المحرر موضوع: نبذة عن تاريخية الكنيسة في العراق تضامنا مع الدعوة الاخيرة للمطران لويس ساكو الجزيل الاحترام  (زيارة 1927 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Church Sound

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 105
    • مشاهدة الملف الشخصي
 
[ܫܠܐܡܐ ܥܡܟܘܢ

1- قُدّر عدد المسيحيّين العراقيّين العام 1975 بحوالي نصف مليون نسمة، غالبيّتهم من الكلدان الكاثوليك. يأتي بعدهم الآشوريّون، ثمّ السريان والأرمن والروم الأرثوذكس واللاتين والبروتستانت والروم الكاثوليك. غير أنّ إحصاء رسميًّا العام 1977 عدّهم بما هو أقلّ بكثير، وأقلّ بكثير أيضًا من التصوّرات الحاليّة التي قدّرتهم بثلاثة أرباع المليون. إذ عدّهم الإحصاء المذكور بحوالى 250 ألف نسمة. طبعًا، لا نستطيع الجزم بعدد المسيحيّين في العراق حاليًّا لأسباب عديدة منها الهجرة وغياب إحصاءات دقيقة.


2- للمسيحيّة تاريخ عريق في العراق يعود إلى بدايات المسيحيّة. تتعدّد الروايات حول دخول المسيحيّة العراق، ومنها أنّ أوّل جماعة مسيحية قامت في العراق كانت في مملكة حدياب (بلاد الأكراد)، وهي إقليم موازٍ لنهر دجلة، وقاعدته أربيل. وكان أوّل مَن تنصّر آزاد الحديابيّ العام 59. وثمّة مَن اعتبر أنّ القدّيس توما الرسول هو أوّل مَن بشّر في العراق. وهناك مَن يعتقد أنّ المبشّر الأوّل في العراق هو آدي (تدّاوس) أحد الرسل السبعين الذي أرسله توما الرسول. وهناك مَن يؤكّد أنّ انتشار المسيحيّة في العراق ونواحي آشور وبابل بدأ على يدي الرسولين توما وبرثلماوس.


3- عانى المسيحيّون في العراق من اضطهاد الفرس لهم، وبخاصّة بعد أن صارت المسيحيّة دين الإمبراطوريّة البيزنطيّة الرسميّ. لقد كان الفرس على الديانة المجوسيّة أو الزرادشتيّة، لذلك اعتبروا المسيحيّين القاطنين في ديارهم كعملاء للإمبراطوريّة البيزنطيّة العدوّة. فشابور الثاني، في القرن الرابع الميلاديّ، قرّر تصعيد اضطهاد المسيحيّين ومعاملتهم كرعايا دولة مناوئة، فضاعف الجزية برسالة ورد فيها: "إنّهم يقطنون بلادنا وهم موالون لقيصر عدوّنا". وقد حرّض اليهود الملك الفارسيّ على اضطهاد المسيحيّين، فنُقل عنهم قولهم لشابور: "إن أرسلت أنت، ملك الملوك وسيّد الأرض كلّها، رسائل جليلة وحكيمة إلى القيصر مع هدايا فاخرة ومواهب نفيسة، فإنّها لا تلقى استحسانًا في نظره، أمّا إذا وجّه إليه شمعون (برصباعي البطريرك الذي استُشهد في الاضطهاد العام 341 ومائة وثلاثين كاهنًا) رسالة في قصاصة ورق حقيرة فإنّه يتناولها بكلتا يديه راكعًا، وينجز أمره بكلّ اهتمام".

 

4- إنّ البطريرك طيموثاوس الجاثُليق (+823) هو أبرز بطاركة العهد العبّاسيّ، وكان مركزه في مدينة بغداد عاصمة الخلافة، وعاصر خمسة خلفاء عبّاسيّين هم: المهدي والهادي وهارون الرشيد والأمين والمأمون. وشهدت فترة رئاسته علاقات جيّدة وقويّة بين المسلمين والمسيحيّين. ومن المعروف أنّ أمّهات الخلفاء وزوجاتهم كنّ يلعبن دورًا كبيرًا في الحكم، فقد لعبت زبيدة بنت جعفر المنصور وزوجة ابن عمّها الرشيد ووالدة الأمين دورًا إيجابيًّا في بلاط الخلفاء لصالح المسيحيّين بتأثير طيموثاوس نفسه، لذا وصفتها المصادر المسيحيّة بـ"المحسنة الكبيرة". ويقول أحد المؤرّخين المسيحيّين: "كانت زبيدة أمّ الأمين تكرم طيموثاوس كثيرًا، وتميل إلى النصارى وتستخدمهم، وأخرجت توقيع الرشيد بإعادة المستهدم من الدير وتوسيعه، وعملت أعلام الشعانين وصلبانًا من ذهب وفضّة، وعاونت سرجيس، مطران البصرة، على بناء البيع (الكنائس)، وعضدت جبريل (ابن بختيشوع أمين سرّ الأمين) الطبيب".

 

5- شهد العراق حضورًا مميّزًا للأطبّاء المسيحيّين، ومنهم الطبيب جورجيس ابن جبرائيل الذي خدم أبا جعفر المنصور الخليفة العبّاسيّ. وظلّ ابن جبرائيل متمسّكًا بدينه فلم يقبل هديّة المنصور من الجواري، ودعوته إلى الإسلام. فحصل أن سأله المنصور عن زوجته، فقال: "كبيرة ضعيفة لا تقدر تنتقل إليّ من موضعها"، فأمر خادمه "أن يختار من الجواري الروميّات الحسان ثلاثًا، ويحملهنّ إلى جورجيس"، إلاّ أنّ الأخير أنكر ذلك، واعتذر للخليفة حين سأله عن سبب عدم قبول الهديّة: "هؤلاء لا يكونن معي في بيت واحد، لأنّا معشر    النصارى لا نتزوّج بأكثر من امرأة واحدة، وما دامت المرأة في الحياة لا نأخذ غيرها". وحاول المنصور أن يدخله إلى الإسلام، وهو يهمّ بالعودة إلى أهله بعد تمكّن الشيخوخة منه "إتّقِ الله وأسلم وأنا أضمن لك الجنّة"، فأجابه الطبيب: "أنا على دين آبائي أموت، وحيث يكون آبائي أحبّ أن أكون، إمّا في الجنّة أو في جهنّم".

 

6- انتشرت الأديار في العراق وازدهرت وسجّل بعض المؤرّخين أخبارها، فالمؤرّخ أبو الحسن الشابشتي يذكر في كتابه "الديارات" سبعة وثلاثين ديرًا في العراق وحده منتشرة في بغداد وتكريت والسامراء والبصرة والحيرة والأنبار وذي قار وغيرها من المدن. ومن أعظم ديارات الحيرة، التي غاب أثرها، دير (الملكة) هند بنت النعمان بن المنذر، فهي التي "بَنَت هذا الدير وترهّبت فيه وسكنته دهرًا طويلاً، ثمّ عميت". ويقال إنّها سألت خالد بن الوليد يوم دخل الحيرة: "هؤلاء النصارى الذين في أيديكم تحفظونهم"، فأجابها: "هذا فرض علينا، قد وصّانا به نبيّنا".

 

7- لقد أردنا من خلال هذه الروايات الإشارة إلى أنّ العراق ذو حضارة عريقة وأنّ المسيحيّة انتشرت فيه منذ نشأتها وما زالت حاضرة فيه إلى اليوم. إنّ العراق أرض عاش فيها قدّيسون كبار: شهداء ونسّاك وأساقفة وكهنة وعلمانيّون... وهذه الأرض ما زالت تنتج قدّيسين.

(منقول )

من

كلمة الراعي

تصدرها أبرشية جبيل والبترون للروم الأرثوذكس