المحرر موضوع: العراق: إنتهاك الحقوق المدنية إنتهاك للدستور..!!؟  (زيارة 1340 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
العراق: إنتهاك الحقوق المدنية إنتهاك للدستور..!!؟

باقر الفضلي


من مفارقات العملية السياسية في العراق أن سهامها الجارحة، بل والقاتلة أحيانا، قد لا تصيب أعدائها الحقيقيين، رغم ما قد يلحقها منهم، من أضرار وهوان وعدوان سافر، أقل ما فيه ما يصيب ذلك الشعب، الذي تقبل قوانينها على علاتها، من دمار وخراب على أيدي أولئك الأعداء بما جاوز حدود المعقول..!


فلا غرابة والحال؛ أن تكون لتلك العملية، "قوانيهنا وأحكامها الخاصة"، فهي بقدر ما تدعيه القوى السياسية المتحكمة بكافة مفاصل وأطراف وآليات "العملية السياسية" المذكورة، وفي مقدمتها القوى السياسية الحاكمة، من إحترام للدستور وللقوانين ولهيئات ومؤسسات الدولة على مختلف أصنافها ومستوياتها، تراها أول السباقين لخرق ذلك الدستور وتلك القوانين، وأول المتجاوزين على نظم وأحكام تلك المؤسسات والهيئات، مما ينعكس سلباً على مصداقية دعواتها وإدعاءاتها، لتنسحب تداعياته الى حالة من ضعف الثقة وفقدناها، والى التبرم والتشكك لدى المواطن العراقي بتلك المصداقية في المحصلة النهائية، لينتهي مآلها أخيراً، الى حالة من الإنعزالية التي يفرضها الواقع المعاش بشكله المنظور على تلك القوى، الأمر الذي يفقدها في النتيجة، كل مبررات وجودها على الصعيد السياسي، وهذا ما يدفعها الى إنتهاج آليات جديدة في التعامل مع منتقديها أومعارضيها على صعيد العملية السياسية أقل مافيها؛ بعدها عن أي نهج ديمقراطي، أو قانوني..!!؟


من هنا يمكن القول؛ بأن سهام العملية السياسية بدلاً من إستهداف من يناصبها العداء، يجري توجيهها صوب حلفاء ومناصري تلك العملية، ليبدو الحال وكأن القوى المتحكمة بمفاصل السلطة، قد وجدت في "آليات الديمقراطية"؛ مثل "ألإنتخاب وصناديق الإقتراع" أسهل وأقصر الطرق للتمسك بالسلطة، متجاهلة أن [مجموعة القيم الديمقراطية] هي من تشكل [روح ومضمون الديمقراطية]، كنهج في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وبالتالي فإن آلية [صناديق الإنتخاب] بمفردها، ورغم ما لها من أولوية في جوهر العملية الديمقراطية، لا يمكنها أن تكون بديلاً كافياً وحقيقياً [للقيم الديمقراطية]، التي تجد تجسيدها في مباديء ومفاهيم أقرتها الحضارة الإنسانية على مدى مئات من السنين، وكرستها دساتير الأمم المتحضرة وإلتزمت بأحكامها، وجعلت منها معايير للرقي الحضاري والكرامة الإنسانية..!


وعندما ينصرف الحديث الى منظومة [ القيم الديمقراطية ] تتجلى في الصدارة مجموعة المباديء المتعلقة بحقوق الإنسان، ومنها حرية الصحافة وحرية النشر والكلمة وحرية التعبير وحرية تشكيل الأحزاب والمنظمات المهنية ومنظمات المجتمع المدني،  وكافة الحريات الأخرى ذات الصلة بتلك الحقوق، والتي تضمنتها وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ تلك الحقوق التي تتسابق الدول المتحضرة لتضمينها في متن دساتيرها، من جهة، وتحرص على الإلتزام بأحكامها، من خلال تشريع القوانين الخاصة بوضعها موضع التطبيق من جهة أخرى..! 


إن ما يميز الدستور العراقي النافذ، تضمنه لعدد غير قليل من تلك المباديء التي تجسد القيم الديمقراطية، والتي يعتبر تكريسها في الدستور مكسباً كبيراً لكل ما يعزز الحريات السياسية والمدنية وحقوق المواطنة، أما أن يجري التجاوز على تلك الحقوق وإنتهاكها من قبل نفس الجهات التي أناط بها الدستور حمايتها وتوفير أفضل السبل والوسائل للتمتع بها من قبل المواطنين، فهو الأمر الذي يصبح أكثر مثاراً للإستغراب والدهشة، ويستوجب الإستنكار والإدانة، ولا ينبغي المرور عليه مرور الكرام، خاصة وإن مثل هذا التجاوز يعتبر من حيث التكييف القانوني خرقاً فضاً لأحكام الدستور وتجاوزاً على نصوص القوانين الصادرة بموجبه..!؟


وتحت مثل هذا المنطوق، تندرج "المداهمة الأمنية" التي تعرض لها مقر صحيفة الحزب الشيوعي العراقي (طريق الشعب) مساء السادس والعشرين من آذار/2012 والتي نفذتها ثلة من أفراد الشرطة الإتحادية يومذاك، لتشكل سابقة خطيرة تستهدف مسيرة "العملية السياسية" وما تسعى اليه من بناء المقدمات الأساسية للدولة المدنية الديمقراطية في "العراق الجديد"، خاصة لما تبطنه من بعدها المعنوي والإستفزازي، بالنسبة للجهة التي إستهدفتها تلك "المداهمة الأمنية"، والمقصود بها الحزب الشيوعي العراقي، ناهيك عن تداعياتها السياسية على صعيد الحياة السياسية في العراق..!!؟؟(*)   


إنه ومن بدهيات العمل السياسي أن تنعكس الإجراءات الأمنية التي أقدمت عليها سلطات وزارة الداخلية ضد مقر جريدة (طريق الشعب)، وفي ظل الظروف السياسية الراهنة والمأزومة على صعيد أطراف العملية السياسية و"حكومة الشراكة"، أن تنعكس سلباً على مزاج المواطن العراقي، الذي يعاني مسبقاً، الأمَرين من تداعيات الأوضاع الأمنية والمعاشية ومن الخروقات والتجاوزات المستمرة على حقوقه المدنية والسياسية من قبل الأجهزة الأمنية، في نفس الوقت الذي تساعد فيه على نشر بذور عدم الثقة والتشكيك بين القوى السياسية، التي تجد في تعميق أسس النهج الديمقراطي، الطريق الوحيد لتجنيب الحكم كل مخلفات النهج الديكتاتوري للنظام السابق، وتوطيد بناء مقدمات الدولة المدنية الديمقراطية، الأمر الذي يستدعي موقف الإستنكار لمثل تلك الإجراءات الأمنية لعدم دستوريتها من جهة، ولخرقها للقواعد والأصول الإجرائية القانونية من جهة أخرى، في نفس الوقت الذي يعلن فيه المرء تضامنه مع أسرة جريدة (طريق الشعب) في شجبها لتلك الإجراءات الأمنية، وفي مطالبتها بوقف وعدم تكرار تلك التجاوزات اللاقانونية..!!   
31/3/2012 
_____________________________________________________
 (*)  http://iraqicp.com/2010-11-21-18-04-44/16021-2012-03-27-12-24-42.html