخول في التفاصيل)، وحصرها في المجالأت التالية :-
1- الوضع السياسي والأداري : رغم اجراء الأنتخابات الحرة لبرلمان الأقليم ، والجهود المبذولة في توحيد الأدارتين بالشكل الحالي ،وتاكيد القادة السياسين مرارا، بارجاع الهيبة الى مؤوسسات ادارة الحكم الفيدرالي ،الأ ان لأتزال ظاهرة الطغيان الحزبي الضيق من الحزبين المتنفذين اوك و حدك، واضحة في تركبتها .
ولا يمكن لأي مراقب عادي ان يميز، بان هناك فصل في السلطات الثلأث القضائية ، التشريعية والتنفيذية، والى حد ما ، حتى في مايسمى بالسلطة الرابعة( الأعلأمية) ، كل هذه المؤسسات تم احتكارها، وتسلط القرارات الحزبية عليها ، مما فقدت هيبتها وقوتها في اداء دورها بشكل مطلوب، وتهميشها في عملية صنع القرارات المصيرية ، بحيث اصبح من الصعب على الشارع الكردي ان يميز بين تسلط الحزبي على هذه المؤسسات، والسلطات الفعلية التي يجب ان تتمتع بها هذه المؤسسات.
2- يبدو ان مطاليب الشعب الكردستاني ، ظلت هاجسا تورق ويقض مضاجع حلفاء القيادة الكردية الحاكمة ، منذ سقوط الصنم وحتى يومنا هذا. أصبحت هذه القيادة اسيرة العامل الموضوعي ، وتعول علية في تحقيق سياستها ، وتركت العامل الذاتي يضعف يوما بعد يوم ، وبذلك اصبح الشعب الكردستاني، المطالب بضمان حقوقة المشروعة في وادي والقيادة الكردية في وادي اخر.
أخذت القيادات الكردية ، والتي تعطي الشرعية لنفسها ، بالتتفاوض مع المركز، في تحديد صيغة الفيدرالية القائمة حاليا ومستقبلأ ، وثبتت ذلك في الدستور العراقي الجديد وفق طروحاتها. اصبح الشعب الكردستاني بعيدا في صنع القرارات المصيرية ، بخصوص شكل ومحتوى الفيدرالية، وافاق تطورها المستقبلي ودستورها ، خطة التنمية الأقتصادية والأجتماعية المستدامة ، مسالة العلم والنشيد الوطني الكردستاني والعراقي ، الريفرندوم ، مصير كركوك وخانقين ومناطق اخرى المتحررة بعد سقوط الطاغية ، و قوات البيشمركة ، تقاسم السلطات والصلأحيات والثروة والمياه  وغيرها، كل هذه الأمور أجلت الى اجل غير مسمى .
3- ان سوء الأدارة الأقتصادية في الأقليم ، بسبب قصر الرؤية في استراتيجية التنمية الأجتماعية والأقتصادية المستدامة، واختلأل في البنية الهيكلية للنشاط الأقتصادي ، وغلبة النشاط الأقتصادي ذي طبيعة الأستهلأكية على الأنتاجية ، اهمال ملحوظ في تاهيل واعادة وبناء البنية التحتية الضرورية لتطوير وانتعاش الأقتصادي، وفي مقدمتها توفير مياه صالحة للشرب، الكهرباء والوقود ، والنقل والمواصلأت، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والأجتماعية...الخ، حدثت فجوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء، مع تفاقم حجم البطالة، والبطالة المقنعة، اذ هناك اكثر من مليون موظف يستلمون الرواتب من الحكومة الأقليمية ، وعادة يتم تعين موظفي الحكومة بتزكية من الحزبين الحاكمين.
وان التظاهرات الأخيرة التي شملت معظم مدن كردستان، خير دليل على تعبير الشعب ،عن تذمره ازاء نهج السياسة الأقتصادية غير شفافة ، والتي تستند أسسها على الخلفية الأيدولوجية والفكرية التي تعتمدها هذه الأدارة، ومبنية على ترويج وتشجع نظام الأقتصاد السوق ، وذلك تمهيدا لألتحاق المنطقة ، ومنها الأقليم بدعوات الفكر النيوليبرالي ، التي تفرضها سياسات وتوجيهات المؤسسات الدولية( صندوق نقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية ) على الأقتصاديات المتخلفة في الوقت الراهن.
اعتماد منهجية اقتصادية شفافة وواضحة لعملية التنمية الأجتماعية والأقتصادية المستدامة، وذلك من خلأل برنامج اصلأحي معلن، تحدد فيها الأهداف والأوليات، والتوجه نحو تطبيق نوع من الأقتصاد المتوازن، تحدد دور ومهام كل من القطاع العام والخاص والمشترك والتعاوني في هذه العملية، و من خلأل اعادة الأهلية والهيبة لهيئات  مؤسسات الحكم الفيدرالي والبرلمان، أقامة سلطة على مستوى الأقليم ، تحل محل ظاهرة التسلط الحزبي والعشائري والقرابة والمحسوبية والفساد الأداري والمالي المستمرة حتى الأن.
رغم توحيد معظم مؤوسسات الأدارتين ، الأ انه لأتزال هناك ميزانيتي العامة لأقليم  ، بسبب عدم توحيد وزارتين المالية لحد الأن ، مما تؤدي هذه الحالة الى أرباك في الأمور المالية العامة، وموازنة الخطة الأستثمارية ،اذ من الضروري توحيد الوزارتين باقرب فرصة ممكنة، واعداد الميزانية العامة وموازنة الخطة الأستثمارية الموحدة  للأقليم ، وطرحها للمناقشة على كافة المستويات الأدارية واقرارها من قبل البرلمان واصدارها للتنفيد على شكل قانون الميزانية  لكل سنة، وعدم تسيس هذه القضية، والوزارات الأخرى غير موحدة اكثر من ذلك .
4- تفشي ظاهرة الفساد الأداري والمالي في ادارة اقليم كردستان العراق وعلى كافة المستويات الأدارية ، مما ادت الى ظهور مجموعة من تجار سوق السوداء المهيمنين على التجارة الداخلية والخارجية ، وعمليات بيع وشراء العملأت الأجنبية، تصاعد حدة المضاربات في القطاع العقاري ، من جراء بيع وشراء وتاجيرالأبنية والأراضي ،الى درجة لم تشهدها تاريخ المنطقة حتى الأن، وبعيدة عن كل اجراءات القانونية والرقابة المالية .
تهريب السلع والمحاصيل الزراعية والعملة الى المناطق المجاورة ، أحالة المشاريع الأستثمارية الحكومية والخاصة اليهم ، وهم مدعومين من بعض العناصر المسؤولة في الأحزاب الحاكمة ، مقابل تقاضى الرشاوي منهم .
محاولأت لأغراء المواطنين بالمسائل المادية والمالية ، على سبيل المثال توزيع الأراضي عليهم مجانا ، او احالة المقاولأت اليهم مباشرة من دون الدخول في العطاءات والمنافسة ، وذلك لكسب تايدهم وولأءهم للأحزاب الحاكمة ، التي لأتزال تصارع من اجل السلطة والنفوذ في الأقليم .
كل هذه الأمور وغيرها تحتاج الى دراسة عميقة ، وتقتضي ان تكون ادارة حكم الفيدالية الموحدة ومؤساتها وخاصة البرلمان في مستوى الأحداث والمهمات التي من اجلها تم انتخابها من قبل الجماهير الكردستانية . يجب ان تتصف بالمعرفة والخبرة والحكمة والنزاهة، مع بذل جهود استثنائية ، في سبيل أخذ بملفات هذه المشاكل وجدولتها وتصنيفها حسب أولويتها، من خلأل رسم سياسة واضحة وصائبة وشفافة ، تستند على الرؤية الواضحة للأحداث، وتوسيع الديمقراطية من خلأل ممارستها اليومية، والعمل المشترك مع الجماهير وأحترام اراءها ، وزجها في العملية السياسية لتمارس حقها الطبيعي في عملية اتخاذ القرارات وخاصة المهمة والمصيرية منها.
وامام هذه اللوحة المصغرة والتوصيفة المركزة والبسيطة للحالة السياسية والأقتصادية والأجتماعية التي تمر بها الأقليم ، اضع امام القراء الكرام وابناء الشعب الكردستاني وكل العراقيين الخيرين ، ان تقرروا بانفسكم ،هل اليوم، ان موضوع طرح مشكلة العلم هو اهم، من المبادرة الى العمل، لحل تلك المشاكل الأساسية المشارة اليها اعلأة ؟
سؤال برسم الأجابة . ولكن حتى يتم الأجابة بشكل ملموس على هذا السؤال، يظل الشعب العراقي، والجماهير الكردستانية  يلفها الصمت والمعانات من الأرهاب والقتل والجوع والموت والفساد، وانتضار المجهول. [/b] [/size][/font]