المحرر موضوع: هل سيتحقق حلم نواطير بغديدا؟  (زيارة 724 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صفاءجميل الجميل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 164
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل سيتحقق حلم نواطير بغديدا؟

       في مقالة سابقة نشرت في موقع عنكاوا كتبت عن دور النواطير وجهودهم وتضحياتهم من اجل حماية بلداتهم وقراهم، وحفظ أمن أبناء شعبهم فيها.. ونوّهت إلى وجوب تكريمهم لما قاموا ومازالوا يقومون به، كأن تمنح لهم قطع أراضي سكنية في مناطقهم ليؤمنّوا لعوائلهم وأولادهم مساكنا يأوون اليها ويتشبثون بأرض أجدادهم... ولو أن أيّة مكرمة تقدّم لهؤلاء، حتى أن كانت حدقات العيون، فسنبقى جميعنا مقصرّين معهم... وبالفعل قبل عدّة ايام بادر عدد من الرجال والشبان المحبين والمخلصين لتراب وتاريخ بغديدا، بتأسيس جمعية أسكان أهلية لها صفة رسمية لغرض الحصول على اراضي بمساحات كافية ومن ثم فرزها وتوزيعها على النواطير وغيرهم من اخوتهم الذين هم بأمس الحاجة الى قطعة ارض يبنون لهم عليها مسكناً... علماً أنّ عمل هذه الجمعية هو (تكليف مجاني وليس تشريفي أو ربحي)، من أجل تقديم خدمة حيوية ومهمة لهؤلاء الرجال الابطال... وقد بدأت الجمعية باستلام طلبات ومعاملات التخصيص مقابل مبلغ بسيط يُساعد منتسبي الجمعية في ترويج وإكمال الإجراءات الرسمية المطلوبة وصولاً الى منح سندات تمليك رسمية لأصحاب طلبات التخصيص... وبعون الله سترى هذه الجهود الخيّرة النور قريباً طالما يملؤها الصدق وحُسن النيّة وحبّ البذل والعطاء وتفضيل مصلحة الآخر على المصلحة الشخصية للساعين في هذا المشروع المبارك، لأنّ الرب يقول (تبارك العطاء أكثر من الأخذ- أع20/35)... وهنا أودّ أن أُذكّر أخوتي العاملين في جمعية الإسكان بأن يسعوا بكل طاقاتهم وهي متوفّرة، الى شمول جميع أخوتهم أبناء بغديدا بدون استثناء، بتخصيص قطع أراضي سكنية لهم لأنهم محرومين إلى اليوم من هذا الحق، رغم كون هذه الأراضي مُلك آبائهم وأجدادهم الذين أعطوا دماً وقطعوا مئات الكيلومترات مشياً على الاقدام في سبيل الحصول عليها ((ذهبوا إلى تركيا، وفي العودة توفّي واحد منهم هو المرحوم يوحنا عبا، وكانوا حريصين على المصلحة العامة- عن الأستاذ المرحوم عبدالمسيح بهنام/ كتاب قره قوش في كفة التاريخ/ص201 ألحاشية))... إضافة إلى أنّ هذا العمل قد يؤدّي الى أيقاف أو تقليل نزيف هجرة العديد من شباب وعوائل شعبنا الى الشتات والمجهول... وأُشير أيضاً الى ضرورة تخصيص موقع مناسب لبناء بيت الله (كنيسة أو دير) ضمن المساكن التي ستبنى قريباً، لأنّ الرب يقول (وحين تضع أول حجر في بيتي، يهتف الناس هتاف الفرح- زك2/7)... فطوبى لمن يكون السبب في جعل الناس تهتف فرحاً للرب، ويزرع في نفوسهم الأمل والتفاؤل للثبات والتشبّث بأرض الآباء والاجداد ليعود الرب فيُفيض بركاته ونعمه على أنقياء القلوب وأصفياء النيّات... وأناشد جميع أخوتي الخديديين، أصحاب الأراضي الواقعة في المناطق المؤهّلة لبناء المساكن وإيصال الخدمات البلدية اليها، أن يأخذوا دورهم المعهود وتدفعهم غيرة معلّمهم الأوحد وأجدادهم الشجعان، ويتعاونوا مع أدارة جمعية الاسكان أعلاه في بيع اراضيهم لها لإنجاح الغرض النبيل الذي من أجله تأسست هذه الجمعية ولأجله كتبت مقالتي هذه... رغم ثقتي الراسخة بأنّ الخديديين يحبّون أراضيهم ولا يفرطون بها مطلقاً ولا يسكتون اذا حاول أحد غريب المساس بها أو أخذها عنوةً، فقد ذاقوا المرارة قبل عدّة سنوات حين أستولت البلدية على مساحات كبيرة من أراضيهم لأغراض وأسباب مقصودة وبحجج واهية تنطبق عليها مقولة (كلمة حقّ يراد بها باطل). وللأسف ما زلنا نعاني بعض الشيء من نتائج تلك الأجراءات الفاسدة، وينبغي على الجميع مواطنين ومسؤولين في بغديدا، العمل سويّة بأرادة واحدة ومحبة صادقة على أزالة هذه الآثار والنتائج السيّئة التي ما زالت باقية على أراضي بغديدا بكل الطرق والصيغ التي تُشفينا من هذا المرض الوبال الذي لو لم تخفّ وطأته مؤخّراً لكان وجودنا المسيحي في العراق قد تلاشى... ونحمد الله ونشكره في كل حين، لأنّ الأصلاء والغيورين لم ولن ينقصوا أو ينعدموا في بغديدا وأسمائهم ستبقى خالدة في سفر بغديدا وأغاني أهلها ينقلوها الى أبنائهم وأجيالهم القادمة والى ما شاء الله... وبعد أن يكتمل ويتحقق هدف جمعية بناء المساكن في بغديدا سيشعر الجميع بأنهم مدعوون للبقاء في هذه الارض والدفاع عنها بأسلحة المحبة والسلام والأمن والعطاء والزراعة والصناعة والتجارة والثقافة والفنون والتربية والتعليم والصحة وببقية أسلحة بناء الحياة وليس أسلحة الحرب والدمار والتخريب والعنف والكراهية والارهاب...................................................

       وحين ننال هذا النصر الكبير سنرنّم قائلين (نسألك يا رب أن تديم مجد الذين بنوا المساكن لأبنائك في بغديدا)، كما حصل قبل آلاف السنين حين رنّم وقال عزّيا ليهوديت التي حقّقت لشعبها النصر (نسأل الله أن يديم مجدك على ما عملتيه- يهوديت13/20)... وبعد أن يستلم هؤلاء الخديديون سندات التمليك سيتذكرون ما قاله الرب على لسان يشوع بن سيراخ 29/12 (أصل المعيشة الماء والخبز واللباس وبيتاً يأوي اليه)... ونحن الشرقيين نحب أمتلاك الارض أقتداءاً بأبينا أبراهيم، فحين ماتت سارة زوجته، قدّم له عفرون الحثّي قطعة أرض هدية له ليدفنها فيها، حيث قال له (لا يا سيدي، أسمع لي، الحقل وهبته لك، والمغارة التي فيه ايضاً، هذه هبة لك مني بمشهد من بني قومي، فأدفن ميّتك- تك23/11). لكنّ أبينا أبراهيم الشهم رفض قبولها كهدية، فقال لعفرون (ليتك تسمع لي، فأعطيك ثمن الحقل، خذه منّي فأدفن ميّتي هناك- تك23/13)... وهكذا يُخبرنا الكتاب المقدس عن أبينا يعقوب وأولاده، حين ضربت المجاعة أرضهم ذهبوا الى مصر بناءاً على طلب أبنه يوسف وهو من المقرّبين لفرعون حاكم مصر الذي بحكمته كان يعرف أبناء جلدته وشدّة تعلّقهم بأرضهم، حيث قال فرعون ليوسف (قل لأخوتك... أعطيكم أجود أرض في مصر، وتأكلوا خيرات الأرض... لا تتوجّع قلوبكم على أملاككم، فأجود جميع ما في أرض مصر هو لكم- تك45/17-20)... وبعد هذا الكلام المقدّس الذي يشهد به الرب لنا، يمكننا أن نكتشف البعد التاريخي والغيرة الحكيمة من مشروع شراء وأمتلاك أراضي لبناء مساكن جديدة لأبناء شعبنا المحتاجين لها كي يقوّيهم الله ويتعمّقوا في حبّ أرضهم والتفاؤل بمستقبل أولادهم والافتخار بالماضي المبارك والمجيد لأجدادهم الذين كسبوا أكبر وأطول دعوى قضائية في التاريخ حيث طال أمدها لأكثر من سبعين سنة، ولو لم تصبهم الضائقة المالية في حينه لأكملوا مشروعهم التاريخي العظيم لو حازوا على (سندات مُلك صرف) بدلا من (سندات حقوق تصرّفية)... وبعون الله ومشيئته المباركة سيتمكّن أحفاد أولئك الغيارى من أنجاز هذا الجزء المتبقي من أجراءات التمليك الصرف فتنعم بغديدا بأرضها وأبنائها راغدة يملؤها الفرح في كلّ حين... والرب يبارك كلّ شخص وكلّ خطوة صحيحة في طريق أسعاد النواطير وعوائلهم، وكذلك الحال مع كلّ من يسعى بنيّة صادقة وقلب محبّ بتجرّد ليخدم الآخرين مجّاناً أو بثمن أتعابه لتُشرق كلمة الأنجيل على لسان القديس بولس (يجب أن لا يسعى أحدٌ الى مصلحته، بل الى مصلحة غيره- 1 كور10/24)... وأذا أتّبعنا هذا النهج في أيامنا الحالية فلا بد أن يستجيب الرب لنا، لأنّه له المجد يتفاعل معنا ويعمل معجزاته فينا حين تكون قلوبنا نظيفة ومخلصة له وصادقة معه سرّاً وعلناً وبأرادة وثقة تامّة به تعالى، وأن توحّدت رغباتنا كلّها مع وصيته لنا على لسان مار بولس الرسول (...مهما عملتم، فأعملوا كلّ شيء لمجد الله- 1 كور10/31)... ومنك نطلب العون والقوّة والثقة، آمين يا رب.