المحرر موضوع: هل يُصلح النظام الإسلامي ما خرّبه نظام البعث البائد ؟..هذا هو السؤال  (زيارة 1133 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل n4iraq

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

هل يُصلح النظام الإسلامي ما خرّبه نظام البعث البائد ؟..هذا هو السؤال


نجاح يوسف

"العراق الجديد يخطو متسارعا نحو مستقبل غامض..حيث يتردد حتى اكثر المتفائلين من السياسيين وعلماء الدين والدنيا بالقول بانه سيكون مستقبلا تصان به جميع الحقوق وتحترم به كافة القناعات الفكرية والدينية ويعيش فسيفساؤه متوحدا تحت سقف ما نسميه اليوم بالعراق".. هذا ما يبشر به ويحاول تصويره أعداء العراق والمتربصين به من داخل وخارج حدوده..فما اكثر تلك الأقلام المشبوهة التي تريد وتحلم أن تستعيد نفوذها وسطوتها التي خسرتها بسقوط النظام الدكتاتوري البائد , كما ان هناك العديد من الجهات تعمل مرة بالخفاء واخرى بالعلن من اجل تفتيت العراق لتعبث به أيدي قوى خارجية متمرسة بالتخريب وزراعة الفتن لتفرش أرضه بالمفخخات أملا منها أن تسلب حلم هذا الشعب الجسور المتمترس بحب الوطن واستقلاله وتقدمه, ومن أجل ان يبني عراقه الديمقراطي الفيدرالي التعددي..

وهل الأحلام الوردية وحدها قادرة على هزيمة المخططات الشريرة لهؤلاء؟ أم أن صدق النوايا والعمل الدؤوب والمتفاني في سبيل هذا الشعب الذي عانى الويلات وهو يعيش تحت سياط حكام البعث البائد ومافياته هي المقياس بجدية المشاريع الوطنية المطروحة؟ فكل القوى السياسية العراقية , اسلامية (شيعية وسنية) , وديمقراطية وليبرالية وقومية تطرح مشاريعها وتصوراتها وحلولها للأوضاع الصعبة والمعقدة التي يمر بها العراق..ومن الطبيعي أن نجد أن العديد من هذه المشاريع تتناقض وتصطدم نظرا للفوارق الفكرية بين تلك المجاميع والتي تنعكس بالضرورة في برامجها السياسية والإقتصادية والإجتماعية..

وجاءت مسودة الدستور وما تحتويه من أفكار متناقضة ومبهمة , لتزيد من تلك الشكوك حول جدية تلك القوى في التخلي عن سياسة الهيمنة والاستئثار بالسلطة وتهميش الآخرين..كما جاءت مجمل بنود هذه المسودة كتحصيل حاصل لنتائج الانتخابات ومعبره عن وجهة نظر قائمة الإتلاف الوطني (الشيعية )..مما وسع من هوّة الخلافات بين التيارات السياسية والفكرية, ووضع مستقبل العراق في كف عفريت ..وهذا ما تراهن عليه بالطبع القوى الشريرة من بقايا النظام البائد وبعض الدول المجاورة المحيطة بالعراق ..فالاسلاميون بمشروعهم السياسي يعتقدون بأن النظام الاسلامي هو الحل الأمثل لمعظم امراض العراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ورثها عن النظام الدكتاتوري المقبور, مدعين بأن الفكر الاسلامي يحمل برنامجا متكاملا بعكس النظام الديمقراطي الذي لم يكن يوما نظاما شاملا للحياة , كما يقول السيد محمد سعيد المخزومي في مقالته التي نشرت في ايلاف يوم 4/8/2005..ويعتقد الكاتب بان "الدين الاسلامي هو دين الحياة الذي فيه من المناهج ما تهتم في إحياء الإنسان والاعتزاز بإنسانيته " .ولكنه مع الأسف الشديد لم يعطنا مثالا واحدا عن تلك النظم الإسلامية التي طبقت هذه المناهج ووفرت الحريات لشعوبها لكي يعزز ما يقوله بالبرهان.. ولكن ما نلاحظه ونلمسه, على ارض الواقع,  من هذه النظم الإسلامية , او لنقل تلك النظم التي تطلق على نفسها (اسلامية) كالسعودية وايران والسودان وباكستان وجميع الدول العربية والاسلامية الأخرى, هو العكس تماما , إذ إن هذه الدول أقل ما يمكن أن نصفها به هي انها نظم دكتاتورية متخلفة , تغمط أبسط حقوق شعوبها وترتكب الجرائم بحق ابنائها,  وتسجن وتعذب خصومها السياسيين, ولا تطيق سماع الرأي الآخر, وبالتالي تزيف انتخاباتها .. اما حقوق القوميات الغير العربية التي تعيش في بلدانها فإنها تجترح العذابات والإضطهاد والتمييز القومي وينسحب ذلك على الأقليات الدينية التي تعيش في تلك البلدان..اما برامجها الاجتماعية فحدث ولا حرج..فالمراة التي تمثل نصف المجتمع يعاملونها كمواطن من الدرجة الثالثة ,,فهي مهانة وحقوقها كزوجة وأم وأخت مهضومة ..كما لم يذكر السيد الكاتب  شيئا عن ممارسات بعض الأحزاب الاسلامية العراقية الشيعية التي تشترك في الحكومة الحالية وميليشياتها الهمجية في قمع المواطنين وفرض لبس الحجاب على النساء والاعتداء على الطلبة في جامعاتهم وسفراتهم الطلابية , ومنع الغناء ومحاربة الناس في ارزاقها,  وحتى الحلاقين لم يسلموا من تهديداتهم وجرائمهم.. ولم يبق في بعض المدن التي غالبيتها من الشيعة غير مظاهر اللطم والنواح والطبر..

ويذهب السيد محمد سعيد المخزومي أبعد من ذلك , إذ وهو يريد بناء نظاما دينيا في العراق فإنه لا ينسى بأن يذكّر الأكراد بمنحهم (مكرمة) , حيث " عينوا رئيسا للعراق من الكرد, ووزيرا للخارجية من الكرد ونوابا لرئيس الوزراء..الخ" , لذلك يجب على الأكراد أن يشكروا ويقيّموا السياسيين الشيعة لهذا (المنطق الحضاري) للبناء !! علما كما يقول الكاتب بأن وفق المنطق الديمقراطي يقضي لكتلة الأغلبية تعيين وزرائها ..ولم تقف مكرمات الساسة الشيعة إلى هنا بل تعدتها إلى السنة أيضا إذ سمحوا لهم بالاشتراك بالعملية السياسية رغم مقاطعتهم للإنتخابات..كما لم يذكر الكاتب اسم قومية الكلدان والآشوريين في بحثه ويتحدث عنهم كمسيحيين ومن اهل الكتاب.. ولكنه لم ينس أن يعدد مزايا واخلاق أهل البيت, حيث يقول :" الفكر الحضاري للسياسيين الشيعة ألزمتهم أخلاق أهل البيت عليهم السلام في تعدي منطق الديمقراطية إلى التسامح, لأن الديمقراطية لا تعمل بمبدأ التسامح بقدر ما تعمل بالانتخاب والحكومة ورأي الأغلبية وإلزام الأقلية بمفاد الرأي الإنتخابي..الخ" ..ولا ندري إن كان السيد الكاتب له علم بما يجري من اعتداءات واغتيالات وفساد إداري رائحته تزكم الأنوف, وسياسة الهيمنة وكم الأفواه التي يقوم بها أعضاء وميليشيات تلك الأحزاب الشيعية, والتي يصف الكاتب أخلاقها بالحميدة!!

والأدهى من كل ذلك فإن السيد الكاتب لم يذكر إقليم كردستان وحقوق الشعب الكردي في الفيدرالية , إذ انه يعتبرها نوع من البدع (الغير ديمقراطية) ومن مخلفات القانون "الأمريكي –البريمري " أو من صغائر الأمور التي يجب على الأكراد وبعد سنين نضالاتهم الطويلة والتمييز القومي والحروب البشعة التي شنت ضدهم , كان عليهم التغاضي عنها وعدم التطرق إليها..حيث يقول أيضا: " على جميع العراقيين من عرب وكرد وتركمان وغيرهم أن يعرفوا أنهم اليوم يريدون بناء عراق غير قومي, بمعنى انه لا يريد ان ينتهج المناهج القومية الغابرة..الخ" وإن الأكراد كما يقول يبحثون عن دليل في قانون إدارة الدولة يدعم مشروع إنفصالهم ولو بعد حين !! وهو اي الكاتب يعطي هذه الأمثلة لكي تستجيب إلى فرضيته بأن المبدأ الديمقراطي لا ضمانة فيه كأي مشروع حكم آخر ..وفي الوقت الذي لا ينفي به الكاتب بأن النظام الديني قد يستغل من قبل الساسة, إلا إنه يعتبره اكثرعدالة , وضمانات نجاحه باعتقاده هي أكثر من المبدأ الديمقراطي حيث يقول: " إن الإسلام لا يمكن التخوف منه خصوصا إسلام أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا, وبالأخص المدارس الفكرية الشيعية ذات المناهج الحضارية المتألقة..الخ" .

ولهذا فنحن كعراقيين وحسب منطق وفرضية السيد الكاتب, علينا أن نثق بالنظام الإسلامي وأن نعيش مطمئنين في ظل ولاية الفقيه الذي يطرحها مغلفة بعسل الكلام .. بينما الواقع الموضوعي الذي يلمسه الانسان العادي والذي لا لبس به, هو أن جميع الأقطار الإسلامية وخاصة ايران الشيعية, تمارس سياسة القمع والإرهاب وتهميش القوميات وسلب حقوقها إلى جانب العديد من انتهاكات لحقوق الإنسان وخاصة تجاه المراة والأفكار والمعتقدات الدينية والسياسية.. لذلك لا يمكنني إلا أن أختلف مع السيد الكاتب بالعديد من طروحاته , والتي رسخت قناعتي  أكثر من أن النظام الديمقراطي الفيدرالي التعددي رغم عدم كماله وما يحمله من ثغرات, إلا إنه صمام امان ضد جميع الممارسات اللاديمقراطية, والتجاوزات على الحقوق , كما فيه من الضمانات الكثيرة لصيانة  حقوق الأفراد والجماعات دون تفريق أو تمييز, بسبب الدين أو الجنس او المذهب أو المعتقد الفكري والسياسي , إضافة لاستجابته وتشجيعه للعلم والمعرفة والتطور وبناء الحضارة الانسانية المتنورة .. على عكس ما نشاهده اليوم في بلادنا وفي بلدان اسلامية اخرى ..