المحرر موضوع: لماذا يشددُ البابا على موضوع الحرية الدينية؟  (زيارة 721 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عدنان عيسى

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 772
  • الجنس: ذكر
  • قلمي الحر مبدأي الحر وطني الجريح ..شعبي المهجر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لماذا يشددُ البابا على موضوع الحرية الدينية؟
بالنسبة للبابا، الحرية الدينية هي أوّلُ حقّ من حقوق الإنسان

لأنّه أصبح واضحًا في فترة حبرية البابا بندكتس السادس عشر أنّ المسيحية هي أكثرُ جماعةٍ مضطهدة في العالم لأسبابٍ دينية.

رأي أليتيا

مع أن القلق بشأن الحرية الدينية لا يشغلُ البابا بندكتس السادس عشر فحسب، بل البابوات الأخيرين بالعموم، فهي من دون شك واحد من أكثر المواضيع التي تكلّم عنها البابا في السنوات الأخيرة
 

من أكثر المواضيع التي تطرّق إليها البابا بندكتس السادس عشر في تعاليمه - خلال رحلاته الرسولية وأحاديثه للأساقفة من مختلف البلدان وفي اللقاءات مع سفراء دول العالم - هي الحرية الدينية والقضايا المتعلقة بها. خلال فترة حبريته، صار واضحًا وضعُ المسيحيين الخطر في العديد من بلدان العالم (على سبيل المثال في قمّة منظمة الأمن والتعاون في روما، 12 سبتمبر 2011). مستذكرًا تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني وسلفه البابا يوحنّا بولس الثاني، يعتبر البابا بندكتس السادس عشر الحرية الدينية حقًّا أساسيًا لكل شخص، متأصلاً في طبيعته الإنسانية، وواحدة من متطلبات الخير العام. فمن جهة، تعني الحرية الدينية حقّ الأفراد في اختيار إيمانهم بطريقةٍ عفوية، ومن جهةٍ أخرى تعني حقّ الطوائف الدينية في تنظيم نفسها والتعبير علنًا عن قناعاتها الخاصّة، دون تحديدات غير تلك التي تأتي عن النظام العام (خلاصة عقيدة الكنيسة الاجتماعية، عدد 421). في رسالته لليوم العالمي للسلام 2011، قدّم البابا مفاتيح تفكيره حول الحرية الدينية: الأوّل والأساسي هو أنّ هذه الحرية تشكّل جزءًا من الحقّ الأساسي في الحياة، وفي الحياة الدينية (عدد 4). فالحرية الدينية "ليست إرثًا مقتصرًا على المؤمنين"، بل لكل الناس والشعوب، وهي "عنصرٌ أساسي في سيادة القانون، لا يمكن رفضه دون أن يدمّر في الوقت ذاته جميع الحقوق والحريات الأساسية، لأنّه اساسها" (عدد 6). وأضاف بأنّ الحرية الدينية هي أوّل حقّ للإنسان. وأكّد قداسة البابا أنّ الحرية الدينية مرتبطة بالضرورة مع فكرة "العلمانية"، أي استقلالية الدائرة العلمانية، ولها اليوم عدوّان: التعصب الديني من جهة، وفي الطرف النقيض الآخر العلمانية العدوانية، "صيغتان نموذجيتان ومتطرفتان من الرفض للتعددية الشرعية ولمبدأ العلمانية" (عدد 8).

ويعيد البابا هنا ما قاله يوحنّا بولس الثاني، الذي تكلّم في السنوات الأخيرة من حياته عن تحدّيات الحرية الدينية أمام العلمانية، عندما ناقش مسألة إضافة ذكر الجذور المسيحية ضمن مشروع الدستور الاوربي.
 

اعتبر كثيرون البابا يوحنّا بولس الثاني "بطل" الحرية الدينية. ففي رسالته الأولى كبابا والموجّهة للأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت، كورت فالدهايم، تكلّم قداسته عن الحرية الدينية كأوّل الحقوق. صحيحٌ أنّ المسألة طٌرِحَت في تعليم البابوات السابقين (على سبيل المثال في رسالة البابا يوحنّا الثالث والعشرين "السلام على الأرض"، أو في حديث البابا بولس السادس لجمعية الأمم المتحدة، 4 أكتوبر 1965)، ولكن ليس بنفس القوة والعزم. بالنسبة ليوحنّا بولس الثاني، الذي يأتي من بولندا التي خضعت لنظامين استبداديين: النازي ثمّ الشيوعي، تعني الحرية الدينية حريّة الشخص أمام الضغوطات الخارجية. ففي أوّل رسالةٍ له "فادي الإنسان"، ذكر البابا الحرية الدينية بصورةٍ خاصّة جدًا. ومع اقتراب نهاية فترة حبريته، اكتسب استنكارُه للايدولوجيات العلمانية أهميةً كبيرة. بالتزامن مع إعداد مشروع الدستور الاوربي الجديد (2004)، الذي لم يذكر الجذور المسيحية للقارّة، وإن ذكرَ عصرَ التنوير، تكلّم البابا في عدّة مناسبات عن الحرية الدينية حتّى ضمن إطار عدم تهميشها في المجتمع. وفي إحدى لقاءاته الأخيرة مع أساقفة أسبانيا في 24 يناير 2005، شدد البابا الراحل على أنّ العلمانية "قد تؤدي بصورةٍ تدريجية وواعية تقريبًا إلى تقييد الحرية الدينية، إلى أن تصل إلى الاحتقار أو الجهل في المجال الديني، من خلال ربط الإيمان بالحياة الشخصيّة فقط ومعارضة جانبه العام (...). المفهوم الصحيح للحريّة الدينية لا يتوافق مع هذه الايدولوجية، التي تقدّم نفسها أحيانًا كالطريق الوحيد إلى العقلانية. إذ لا يمكن تقليص الحرية الدينية دون حرمان الإنسان في الوقت ذاته من أمرٍ أساسي". في السنوات الأولى من حبريته، تكلّم البابا بندكتس السادس عشر بصورةٍ خاصّة عن "علمانية إيجابية"، أي الحاجة إلى علاقةٍ مفصولة ولكن وفي الوقت عينه، إلى تعاونٍ بين الكنيسة والدولة كأساس للحرية الدينية.

على سياق المداخلات الأخيرة للبابا يوحنّا بولس الثاني، أراد البابا بندكتس السادس عشر في العام الثاني من حبريته التعمّق في مسألة العلمانية التي تهدد الحرية الدينية إذا همشت الجانب العام للإيمان.
 

في الرحلتين الرسوليتين في عام 2008، أوّلها إلى الولايات المتّحدة الامريكية (أبريل) والأخرى إلى فرنسا (سبتمبر)، أدهش قداسةُ البابا الحاضرين بمختلف الأحاديث التي عرّف فيها فكرة "العلمانية الإيجابية"، أي استقلال المحيط السياسي عن الديني، وضرورة تعاونهما في المجال الاجتماعي. في حديثه الذي جاء كإجابة على الرئيس ساركوزي، دافع البابا عن "العلمانية الإيجابية" متبنيًا المصطلح الذي استخدمه رئيسُ فرنسا. وشرح قداسته بأنّ هناك مفتاحين لفهم تعريفها: أنّ يتضمن تطبيقُ الدين بُعدًا عامًّا بطبيعته، وأن تضع الدولة والمؤسسات الدينية خير الشخص البشري كهدف لها. كان الحدثُ القمّة الذي توّج البابا بندكتس السادس عشر خلاله تعليمه عن العلمانية الايجابية، هو الاحتفال بالذكرى الثمانين لتوقيع معاهدات اللاتران والتي نتج عنها تأسيسُ حاضرة الفاتيكان وتمتعها بالاستقلال، والتعاونُ بين السلطات العامّة والكنيسة. نجدُ تعليمًا آخر في حديث البابا بندكتس السادس عشر في قاعة ويستمنستر في لندن أمام العالمَين السياسي والثقافي الانكليزي (17 سبتمبر 2010). في تلك المناسبة، طلب البابا عدم تهميش الجانب الديني في الحياة المدنية.

وبعدئذ، بين عامي 2009 و2012، شدد البابا بصورةٍ خاصّة على مسألة الحرية الدينية "كأوّل حقّ من حقوق الإنسان". وطُبِعت أهمُّ رسائله في هذا المجال في يناير 2010، بعد بضعة أشهر من سينودس الشرق الأوسط.
 

ساهم في إعداد نصّ الجواب الكاهنُ الاسباني بيدرو ماريا ريس، المشرف على صفحة: www.e-libertadreligiosa.net المخصصة لموضوع الحرية الدينية و www.iuscanonicum.org المكرسة للحق القانوني.
لـ ,
v
Inma Álvarez
ادناه الرابط لموقع  أليتيا
http://www.aleteia.org/ar/questions1376/
Abo   Rany