المحرر موضوع: الامبراطورية  (زيارة 3312 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل البرت ناصر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 220
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الامبراطورية
« في: 16:14 10/03/2012 »
الأمبراطورية

أمبر – آتور - أيا


البرت ناصر
في مدارها المتوغل في عمق التاريخ , يمتد لآلآف ستة وسبعمائة أخرى واثنتين وستون عاماً أخرى تطوف في نفق الزمن في رحلتها في فلك الكون السرمدي ذلكم هو اقدم تاريخ مدوّن للبشرية يسجل عظمة الاشوريين الذين أغنوا البشرية عبر أنجازاتهم الحضارية كونهم أصحاب الفكرة الاولى في كل أختراع وأكتشاف ونظرية ومنها ساروا بالبشرية نحو آفاق الحرية وخير الانسانية في فهم أسرار وقوانين الحياة فألبست البشرية ثوب الحضارة الذي حاكته بتأني منذ البدايات الاولى لفجر الحضارة البشرية حيث كان العالم مسرحاً للاشوريين القدماء .

فقد تربّعت ملوك آشور عرش العالم القديم , وهم من أطلقوا على نفسهم وسجلها التاريخ لهم بحكام الجهات الاربعة في رحلتهم مع الخلق والابداع والاكتشاف أجيالاً بعد أجيال تعرفت و تذوقت البشرية على يدهم معاني المجتمعات والمدن فأخرجتها من ظلام البدائية وقادتها لتدرك المنطق في فهم قوانين الحياة تلك القوانين التي أقتبسها أرسطو كما هي وبأسمها الاشوري في كتابه (أوركانون) الذي يعني مدخل الى القانون ( آور = مدخل أو يدخل .. كانون = قانون ) التي تؤسس لمباديء الحق والاخلاق التي تحرك الضمير الانساني في أستيعاب العلاقة الجدلية في احترام قوانين الحياة وعقل الانسان في علاقة ديمقراطية لم تكن موجودة في التاريخ البشري فوضعوا أصول الحكم وأسسوا هيكل أول دولة سارت عليه البشرية منذ ذلك العهد والى اليوم فوضعت البشرية خطواتها الاولى نحو فهم أنسانية الوجود البشري مبتعدة عن اخلاقيات التعامل الهمجي مع مواطني الدولة , كل هذا قاد الحضارة البشرية الى ما هي عليه اليوم من تقدم ورقي لتدرك في نهاية المطاف أن البشرية أنما في روعتها الانسانية و في ممارستها لمنطق سمو الحق والاخلاق .

في قمة التفوق الحضاري للانسان الاشوري في عصر الدولة الاشورية العظيمة لم يتقاعس الاشوريون رواد النهضة البشرية من أداء دورهم الفاعل في ترتيب اوضاع البشرية لما فيه خدمة للوجود الانساني في شموليته فأبتكروا الاساليب المتحضرة في تفاعل الانسان مع انظمة الحكم فأتوا بالديمقراطية التي هي من بناة افكارهم , وحيث ان ريادة الفكر وبناء الفكرة أنما هو من صميم عبقريتهم فلقبوا أنفسهم بمعانيها التي لا تتوفر في كل أسماء البشرية في عهدها القديم والجديد وهكذا يخرج علينا الملك العظيم (آشور بانيبال) والذي يقرأ أسمه بمعنى : آشور الذي يبني بفكره ( باني = يبني ... بال = باله = فكره) , فحينما ترتبط معاني الابداع الفكري في شعب ريادي صاحب الفكرة الاولى في كل شيء فأن ذلك لا يعني غير أن العبقرية الاشورية قد وضعت اللبنات الاولى في كل العلوم والاداب لحضارة ما تسمى حضارة الخلق والابداع .

شعب أمة آشور التي تربعت على عرش التاريخ الانساني مشعلاً للحضارة والرقي الانساني في أنبل المعاني لخدمة الوجود الانساني على الارض الذي أتت به شريعة آشور , ما كان لها لتستمر الاف السنين وتحقق كل هذه الانجازات الحضارية لولا أنسانيتها ونظرتها الشمولية في خدمة البشرية فساروا على بركة الله - آشور قاصدين كل ارجاء المعمورة يعمّرون ويلقنون البشرية معاني التحضر والتمدن .
لم تأت حضارات البشرية بما أتت به حضارة آشور العراق القديم من خلق عظيم ولم تستقيم البشرية في فهمها لنفسها كما أستقامت كالصراط المستقيم في حضرة آشور العظيم وها هو الزمن الاغبر قد دارت فيه الدوائر لتقلب العراق العظيم الى عراق لم يألف همجية في تاريخه القديم مثلما يحصل له الان في ظل حضارة القرن الواحد والعشرين شعب يحتضر , أي أنتكاسة للانسانية تخيم على شعب الرافدين , الشعب الذي علم البشرية ما لم تعلم .

بشهادة علماء الاثار والتاريخ , ليس هناك في الوجود أي شعب آخر له من التاريخ المدوّن ما هو أقدم من التاريخ المدوّن للشعب الاشوري , الشعب الاشوري الوحيد في كل ارجاء المعمورة من يحمل راية أقدم شعب مارس التدوين بحيث لا تتواجد في أيدي علماء الاثار من مدونات لتاريخ البشرية ما هو أقدم من المدونات الاشورية التي سارت عليها البشرية الى اليوم فتأسست بموجبها الحضارة البشرية الحالية والتي تسمى حضارة النتيجة أي تسير وفق ما أنتجه الفكر الاشوري الخلاق في حينه .

فكل هذا حصل في مرحلة سلطة آشور التي ذاع صيتها في الجهات الاربعة كدولة تربعت على قمة العالم القديم كحكومة عالمية وبسقوطها السياسي أنتهى دورها الريادي في قيادة العالم القديم ومن هنا جاء مصطلح ( الامبراطورية) وتكتب (أمبر- آتور- أيا ) أي مرحلة ما بعد سقوط دولة آشور ( أمبر = ما بعد , أتور = دولة أتور , أيا = هذه ) أذن تسمية ( الامبراطورية) ليست كما يشار اليها كنظام سياسي حاكم كما يقال الامبراطورية الرومانية , بل هي مرحلة لحدث تاريخي عظيم الشأن والتأثير في تاريخ الانسان وهو فاصل أستعين به لفصل التاريخ البشري في مرحلة حكم الاشوريين عن ما حدث للبشرية بعد نهاية حكم الاشوريين الذين تواجدوا في كل أرجاء المعمورة ومنها يفهم أنه لم تكن في كل تاريخ البشرية أمبراطوريات كنظام سياسي والتي يكثر الحديث عنها دون معرفة المعنى الحقيقي لكلمة ( الامبراطورية ) ... لم يكن في تاريخ البشرية أمبراطوريات بالمعنى الدارج للامبراطورية , وهذا الاسم ليس أسماً بكلمة واحدة بل جملة ( أمبر = ما بعد .. اتور = دولة اشور .. أيا = هذه ) وتعني هذا بعد آتور... وهكذا أُسيء فهمها على مر التاريخ وتلقفها المؤرخون من لم يفهموا مغزى الجملة باللغة الاشورية التي يشير الى حدث السقوط لدولة آشور بكونه حدثاً عالمياً واعتبر فاصلاً تاريخياً للاحداث العالمية أثناء حكم دولة آشور وما بعد نهاية حكم آشور . .


http://www.atour.com/forums/arabic/139.html