المحرر موضوع: مبدعون في الغربة ستار الساعدي اول فنان عراقي وعربي في هولندا  (زيارة 1056 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل محمد الكحـط

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 959
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مبدعون في الغربة:
ستار الساعدي اول فنان عراقي وعربي في هولندا يُدًرس الآلات الايقاعية العراقية الشرقية في كونسرفتوار في امستردام والمدارس الهولندية





حاوره: محمد الكحط

ستار الساعدي فنان مرهف الحس، مجتهد في عمله، لم يحد طموحه حدود، فوصل الى مرحلة من التخصص بالموسيقى وخصوصا فن الإيقاع، أعترف له بها الجميع، حاورناه وأردنا معرفة بداياته، فهو من موليد بغداد عام 1967 من عائلة بسيطة, كان والده مولعا بالثقافة والسياسية، زرع في روح أبناءه  حب الناس والشوق الى كل ماهو معرفي وثقافي, بدأ ستار مشواره الموسيقى والايقاعي مبكرا بشكل فطري من خلال الإستماع الى كل انواع الموسيقى والغناء، كان اكثر مايشده الايقاع والنص الشعري، مما دفعه الى حفظ الكثير من الموشحات والادوار والاغاني، فأحس كأن الحياة لاتسير الا وفق الايقاعات الكونية المرسومة لها.
محطاته الاولى كانت مع الفنان عازف الاوكورديون رمزي النحات، والاستاذ يونس عازف الكمان، والمطرب الراحل سعدي البياتي وسعدي توفيق، فكانوا لايبخلون في اعطاءه المعلومة والخبرة الفنية.
 كذلك من لهم الفضل في مجال تطوره جميل جرجيس، فاروق هلال, عبيد خميس, هيثم شعوبي، جعفر حسن , وكريم هميم  وكثرين غيرهم، ويؤكد أنه  من اهم الفنانين الذين تأثر بهم سعدي البياتي، خضر الياس، سعدي الحلي رياض احمد،  ومن الفنانين العرب،  عبد الحليم حافظ، وام كلثوم وفيروز ووديع الصافي.
وعن دور الموسيقى في تطوير الألهام وإغناء الروح البشرية يقول:
((الموسيقى والفن اصبحا في عصرنا الحديث جزء مهم من تفاصيل الحياة والدراسة وفي المجالات الثقافية، فانا الان اعطي دروسا في المدارس والجامعات الهولندية في الايقاعات الشرقية من ضمن برنامج يعنى بالموسيقى العالمية, حيث يتعرف الطلاب على كل انواع الموسيقى العالمية, وتركز المؤسسات التعليمية على توسيع مدارك الطلبة وتزرع لديهم محبة كل مجالات الثقافة والفن والموسيقى، كما تنمي لديهم اللهفة الى معرفة الآخر المختلف عن لغتهم وتاريخهم وقارتهم وبلدهم. لقد اثبتت التجارب ان الطلاب الذين يمارسون هوايتهم الموسيقية والفنية والرياضية هم اكثر الطلبة تفوقا, كون الفن والابداع يحفز الطاقات ويقوي التركيز لدى المتلقي بالاضافة الى الدور الرئيسي بتهذيب الروح وتعيلم الانسان وزرع فيه حب العمل والروح الجماعية وخلق الابداع مع بقية الطلبة والمشاركين. وبالتالي ان تسعى لخلق جيل مبدع خلاق غير ميال الى العنف, تواق الى الجمال ومحب للحياة والثقافة والعمل الابداعي)).
لقد درس ستار الساعدي الفن المسرحي في جامعة بغداد وحصل على البكالوريوس، وتتلمذ على يد الاستاذة بهنام مخائيل عقيل مهدي، جعفر السعدي، شفيق مهدي، وبدري حسون فريد، وسامي عبد الحميد، ومؤيد وهبي، وثامر مهدي, وغيرهم من اساتذة المسرح والموسيقى, وبالنسبة الى الجانب الموسيقي والايقاعي فاغلب ماتعلمه كان اجتهاد شخصي نابع من حبه له، وكانت نصيحة بتهوفن التي قرأها يوما "اذا اردت ان تعزف ساعة فاستمع ثلاثة ساعات" أمامه دوما.

كما مرّ الساعدي بمحطات فنية كثيرة، من خلال تجربته مع الفرق الهولندية والعالمية، حيث تمكن من اقناعهم بجمالية الآلات الايقاعية الشرقية، فاستخدمها في كل انواع موسيقاهم من  السمفونية الى الجاز, فكان اول عراقي وعربي في هولندا يُدرس الالات الايقاعية العراقية الشرقية في كونسرفتوار في امستردام والمدارس الهولندية, بالاضافة الي المؤسسات الفرنسية والدول الاوربية الاخرى.
فحصل على الجائزة الاولى للموسيقى التصويرية عن فيلم "نيما تمبا شيربا" للمخرجة الهولنية مارغريت يانسن والذي فاز بالجائزة الاولى في مهرجان فلم الجبال العالمي الذي اقيم في النيبال وعرض في اغلب دول اوربا واميركا وقناة الجيوكرافك العالمية، كما فاز بالجائزة الاولى كافضل عازف موسيقي في مهرجان فيفا ديفيرستي  في هولندا في لاهاي عام 2007 والجائزة الثانية عن مشاركته الايقاعية في فليم كلكامش 21 للمخرج طارق هاشم والذي اقيم في الامارات العربية، وحاز على العديد من الشهادات التقديرية والجوائز الأخرى.
عانى وتغرب هذا الفنان بسبب النظام الدكتاتوري البائد على جميع الاصعدة الفنية والثقافية والانسانية, فكانت هولندا هي بلده الثاني بعد العراق وقد احب هذا البلد لانه منحه  الامان في زمن لا امان فيه، ولم تكن الغربة بالشئ الهين والسهل عليه وهو القادم من بلد آخر ومن لغة وثقافة وتقاليد مختلفة، ولم يكن هذا النجاح سهلا الا بالاجتهاد وبالدراسة وبالعمل المثابر.
لقد اضافت الغربة للساعدي عوالم جديدة, من التعرف على المجالات الاخرى بما فيها الموسيقى والاساليب الحياتية، بعيدا عن المحسوبية مع مختلف الثقافات والاديان والمعتقدات على اساس واحد لاغير هي محبة واحترام الاخر على اساس القيم الإنسانية المشتركة، كما ايقن ان الهواء الذي نستشقه هو واحد والشمس والقمر والارض والقلب والدموع والابتسامة, هي الموحد وليس المفرق بين الجميع، هذا مامنحه القوة في الاستمرار بالعطاء والنجاح.
فكان دائما تواقا الى خلق وتأليف ايقاعات جديدة، وحاول دائما ان ينطق اللحن بطريقته الخاصة والتي يحسها بشكل مختلف عن غيره،  كما أضافت دراسته المسرحية له الكثير للتجديد في عالم الايقاعات, فهو اعتمد الطريقة التعبيرية في العزف, وليس كما هو معروف عن آلة الايقاع كمصاحب, يقول: ((أنني احاول ان اعطي الصورة اللامرئية من قبل, فلو تسمع قطعتي صعود او الاهوار الباكية او الطريق من كربلاء, او السفينة الغرقى, فانك سترى من خلال لوني الدٌم والتك (الاسود والابيض) الوان متعددة كاقواس القزح, وهذا في رأيي يكمن عنصر الابداع , بانك تجعل من المسموع مرأي بالمخيلة والذاكرة الانفعالية كما يسميها ستانسلافيسكي)).
سألناه هل تود العودة الى العراق حين أستقرار الأوضاع لتواصل أبداعاتك: فأجاب بالتاكيد فالعراق كوطن واهل واصدقاء وذكريات جزء لايتجزأ من قلبي وكياني ووجداني, وسبق لي انني عدث ثلاث مرات واقمت اماسي عديدة مع الفنان جعفر حسن, والفنان علي حسن, وهناك الكثير من المشاريع القادمة.
وبخصوص تأثره بحضارة وادي الرافدين وهل كانت ملهما لأبداعاته، يقول:
((عمري كعمر حضارة وادي الرافدين, فانا استمد من كل ماقرائته ورأيته من معالم تاريخية ومما استنتجته شخصيا, احاول ان استلهم من هذا الماضي العريق لنصنع بادواتنا وطريقة تفكيرنا الحالية اشياء جديدة, وقطعتي الصوفية مذكرات كلكامش  استلهمتها من الاسطورة العظيمة ومن انكيدو وكلكامش وبحثه عن الخلود.))
كلمة أخيرة، امنيتي ان يعود العراق معافى ويتعافى من جراحه، واود القول ايها العراق الرائع باجناسه والوانه واطيافه واعراقه، وان كثرت الغربان ضدك لكنك ستكون اولا واخرا  النبراس الذي يضئ دروب وقلوب الاخرين.