المحرر موضوع: نحو محاربة التعريب وبناء الشخصية القومية: لا لقضاء الحمدانية، نعم لقضاء بخديدا  (زيارة 1739 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Ghassan Shathaya

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نحو محاربة التعريب وبناء الشخصية القومية: لا لقضاء الحمدانية، نعم لقضاء بخديدا

من مقومات أي شعب حيَ الأعتزاز بهويته القومية والثقافية، وشعبنا الكلداني/السرياني/الآشوري أحد الشعوب المغلوب على أمرها التي تتعرض الى مسخ وتشويه لتلك الهوية والخصوصية القومية الى حد أن التجاوزات على حقوقه وهويته أصبحت من الأمور العادية التي لا تستدعي أكثر من بيان أستنكار هنا وهناك يتبعه ،أو يتقدم عليه، مجموعة من المقالات التي أما تستنكر العمل أو تتباكى من الظلم أو تكتفي بمجموعة من الصلوات، التي تنتهي ضمنا بعبارة "هذا هو المكتوب، والله أعلم وله الحمد والمجد" وبعدها كل يذهب الى بيته ساكنا وراضيا بأنه قام بالمطلوب. والمحصلة أن الأغلبية الساحقة من المستنكرين والساكتين والمصلين لا يريدون القيام بأي فعل يتطلب أية تضحية، مهما كانت بسيطة، من أجل الدفاع عن تلك الحقوق المنهوبة ، فقد تكونت شخصية  لشعبنا معتمدة أما على الله فقط لاغير تطالبه بأن ينظر بعين الشفقة عليهم ويرسل طير أبابيل ليرمي أعدائهم بحجر من سجيل، أو الكلام بالتمني أن تأتي قوة أرضية أخرى ، تتصف بالنقاء والنخوة الشهامة ومستعدة أن ترسل أبنائها للموت دفاعا عن كلدان/سريان/آشوريي العراق، لأن هؤلاء لديهم ألف عذر وسبب لعدم أمكانيتهم للدفاع عن أنفسهم!!

مع الأسف ما كتبته أعلاه، وأن جاء بصيغة التهكم، يحكي عن حال أجيال فقدت الثقة بنفسها وبقدرتها في الدفاع عن أنفسها، يجابهها على الطرف الآخر مد أسلامي خطير ومؤمن بالقوة وبالأرهاب وقتل الآخر في سبيل الحصول على أهدافه وغنائمه، وأن لم يحصل عليها في هذه الدنيا فله في آيات قرآنه، من الضمان أنه في حال سقوطه شهيدا فأنه سيحصل في الآخرة على 72 حورية وغلام للأستمتاع بهم كهدية شكر لأستشهاده. أذن ما هو السبيل في مجابهة هكذا تيار ديني وسياسي مصمم، مع التيارات القومية الشوفينية العربية، من أجل أزالة الوجود المسيحي ليس في العراق فقط بل في العالم الأسلامي بأكمله؟

الجواب على هذا السؤال و بكلمات بسيطة، لكنها عميقة وتتطلبا جهدا خارقا، هو أعادة بناء الشخصية الكلدانية/السريانية/الآشورية على أسس جديدة تزيل آثار الظلم والأحتلال الأجنبي من تشويه ومسخ للهوية القومية والفردية، وأعادة ثقتها بنفسها وبقدراتها الذاتية في مجابهة الأضطهاد ورفض القبول بدرجة الذُمي أو المواطن من الدرجة الثانية، وخلق جيل جديد مؤمن بهويته المتميزة وفي حقه في البقاء في أرض الأجداد ومستعد على تقديم التضحيات، مهما غلت وكثرت،  في دفاعه ضد الأهداف الشريرة للتيارات الأسلامية الحاقدة على دين الحق المسيحي ، وضد التيارات الشوفينية العربية أو الكردية التي تريد الأستيلاء على ما تبقى من أرض الرافدين، أرض أجدادنا التي نهبت جميعها من أصحابها الأصليين، وما بقي منها الا القليل في مدن وقرى سهل نينوى.
 
ونحو ذلك الهدف وكخطوة أولى وبسيطة، ولا تتطلب غير الحد الأدنى من التضحيات الشخصية، أطالب وأدعو جميع أبناء شعبي في العمل نحو أزالة مخلفات سياسة التعريب البعثية وتغيير أسم التعريب والمهانة من قضاء الحمدانية الى قضاء بخديدا ليعبر وبحق أنه لا يوجد لا قرية ولا مدينة باسم الحمدانية كي يطلق مثل هكذا أسم على قضاء أكثر من 90% من سكانه هم من السريان/الكلدان/الآشوريين. أن هذا التغيير هو الخطوة الأولى لأعادة الثقة بأنفسنا وبقدراتنا الذاتية وأحترامنا لأنفسنا وهويتنا القومية. كفى مذلة وأهانة والقبول بمسخ هويتنا القومية والشخصية.

 أذا أستطاعت قوى شعبنا العاملة في العراق من تحقيق هذا الهدف البسيط، فسيكون له من التأثير المعنوي والنفسي من القوة والزخم بحيث يغير الكثير في عقلية شعبنا وفي طرق مجابهته للظلم وكيفية الحصول على حقوقه. وأنا متأكد أن عنصريي الموصل من العرب والأسلاميين ومن يقف ورائهم سيحاربون هذا التغيير وبكل قوة لأنهم يعرفون نتائجه المعنوية في خلق شخصية جديدة واثقة من نفسها وترفض المهانة أو الأستهانة بها، تغير المعادلة التي يتم من خلالها التعامل مع ابناء شعبنا في غبن حقوقه وعدم أقامة المشاريع الأقتصادية التي تساعد في القضاء على البطالة في المنطقة بالأضافة الى عدم تطوير الخدمات الأجتماعية والبلدية في مناطق سكناه، بل جلب أناس آخرين في محاولة التغيير الديمغرافي لها. ومن المؤسف ان طريقتهم في محاربة هذا التغيير ستعتمد وبالدرجة الأولى على أستغلال عوامل الضعف وعدم الثقة والجبن عند البعض من أبناء شعبنا وشراء ضمائر البعض الآخر. أي أستغلال نفس العوامل في شخصية شعبنا التي نريد محاربتها وأزالتها. واذا فشلوا في هذا المسعى فحينها سيكشرون عن انيابهم وحقيقتهم الحاقدة وسيستخدمون أساليب التهديد والوعيد ثم العنف أذا أستطاعوا له سبيلا. علينا أن نعرف أعدائنا جيدا وأهم منه أن نعرف ونصحح نقاط ضعفنا والثغرات التي يمكن المرور منها لأفشال أي عمل شريف يخدم قضايا شعبنا، وبيننا من الجبناء والخونة الكثير.

علينا محاربة ثقافة الاستسلام، أو ثقافة الخوف والرعب التي تسود لدى الكثير من أبناء شعبنا.  فالأستسلام للواقع يميت التحفز البشري نحو التطوير وتطلعه نحو حياة أفضل. أن ثقافة الأسترقاق والأستسلام ثقافة مكتسبة ؛ ويقول الفيلسوف أيمانول {أن الأمة التي لاتشعر كلها أو أكثرها بآلام الأستبداد لاتستحق الحرية}. ويصف أحمد شوقي الشعوب المقهورة :
ملأ الجو هتافا بحياة  قاتليه    ياله من ببغاء عقله في أذنيه.

على  مثقفي شعبنا لعب دور ضمير الأمة في محاربة ثقافة الأستسلام، فقد تنهزم الأمم عسكريا وحضاريا لكنها تستمر في البقاء طالما أستمرت طليعتها غير منكسرة أو منهزمة تلملم شتات ما تبقي، محاولة الانطلاق من جديد، متوجهة نحو المستقبل، مؤمنة بحقها في الوجود، وبحقها في المحاولة، وبحقها في العمل، وبحقها في الإنسانية.  على مثقفي شعبنا أشاعة ثقافة المقاومة بكل ما يحتويه هذا المصطلح من عناصر المجابهة والصمود والتصدي. فوجودنا التاريخي في أرض الأجداد في خطر جسيم من دون خلق هذه الثقافة الجديدة في وجدان شعبنا. فلم يبني لا آشور بانيبال ولا نبوخذ نصر أمبراطوريتهما من خلال ثقافة الأستسلام لغزوات الشعوب المجاورة لأرض الرافدين الخصبة بل من خلال المقاومة وردع الطامعين.
 
أدعو جميع مثقفي شعبنا تبني مقترح "قضاء بخديدا" والعمل على تحقيقه، فمنذ أكثر من سنتين وأنا أدعو وأناقش هذا المقترح مع البعض من سياسيي شعبنا ولكن من المؤسف لا مجيب، واليوم أطرحه للمناقشة والتبني أمام الجميع،  فبتحقيقه تبدأ الخطوة الأولى نحو أعادة بناء الثقة بالنفس، ومن كون الشعوب الحية تعتمد على أنفسها لا على الغير ، لا تتوسل من هذا وذاك وتتباكى على حالها وتطالب الآخرين بالدفاع عنها في حين ترفض هي أن تدافع عن نفسها وبقدراتها الذاتية مهما كانت قليلة أو ضعيفة (بالطبع مع أقامة تحالفات جانبية مع الأصدقاء، وهذا موضوع آخر لا أريد التطرق اليه الآن).

من دون أعادة بناء الشخصية الكلدانية/السريانية/الآشورية سيكون مصير شعبنا كحال تلك الشعوب التي فقدت الثقة بنفسها وأنحنت للأقوى فأنقرضت وأصبحت كلمات في كتب التأريخ ليس الا . فهل سيبقى لنا وجود بعد 50 أو 100 عام من اليوم؟ الجواب على هذا السؤال يعتمد على ما يقوم به جيلنا الحالي ان كان قادرا على أعطاء راية الديمومة  الى جيل الأبناء والمستقبل، راية نرفض أن نزول، راية سنبقى بالرغم عن جميع الصعاب وضد أهداف جميع الأشرار والمجرمين، فالمسيح كان وسيبقى مثال الشجاعة والقوة وبتضحياته خلقت المسيحية كديانة وعقيدة وأيمان. فهل سيكون المسيح العظيم قدوة لنا أم سنستمع الى كلام الحمقى وخدم السلاطين من أن من ضربك على خدك الأيسر أعطه الخد الأيمن ، هؤلاء الرعاع الذين يريدون تفسير كلمات المسيح الرائعة في المسامحة والغفران من موقع الأعتداد والقوة والثقة بالنفس الى كلام جبن وذل ومهانة وأنحناء وقبول الظلم، كلام عبيد السلاطين والحكام.

لنبدأ جميعا من مثقفين وأفراد وممثلي أحزاب ومنظمات سياسية وأجتماعية، برفض أستخدام كلمة قضاء الحمدانية وأستخدام الأسم الصحيح، قضاء بخديدا في جميع مراسلاتنا ومقالاتنا وفيما بيننا وفي تعاملنا مع أجهزة الدولة العراقية.

لنقوم جميعا بمناقشة وأقناع قائممقام قضاء بخديدا، السيد نيسان كرومي، وأعضاء مجلس قضاء بخديدا وبمساندة كنائس شعبنا في القضاء، وجميع المنظمات السياسية والأجتماعية الفاعلة في المنطقة، بأرسال طلبات رسمية الى مجلس محافظة نينوى والى السيد المحافظ ومستشار شؤون المسيحيين في المحافظة وبمساندة أعضاء البرلمان العراقي من ممثلي شعبنا، لتثبيت الأسم الصحيح لقضاء بخديدا وتغيير أسم الجامعة المقترح أقامتها الى أما جامعة آشور (الأسم الأصح والمفضل لدي لكونها في أرض آشور التاريخية)  أو أي أسم آخر يعبر عن هوية شعبنا.

أذا أراد الشعب يوما الحياة فلا بد أن يستجيب القدر!

غسان شذايا
6 آب 2012