منجلنا المكسور
ذو المنجل المكسور هو من يكون في الحقل والمحسوب على العاملين فيه ولكنه في الواقع لا يعمل، او ان قدراته معطلة لسبب من الاسباب.
على الدوام كان صوت الغوغاء يعلوا على صوت العقلانيين، والمثل الاشوري يقول ان الصوت العالي يأتي من الصفيحة الفارغة.
في معمة الجدالات التي حدثت في مجال التسمية وبرغم من ان البعض الح على ضرورة التركيز ايضا على حقوقنا الواجب التمتع بها والتي يجب ان نعمل على تدوينها في الدستور، الا ان صوت من عمل بكل جد وهمة على اقامة جدران العزل والتباعد والتنافر كان الاعلى، لا بل ان هذا الصوت قد تمكن من خلق عداوات اكثر بهمة يحسد عليها، في الوقت الذ خفت اصوات الوحدويين امثالي وانزوت خجلا بعارها المدوي والمشين حاملة تهم بيع الامة وخيانة التسمية التاريخية المقدسة وما خلق الابليس من تهم لا تنتهي الا بأن يقوم ابناء الامة بتأبين انفسهم رسميا على صفحات الصحف والجرائد والمجلات معلنين وفاتها لندرة المنتمين اليها، هربا من العار وخجلا من الفضيحة التاريخية التي اسمها امة لا تعرف مصلحتها، وتبيع مستقبلها لاجل ماضيها، وتستقوي بالاخر على تحطيم غريمها المقابل والمكون من لخمها ودمها ولسانها، لانه ينافسها على مساحة الضوء الشحيحة.
ان الحركة القومية لشعبنا ابتدأت منذ بدايات القرن الماضي بهمة ابناءها البررة وهذه الحركة القومية اتخذت لنفسها التسمية الاشورية، وكل الاثباتات التي خلفتها الحركة القومية الاشورية تؤكد انها كانت تعي انها بالمنادات بالاسم الاشوري فانها تعني حتما القسم الكلداني والسرياني من الامة، وان هذه الحركة القومية باتخاذها التسمية الاشورية فانها لم تكن ترمي الى الحاق ضرر او تجاهل السيد ابلحد افرام اوالاستاذ هنري بطرس كيفا او غيره من لف لفهم، بل ان وعي الرواد الاوائل كان بهذا الشكل الذي اقتنعوا من خلاله ان التسمية الاشورية هي الصحيحة وتحت ظل هذه التسمية سيمكنهم من ان يحققوا مراميهم القومية، علما ان رواد العمل القومي لم يخصوا اهدافهم بالطرف النسطوري (برغم عدم تأيدي لهذا اللقب استعملته للضرورة) المقتنع بغالبيته بالتسمية الاشورية، لا بل ان ان اغلبية هؤلاء الرواد لم يكونوا نسطوريين بل من مختلف كنائس شعبنا الاخرى. ان جل غاية الرواد كان احقاق حقوقنا القومية وفي وقتها كانت لرواد امال واسعة بتحقيق ما هو اكثر من بعض الحقوق التي ننادي بها الان بعد اختلال الميزان الديموغرافي الهائل الذي اعقب مذابح اعوام 1915 -1917 ومذابحة سميل، لقد كان الامل باقامة دولة تضم كل ابناء شعبنا بكل طوائفه الدينية وبكل تسمياته. ان العودة الى الصحف وكتابات الرواد من ذاك الزمان تؤكد ما ذهبنا اليه من انهم ادركوا ضرورة الوحدة وانهم باتخاذه التسمية الاشورية فأنهم رموا الى ضم كل مكونات الامة في ظلها، علما ان الحقوق ومضمونها هو واحد ولا خلاف عليه.
اذا ان الرواد لم يبحثوا في بطون الكتب ولم يقوموا بنشب الارض بحثا عن ما يؤكد مذهبهم في التسمية، ان كل ما فعلوه نشروا ما كانوا مقتعنون انه الاصح، ولكن اؤكد مرة اخرى ان اي قائد في الحركة القومية الاشورية لم يخالجه اي شك في انه يعمل لكل اجزاء الامة وانه يضحي في سبيل كل هذه الاجزاء وان اي وفد شكل للمطالبة بحقوق الشعب ضم افرادا من كل اجزاء الامة.
الغاية لم تكن التسمية بل كانت تحقيق حقوق الشعب، لم يفكر الرواد ان نكون عبيد، بل رجالا ونساء احرار، نعيش برؤوس عالية، نبني وطننا ونعيش من خيراته، نتعلم لغتنا ونطور ثقافتنا، وترون ان كل هذه الاهداف مشتركة، والدماء التي سالت من اجل تحقيق هذه الاهداف تحت ظل التسمية الاشورية كانت ايضا دماء من كل ابناء الشعب ولم تكن من طائفة معينة فقط.
واليوم وبكل فخر واعتزاز وبكل جراة يقتحم المشهد السياسي افرادا وتنظيمات كل همها تفتيت حقيقة اننا شعب واحد وامة واحدة وقوم واحد، ولكننا ككل جيراننا نختلف بالعشائر والقبائل والقرى وحتى بالمذاهب، فما العلة في ذلك، ان هؤلاء الابطال الميامين لا يجدون الا ما يجمع لكي يهدوه ولكي يشتهروا من خلال الدعوة لتفتيته وانهم بحق ينجحون واي نجاح.
انه سؤال بسيط هل اساء رواد الحركة القومية الاشورية لاي طائفة بنضالهم القومي، الم يحترموا هذه الانتماءات، هل ان اهداف هؤلاء الرواد كانت خاصة بطائفة معينة؟ اذا اين المعضلة التاريخية التي يراد تصحيحها، هل بتفتيت الشعب، وما الجديد الذي سينضاف في الحقوق باستعمال تسميات اخرى لهذا الشعب الذي يتم المتاجرة باسمائه، يقينا لا توجد حقوق اضافية بل مصالح لاشخاص مدفوعين لتبوا صدارة المشهد السياسي وان كان على حساب امة وابناءها ومستقبلهم ووحدتهم، ماذا لو بدلنا الاسم الاشوري بالسرياني او الكلداني او الارامي مثلا، لن يضاف شيئا ولن نخسر شيئا، في الحقوق ولكن سنحسر امتداد القضية وتفاعللاتها وتراكماتها، والجهد الذي يمكن ان يبذل لاعادة تعريف قضية عرفت (بضم العين) بمئات الالاف من الضحايا ودماءهم، انه حقا لنكران واي نكران.
كل ما دونته اعلاه انا مقتنع به بل مؤمن ايمانا مطلقا، ولكن الايمان والاقتناع شئ والواقع السياسي شئ اخر، ان الواقع هو الذي يفرض على الانسان نفسه، في الوقت الذي يدفع الايمان الانسان للعمل اكثر، ولذا كنت ولا زلت من المؤمنين والمدافعين عن تسمية قانونية دستورية لشعبنا تخرجنا من ورطة تعددية التسميات التي لم نكن نحن من ابتكرها، بل ورثناها، وان هذه التسمية القانونيةوالدستورية لن تمنع اخي المؤمن بالكلدانية من ان يقول انه كلداني والاشوري من ان يقول انه اشوري والسرياني من ان يقول انه سرياني، ولكنهم قانونيا يجمتمعون في شعب معرف دستوريا باسم واحد.
ولكن لاننا شعب لا يحترم حتى ما اصبح يشكل لدى الغالبية ثوابت او متفق عليه، او مبادر اليه اولا، فان البعض وبلا خجل يمد يده للتلاعب بهذه المبادرات التي ما الحقت الضرر باحد بل كان من الممكن ان تكون نقاط تلاقي، واليكم البعض منها.
ان من المبادرات الحركة القومية لشعبنا، هو اتخاذ التسمية الاشورية و (ܐܬܘܪܝܐ) كعنوان لقضيتنا، اليوم نحن نتصارع بينها وبين التسميات الكلدانية والسريانية والارامية و(ܐܫܘܪܝܐ)، وكل منا يأتي باسماء كتاب اجانب لتأكيد نظريته، وكأن المسألة هي هنا وليست في الاستمرارية وتحقيق حقوق لاناس دمرهم وافقدهم املهم الظلم والعدوان، والمبادرة الثانية هي اتخاذ علم يرمز الى هذا الشعب وهو ليس علما حزبيا ولم يكن طائفيا، وبعد اكثر من ربع قرن خرج مدعي السريانية بعلمهم الخاص وتلاهم مدعي الكلدانية لا بل ان بعض ممن لم يكن لهم اي دور بادر واقترح تغير تسلسل الالوان في العلم وحاول تطبيقه لكي يقال ان من قام بهذا هو فلان، والمبادرة الثالثة هو اتخاذ يوما للشهيد ليرمز الى كل شهداءنا، وها اننا نحتفل بيومين للشهيد وقد يكون في الغد ثلاثة، ان هذه المبادرات لم تكن طائفية ولم يرمي لالحاق الضرر باي جهة، وكان من الممكن اتخاذه رمزا لكل الشعب، ولكن من يرى انه ليس من هذا الشعب هذه نتائجه وهذا سيكون رد فعله لانه اساسا لا يؤمن اننا شعب واحد، بل ان البعض يعمل وكأننا شعوب متعادية وبينها ثارات يجب ان تؤخذ.
والزمن يسير الهوينا الى الامام وكل يعمل لاجل تجميع مصادر القوة لكي يتمكن من تخقيق اكثر ما هو ممكن لشعبه، الا نحن فنعمل بكل جد واخلاص لتدمير وتحطيم ما بقى لدينا من مصادر القوة وخلق نقاط لمزيد من العداء والاختلاف.
ونحن المدعون بالمثقفين او اللكتاب او مهرجي اخر زمان، نرمي بضاعتنا المهترئة امام المارة ولا من يشتري ولا من يعاين وصياحنا يعود صداه الى اذاننا الصماء التي لم تفهم ان العصر اليوم هو عصر كيل الضربات للخصم، فالبضاعة التي يسيل اللعاب لها هي التي تدمي العدو الاشوري او الكلداني او السرياني، وكل يدعي ان اسمه مقدس الا الانسان الذي سيكون حطب ورماد حربنا الدامية، والخزي والعار لكل الوحدويين من امثالي اصحاب المناجل المكسورة، وليعش اصحاب المنادل المشحوذة والتي تحصد كل اواصر الالتقاء والتقارب لا بل تقصم.[/b]