المحرر موضوع: أكيتو، العيد القومي للشعب الكلداني  (زيارة 1631 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سعد عليبك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 471
    • مشاهدة الملف الشخصي
أكيتو، العيد القومي للشعب الكلداني
 

 
   تحتفل كل شعوب العالم برأس السنة الميلادية و تتعامل مع التقويم الميلادي في كافة اعمالها و امورها الرسمية، و بذلك أصبحت رأس السنة الميلادية  مناسبة عالمية. بالإضافة الى رأس السنة الميلادية و التقويم الميلادي ، ما زالت الكثير من الأمم و الشعوب تحتفظ بتقويمها الخاص و تحتفل به و تعتبره ارثاً قومياً وعيداً وطنياً لها، مفتخرة في ذلك بتاريخها و حضارتها.
و أعياد الشعوب ، و منها أعياد رأس السنة القومية ، تستمد و ترتبط إما باساطيرها القديمة أو حوادث تاريخية مهمة ، كتولي أحد الملوك للعرش ، او عمل جبار قام به ، أو بداية لتقويم قديم ، او يوم بناء مدينة ما ، او التحرر من الظلم و الاحتلال و غيرها.
 فمثلاً يحتفل الكورد و الفرس و الأفغان بعيد نوروز، ويعتبرهذا العيد عند الشعب الكردي بداية السنة  القومية الجديدة  2712 (تقابلها سنة 2012 م) وفق التقويم الكوردي . ، وتبدأ السنة الكوردية  في 21 أذار من كل عام، و يحتفلون به كيوم التحرر من الظلم و الإستبداد حسب اسطورة (كاوة الحداد) ، كما يعتبر هذا اليوم  بداية فصل الربيع ايضاً.
أما الفرس فيعتبرون نوروز رأس السنة الفارسية و التي تبدأ ايضاً في 21 آذارمن كل عام ، و يقال ان سبب الإحتفال به هو ان جمشيد (ملك فارسي سمي اول يوم من السنة بنوروز) وفّر ماء الحياة للناس و وعدهم بحياة أبدية، كما يعتبره البعض منهم يوم بداية الخليقة. و السنة الفارسية 2571 تقابل السنة الميلادية 2012.
الصينيون ايضاً يحتفلون برأس السنة الصينية و التي تعرف أيضاً بإسم عيد الربيع، و يقيمون الإحتفالات و المهرجانات الكبيرة ، و يعتبرونه بداية لحياة جديدة و موسم الحرث و البذر، و تقابل السنة الحالية السنة الصينية 4710.
و يحتفل اليهود برأس السنة العبرية الجديدة ( روش هوشانا) ، و ستوافق في يوم 19 سبتمبر2012 القادم مع بداية السنة العبرية 5773.
وللمصريين سنتهم الفرعونية او المصرية و التي تبدأ في 11 سبتبمبر من كل عام و التي ستصادف هذا العام السنة 6254 فرعونية ، مستندين بذلك على أول شهر توت بحسب التقويم الفرعوني الذي أبتكروه.
كما للأمازيغ (السكان الأصليون لشمال أفريقيا) تقويمهم الخاص ، حيث السنة الميلادية الحالية تقابلها السنة 2962 و يطلقون على احتفال رأس السنة اسم ( اسكاس أماينو) و تبدأ في 13 من كانون الثاني من كل عام. و تعود بداية هذا العيد الى العام 950 ق.م تخليداً لتولي الضابط الأمازيغي شيشنق على عرش مصر.

والشعب الكلداني ، هذا الشعب الرافديني الأصيل، كباقي شعوب العالم الأخرى يحتفل بعيد رأس السنة القومية الخاصة به ، و يطلق عليه (أكيتو) ، و الذي يصادف في الأول من نيسان من كل عام ، و السنة الكلدانية 7312 تقابلها السنة الميلادية 2012 .
 وكانت الإحتفالات بهذا العيد سابقاً تبدءاً بالأول من نيسان و لغاية 12 منه ، ويكون الملك و ألآلهة و رجال المعابد لهم الأدوار الرئيسية في مراسيم وطقوس هذا الإحتفال.

كان فكر الشعب الكلداني في بلاد النهرين في تلك الفترة و تصوره للحياة يتمحور حول ثلاثة عناصر أساسية  وهي : الطبيعة و الآلهة و الإنسان ، و هذا يبدوا واضحاُ من خلال اسطورتي اينوما ايلش و كلكامش ، مع ايمانه بوجود قوتين رئيسيتين تسّير الكون ، وهما قوى الخير و قوى الشر.لذا نجد ان احتفالات رأس السنة الكلدانية البابلية عبارة عن شعائر و طقوس احتفالية بالطبيعة و الآلهة و الإنسان معاً ، و تتخذ جدلية الموت و الإنبعاث عندهم اشكالاً انسانية واقعية و خاصة في علاقات الحب و الزواج عند الآلهة و من خلال تأليه الملوك و هبوط الآلهة الى العالم السفلي حيث يعيش الإنسان.

لذا فقد كان لهذا العيد و طقوسه أهمية كبيرة لدى الشعب الكلداني و كافة الأقوام التي سكنت بلاد ما بين النهرين ، بصفته رمزاً عظيماً و تعبيراً عن الفكر الإجتماعي و السياسي و الديني في مجتمعاتهم.

و لما كان الإحتفال بعيد أكيتو، رأس السنة الكلدانية البابلية يمتد لمدة اثنا عشر يومأً ، بدءاً بالأول من شهر نيسان و الى الثاني عشر منه ، فإن الإحتفال به اليوم بنفس الطريقة السابقة يعد من الأمور المستحيلة نظراً لما طرأ على الإنسان من تغيرات فكرية واجتماعية و دينية و علمية غيرت من طريقة تصور الإنسان لحركة الطبيعة و تفسيراته لتركيبة الكون و طريقة الخلق، بالإضافة الى اختلاف اسلوب و معيشة الانسان وعلاقته الذاتية مع الخالق.
و عليه  فإستذكار العيد (أكيتو) و الإحتفال به اليوم  يعبر عن احترامنا و اعتزازنا بتاريخنا و حضارتنا الكلدانية البابلية العريقة و إفتخاراً بمنجزات أسلافنا العظام الذين قدموا للبشرية الكثير من العلوم و الفنون ، كما هي فرصة لبث الوعي القومي و الوطني و تقوية الأواصر الإجتماعية بين ابناء هذه الأمة.
و لما كان تأريخ العراق و بلاد الرافدين يعود الى العام 5300 ق.م  حيث الكلدان الأوائل و السومريين ، فإن الإحتفال به يجب ان لا يكون مقتصراً على الكلدان فقط ، بل لكل الشعب العراقي بكافة قومياته المتآخية ، لأن هذا التاريخ يشمل كل الحضارات المتعاقبة على ارض الرافدين من الحضارة الكلدانية و السومرية و الأكدية و البابلية و الى يومنا هذا ، و هذه الحضارات هي ملك كل العراقيين و مصدر فخرهم و اعتزازهم.

و في الختام  وبمناسبة حلول عيد أكيتو ، رأس السنة الكلدانية البابلية ، 7312 أقدم لكل العراقيين و لأبناء شعبنا الكلداني خصوصاً أحر التهاني وأجمل التبريكات ، داعياً من الرب ان يعيده على الجميع بالخير و السلام.



سعد توما عليبك

saad_touma@hotmail.com