المحرر موضوع: اختلاف امتي نقمة  (زيارة 1223 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حسين ابو سعيد

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 257
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اختلاف امتي نقمة
« في: 23:51 08/10/2006 »
اختلاف امتي نقمة
د – حسين ابو سعود

لا يمكن لكل ذي عقل سليم ان يصحح متن الحديث الذي اشتهر عن رسول الله صلى الله عليه واله ( اختلاف امتي رحمة )  حتى وان كانت عنعنات السند عبارة عن سلسلة ذهبية من العيار الثقيل ، فالحديث ليس فيه نبرة نبوية و ليس من المعقول ان يدعو رسول الوحدة والتفاهم والمحبة الى الاختلاف وما يتبع الاختلاف من تناحر وتشاجر وتنابز ، وهو الذي يشبه المؤمنين في توادهم وتراحمهم بالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وهل هناك مثل أعم وأشمل واروع من الجسد الواحد،و لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق نقمة وهذا محال في شرع العقلاء ، فالعلاقة بين الاختلاف والرحمة تكاد تكون معدومة وان وجدت فيحددها الكلام الحق وليس الروايات وافرازات الرواة وقد قال تعالى : ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك . هود /119.
ثم اي اختلاف وقع في عهد الرسول لكي يعتبره رحمة فالاختلاف مذموم مذ تبناه الشيطان عندما رفض السجود لادم ومنذ وقع بين هابيل وقابيل فقتل احدهما الاخر في اول اختلاف دموي في التاريخ البشري ، ومنذ اختلفت الامم  مع الانبياء والصلحاء الذين ارسلهم الله تعالى على مر العصور والازمنة.
وفي العهد الاسلامي كان الاختلاف اكثر شناعة كما حدث في الجمل وصفين والنهروان وفي واقعة كربلاء والحرة  والاختلاف بين بني امية وبني العباس و بين العباسيين والعلويين والاختلافات التي نشات بين ائمة المذاهب وهم كثر وان اشتهر منهم خمسة اعني الامام جعفر الصادق والائمة الاربعة ، فالاختلاف شقاق كما قال تعالى ( ذلك بان الله نزل الكتاب بالحق وان الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد . البقرة /176).
والاختلاف بغي  كما في قوله تعالى (واتيناهم بينات من الامر فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ان ربك  يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون . الجاثية /17) ،  وقد توعد الله المختلفين بالعذاب العظيم كما في قوله تعالى (و لا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم .آل عمران /105) فهذه الاختلافات  التي تسببت في سفك الدماء وقتل الابرياء وارباك مسيرة الامة لا يمكن ان يباركها الرسول ويعتبرها رحمة.
ولعل واضع هذه المقولة وضعها في عهود الخلافات المذهبية لتبرير وجودها وتمرير مخطط التفريق على السذج من ابناء الامة باعطاءها غطاء شرعيا بحجم قول النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد وجدت غير واحد من العلماء الاجلاء يصححون هذه المقولة العوجاء باعتبار ان بعض الاختلافات الفقهية تؤدي الى حل مشاكل الناس ويأتون ببعض الادلة والامثلة التى لا تقوى على  الصمود امام الحق الصراح وهو الدين الذي يدعو اهله الى الاخذ بما جاء به الرسول والانتهاء عما نهى عنه وعدم الاختلاف  خوف تفرق السبل والفشل وذهاب الريح والنبي عليه الصلاة والسلام يطلب منا  ان ناخذ  منه مناسكنا ونصلي كما رايناه يصلي  اي ان نتبع ما جاء به من ربه بلا زيادة ولا نقصان.
وهذه الاختلافات الشنيعة  في العقائد والعبادات والممارسات تدل على ان هناك من تدخل وزاد  فيها وطرح منها حسب اهوائه واهواء من لهم مصلحة كبرى في زعزعة استقرار هذا الدين ، وكسر عرى الوحدة بين المسلمين ، الذين تحولوا من ابناء دين واحد الى ملل ونحل ومذاهب ومشارب وطوائف وطرائق يحارب بعضهم بعضا ناسين او متناسين العدو او الاعداء الذين يتربصون بهم الدوائر.
وهذا القران الكريم يزخر  بالايات الكريمة التي تنبئ عن مضار الخلاف والاختلاف وفوائد التوحد والائتلاف ، ويدعو الجميع الى الاعتصام بحبل الله  و عدم التفرق ، ليس هذا فحسب بل انه يتبرأ من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ، فالمذاهب الكثيرة لا تتوافق مع الدين الواحد والدين عند الله الاسلام ، ومن يبتغ غيره  اعني المذاهب  الوضعية فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين.
وان الامم  التي اختلفت كان مصيرها الزوال  والفشل واما التي اتحدت وتوحدت حول كلمة الحق فقد افلحت  وقويت شوكتها فوصل نورها الى المشرق والمغرب ، فهذا شهر رمضان ، جاء بالخير والبركة فجيئوه بالوحدة والتضامن ، وانها دعوة مخلصة لتوحيد العبادات لا سيما الظاهرة منها كالاذان والصلاة ووقت الافطار في رمضان ومناسك الحج.
ومسئولية هذا الامر يقع بالدرجة الاولى على عاتق المسلمين المقيمين في دول المهجر حيث المساحة الكافية من الحرية والامن واحترام الاراء وان ناخذ العبرة مما جرى ويجري في افغانستان والعراق وباكستان من تناحر وقتل على الهوية بين المسلمين انفسهم بسبب الاختلاف ، وقد قال تعالى : وان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاتقون ، فتقطعوا امرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون، فذرهم في غمرتهم حتى حين .
فهل بعد هذا كله نقول : ان اختلاف الامة رحمة ؟

aabbcde@msn.com[/b][/size][/font]