المحرر موضوع: عن أرتباط سهل نينوى بكردستان  (زيارة 1650 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالاحد سليمان بولص

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2135
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عن أرتباط سهل نينوى بكردستان

كثرت الطروحات في الآونة الأخيرة حول موضوع المنطقة الآمنة لمسيحيي العراق في سهل نينوى وربط السهل بكردستان العراق كما طرحته أيضا مسودة دستور أقليم كردستان التي صدرت مؤخرا ولما لهذا الموضوع الشائك من أهمية قصوى لمستقبل المسيحيين العراقيين وتأثيراته  على تاريخهم وأنتمائهم الأصيل لأرض العراق أرض الأجداد ككل أرجو أن أبدي رأيي الشخصي في هذه النقطة الهامة جدا عسى أن يساعد هذا الرأي في كبح بعض الأندفاع الذي يدفع الكثيرين للمطالبة بهكذا أرتباط بسبب التدهور الأمني الذي فاق كل تصور وأصبح أقرب ما يكون لما كان عليه الوضع أيام الأحتلال المغولي لهذا الوطن العزيز على قلب كل مواطن مخلص  وأصيل.

مما لا شك فيه أن منطقة الحكم الذاتي الكردية أو أقليم كردستان حسب مفهوم الفدرالية في الشمال  يعيش حالة أستقرار نسبي أفضل بكثير من بقية أجزاء العراق حيث الظلم واقع على المواطنين على أختلاف مشاربهم والأمل ضعيف في تحسن الأوضاع في وقت قريب وعدم رؤية الضوء في نهاية النفق الذي طال أنتظاره من قبل الجميع بسبب طول فترة الفلتان الأمني وعدم قدرة الحكومة المركزية المنتخبة السيطرة على الأمور.

هل من مصلحة الكلدان/الآشوريين /السريان حشر أنفسهم في موضع صغير من وطنهم والتنازل عن حقهم في التواجد في الجزء الأكبر من أرض أجدادهم هو الحل الأمثل لمستقبل أجيالهم وهل أن سهل نينوى يمكنه أن يأوي كل المسيحيين  ويوفر لهم العيش الكريم؟ وللأجابة على هذا التساؤل الذي يهم الجميع أقول بدون تردد أنه ليس كذلك على الأطلاق وأن الفكرة لا تمثل ألا عملية هروب الى الأمام سببه كما قلنا الظروف القاهرة التي يمر بها البلد. أن منطقة الحكم الذاتي المسماة بكردستان الجنوبية مرشحة لأن تكون دولة كردستان في المستقبل عاجلا  أم آجلا وهذا حق من حقوق الأكراد كأي شعب من شعوب العالم  في  تقرير المصير.كما أننا لو أرتضينا أن نكون محشورين في منطقة تابعة لأقليم كوردستان وكردستان هي جزء عزيز من موطن الأجداد فأننا نرتضي أن نضع كل بيضنا في سلة واحدة كما يقول المثل ونتنازل تلقائيا عن حقنا في التواجد في المناطق الأخرى من العراق لأنه لو أنفصل الأقليم عن العراق فأن ذلك سيخلق حتما مناخا غير ودي مع الأجزاء الأخرى من العراق ومع دول المحيط أن لن يكن عدائيا  وفي هذه الحالة قد نمنع من دخول العراق وفي أحسن الأحوال سندخله بواسطة جواز سفر كدخولنا الى أي بلد آخر.

ماذا سيكون موقفنا تجاه أجدادنا في هذه الحالة وماذا سنقول لأبن أور أبراهيم الخليل أبي الأنبياء  وما موقفنا تجاه كلكامش وأنكيدو ونوح وحمورابي وسرجون الأكدي ونبوخذنصر والنعمان بن المنذر ملك الحيرة والمثنى بن حارثة الشيباني الذي ساعد جيش المسلمين بقيادة سعد بن ابي وقاص في دحر الفرس الذين كانوا يحكمون العراق لقرون عديدة وآل بختيشوع زارعي  العلم والمعرفة وغيرهم الكثيرين؟. ماذا سنقول لناشري الديانة المسيحية الأوائل وشهدائهم من أدي وماري رسولي العراق وكنيستهما الأولى في كوخي أو شمعون برصباعي ورفاقه ومئات الوف الشهداء الذين أريقت دماءهم في العراق.ماذا عن بابل وأكد وأور ونيبور وعشرات غيرها من مدن الأجداد؟

أن ما يمر به العراق  ليس موجها ضدنا  كمسيحيين كما نتصور بل هي حالة عامة يعاني منها الجميع بدون أستثناء وأذا كان بعض ضعاف النفوس يستغل ضعف المسيحيين المسالمين وغيرهم من الأقليات مثل الصابئة لعدم أمتلاكهم ميليشيات تحميهم ولأنهم لا يؤمنون بالعنف أصلا فأن ذلك لا يبرر أختيار أسهل الحلول دون دراسة معمقة لجدواها المستقبلية. أن من واجبنا المحافظة على كل المواقع التي نتواجد فيها وعدم التفريط بها مهما كانت الصعوبات التي تعترضنا حتى لا يأتي يوم نعض فيه أصابعنا ندما  لأن الأوضاع في المنطقة غير مستقرة وقد شاهدنا خلال العقود القليلة الماضية كيف انتقل تدهور الأوضاع الأمنية من منطقة الى أخرى وكيف حصلت هجرات متعاكسة في الأتجاه. أن وجود حاكم عادل في هذه المنطقة اليوم لا يعني أطلاقا أنه سيخلفه حاكم عادل مثله لأن العقلية السائدة في كل المنطقة لا زالت عقلية عشائرية والى أن يأتي اليوم الذي تقاس فيه قيمة المواطن بمواطنته وليس بأنتمائه العرقي أو الديني لابد لنا أن نحسب الأمور بروية وحكمة لكي لا ندفع في المستقبل ثمنا باهضا أكثر مما ندفعه اليوم.

أن الأحوال سوف تتغير حتما ومن غير الممكن أن تخلو بلاد الرافدين مصدر الأشعاع من أناس سيبذلون الغالي والنفيس في قلب هذه المعادلة المؤلمة التي تسيل فيها دماء الأبرياء من كل الأطراف  هدرا على يد قلة متخلفة من الناس لا تؤمن ألا بالعنف ولا بد أن يأتي ذلك اليوم الذي ينظر فيه الى كل المواطنين نظرة واحدة لا يفرق بينهم ألا مستوى أخلاصهم والخدمة التي يقدمونها لبلدهم الذي يجب أن يكون خيمة تأوي الجميع لا أن يذبح الأخ أخاه المواطن بأسلوب قانون الغابة. أن أفضل نموذج للتعايش نراه في سويسرا على سبيل المثال حيث توجد في هذا البلد الجميل والصغير أربع قوميات رئيسية وفيه أربع لغات رسمية.

 لا حياة بدون أمل ولا يجب أن نفقد الأمل.

عبدالاحد سليمان بولص