المحرر موضوع: سوريا: الثمن الباهض..!!؟  (زيارة 1456 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
سوريا: الثمن الباهض..!!؟
« في: 18:11 22/07/2012 »
سوريا: الثمن الباهض..!!؟

باقر الفضلي

بعد كل هذا الكم الهائل من المقالات الملتبسة،  والتدفق الذي لا ينقطع من سيل الادعاءات الفضائية المشكوك في  مدى صدقيتها بشأن ما يجري في سوريا اليوم، وبعد ما عكسته الجلسة الآخيرة لمجلس الأمن بتأريخ التاسع عشر من تموز الحالي  والمخصصة لبحث الشأن السوري، بعد كل هذا وذاك، لا يجد المرء نفسه، إلا كمن يغرد خارج السرب، أو كمن لا يسمع غير صدى صوته بين صخب جوقة المطبلين والمزمرين والضجيج الإعلامي المسيس والمدفوع الآجر..!؟


لقد عكست جلسة مجلس الأمن ليوم 19/7/2012 حقيقة حالة الصراع المحموم والأكثر إحتداماً على الصعيد الدولي حول مصير سوريا كدولة مستقلة، والمخاطر المحتملة التي تهدد مصير الشعب السوري الشقيق في النهاية، وما يمكن أن يكون عليه المآل المتصور جراء ما يمكن أن تؤول اليه تداعيات الخطط ومشاريع القرارات التي ترسمها أمريكا ومعها الحلف الغربي، ممثلاً بأقطابه الثلاث كل من بريطانيا وفرنسا والمانيا، والتي عبرت عنها بصريح العبارة خطب وتعقيبات كل من أقطاب التحالف المذكور أثناء ختام الجلسة، بعد فشل مشروع القرار المقدم من قبلهم بفرض عقوبات جديدة بحق سوريا تحت البند السابع، بما يمكن أن يبيته ذلك من فرص " التدخل العسكري "،  وتحت ألف حجة لتبرير ذلك التدخل، ولعل منها وعلى سبيل المثال: "ما يدعيه الإعلام الغربي والإسرائيلي بالذات عن وجود مخازن الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية في سوريا وضرورة التحكم بمصيرها حتى لو دفع ذلك شن الحرب على سوريا على حد تصريح باراك، خوفاً من وقوعها بيد حزب الله..!" (*) وبهذا التدخل تعريض سوريا لمصير لا يمكن التكهن بنتائجه، والذي أقل ما فيه، إنهيارها كدولة ذات شأن وموقع متميز ومؤثر في المنطقة، ولا يهم بعد ذلك ما سيكون عليه مصير الشعب السوري من تمزق في النسيج الإجتماعي والإحتراب الطائفي وتقسيم الوطن الموحد،  وما ستدفعه الأجيال القادمة من ثمن باهض في المستقبل، كي تطمأن تلك الدول على إطلاق يدها في تقرير مصير المنطقة، بما يحقق مصالحها ويعيد بنائها طبقاً لإستراتيجية بعيدة المدى في الشرق الأوسط..!!؟ (1)


وغني عن القول بأن مصالح الدول المتصارعة على الصعيد الدولي، لا تبتعد في جوهرها عن مصالح إقتصادية وسياسية، وفي جميع الأحوال فأن وجود سوريا بما هي عليه الآن من أزمة تضرب في عمق نظام الحكم المغلوب على أمره بما يشوب سياسته من تهمة الإستبداد، وهذا في حد ذاته يشكل هدفاً ميسور الوصول اليه في الإنطلاق الى تحقيق الأهداف الأخرى، التي تشكل حجر الزاوية في كل مخططات التحالف الغربي في المنطقة، وليست سوريا بمنئى عن تلك الأهداف، إن لم تكن أحدى العقبات الكأداء أمام مسيرة ما يدعى ب "الربيع العربي" الذي سلبته وقادته أمريكا والتحالف الغربي للناتو في المنطقة، طالما ظلت سوريا خارج ما رسم لها من "دور قادم" على الصعيدين السياسي والإقتصادي؛ لما لهذا الدور من أهمية حاسمة في العديد من الإتجاهات، بالنسبة للتحالف المذكور ولطبيعة مسيرة الصراع الإقليمي في المنطقة، وعلى نحو خاص ضمان أمن دولة إسرائيل،..!؟


فما دار في جلسة التاسع عشر من تموز الحالي لمجلس الأمن، ليس إلا إمتداد لنفس السيناريو، الذي ما إنفكت دول التحالف الغربي، ممثلاً بأمريكا وكل من فرنسا وبريطانيا وإلمانيا من جهة_ والتحالف العربي ممثلاً بالأمانة العامة للجامعة العربية من جهة أخرى، وفي جميع الأحوال، فإن السيناريو المقصود، والمتمثل بعضه في مشروع القرار المقدم الى مجلس الأمن في الجلسة المنوه عنها فيما تقدم، ومهما إختلف في شكلياته وأبعاده الإجرائية، فإنه لا يخرج في روحه وجوهره عن السيناريو المنفذ ضد ليبيا، وليست أحداث الأيام الأخيرة في سوريا إلا مؤشرات دالة على إرهاصات السيناريو الحالي الذي تحاول دول التحالف الغربي _ العربي السير فيه بكل إصرار، حتى لو دفعها ذلك الى الخروج على شرعية مجلس الأمن، بإعتباره ممثلاً للشرعية الدولية، والعمل من خارجه، وهذا ما لوحت به السيدة رايس مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية وباقي ممثلي التحالف الغربي في تعقيباتهم، بعد فشل مشروع القرار آنف الذكر، وهذا وحده ما فيه الكفاية لتأكيد ذلك الإصرار، ولعل أبلغ دليل على ذلك ما تناولته الصحف الغربية بهذا الشأن والتي تعكس حقيقة التوجه الأمريكي _ الغربي بشأن سوريا..!؟ (2)


وليس من باب التهويل، التذكير بأهوال ما يسمى ب (التدخل الأجنبي) وما يجره على الشعوب التي تعرضت لويلاته بالأمس القريب والبعيد، من دمار وخراب لا حدود لهما؛ إذ في الحقيقة، لا يشفع له كل ما يحمله من شعارات وجدانية وإنسانية وما يلوح به من إدعاءات وأوعاد بالحرية والسعادة، وما يدعيه من "حماية المدنيين" من بطش الحاكمين، فقد أثبت الواقع بأنها الكذبة الكبرى في العصر الحديث، وليست سوريا بمعزل عما كان مبيتاً لدول عربية سبقتها، وما خلط الأوراق ولبوس مطاليب الشعوب والظهور بمظهر المدافعين عن مصالحها إلا بعض من آليات النفاق والرياء التي تبطن الموت والهلاك، وأحدى سبل الخداع والتضليل؛ وبقدر تعلق الأمر بأوضاع سوريا وحالة الصراع الدائر بأبعاده المختلفة وطابع القوى التي تديره والمشاركة فيه، وطنية كانت أم أجنبية، وبعيداً عن التكرار، فقد جرى تناول الشأن السوري في أكثر من مقالة، يمكن العودة اليها في الرابط أدناه...!!؟ (3)
21/7/2012

  (*) http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2012/07/120720_israel_syria_intervenntion.shtml

(1) http://arabic.cnn.com/2012/syria.2011/7/19/russia.veto/index.html
                                                 (2 )  http://www.bbc.co.uk/arabic/inthepress/2012/07/120720_uk_papers.shtml
(3)  http://www.ahewar.org/m.asp?i=1189