المحرر موضوع: نظرة مراقب على إنتخابات زوعا في قاطع شيكاغو – الولايات المتحدة الأمريكية  (زيارة 1836 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 396
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نظرة مراقب على إنتخابات زوعا
في قاطع شيكاغو – الولايات المتحدة الأمريكية

أبرم شبيرا

صادف زيارتي لمدينة شيكاغو إنعقاد كونفراس قاطع الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) في شيكاغو في التاسع عشر من هذا الشهر (آب) ولم تبخل قيادة زوعا على طلبي لحضور الكونفراس ومراقبة إنتخابات مسؤول وأعضاء قيادة القاطع مع الإستاذ شيبا مندو رئيس المجلس القومي الآشوري في ألينوي – شيكاغو بصفة ضيوف شرف ومراقبين عن سير الإنتخابات التي أدارها وأشرف عليها السيدان باسم بلو ويعقوب كوركيس عضوا اللجنة المركزية للحركة والقادمان من الوطن. في القسم الأول من الكونفراس ناقش المجتمعون ولساعات طوال مجموعة قضايا إدارية ومالية وتنظيمية وأخرى متعلقة بشؤون أمتنا في قاطع شيكاغو ومن ثم الوصول إلى قرارات تصب في التحليل الأخير لمصلحة تطوير نشاط الحركة في المنطقة وترسيخ مسيرتها بين أبناء امتنا. في القسم الثاني من الكونفراس بدأت إجراءات إنتخابات مسؤول وأعضاء القاطع. وجرياً على الأصول المتبعة في حضور المراقبين لمثل هذه الإنتخابات ألتزمنا إلتزاماً كاملاً بها والتي أنحصرت في المراقبة فقط دون التدخل في سير الإنتخابات رغم أننا كونًا مجموعة ملاحظات من خلال مراقبة سير الإنتخابات والإجراءات المتبعة في إنتخاب مسؤول وأعضاء القاطع والتي ندرجها في أدناه سعياً للفائدة التي نتوخى منها تطوير مسيرة زوعا في بلدان المهجر إضافة إلى تنوير أبناء أمتنا ببعض من هذه الملاحظات التي تزيد من مداركم ومعرفتهم عن ما يجري خلف جدران الحركات والأحزاب التي تسعى إلى تمثيل أمتنا سواء في أرض الوطن أم في المهجر.

كان حضور المجتمعين كبيراً نسبياً لمدينة في المهجر ومقارنة مع غيرها من الأحزاب التي لا يتجاوز عدد الحاضرين في مؤتمراتهم في البعض منها عشر العدد الحاضرين ليس في المهجر بل في الوطن أيضاً. وعندما نتحدث عن المؤتمر الحزبي لا نقصد به تلك المهرجانات التي يقيمها بعض الأحزاب والتنظيمات القومية التي يحضرها جمهرة غفيرة من الأعضاء وغير الأعضاء وتدعي بأنه مؤتمرها السنوي، فالمقصود بالمؤتمر هنا هو الحاضرين له من الأعضاء الذين تنطبق عليهم شروط العضوية وحسب النظام الداخلي للحزب.

وقبل الشروع في عملية الإنتخابات كان السيدان باسم بلو ويعقوب كوركيس قد ألقيا كلمتهما للحاضرين مبتدئين بالترحيب بالسيدين شيبا مندو وأبرم شبيرا كمراقبين وضيوف شرف لهذا الكونفراس ثم شرحوا إجراءات وإلتزامات وحقوق الحاضرين في التصويت للمرشح الذي يرغبون فيه بكل حرية وبدون تردد. عندما فتح باب الترشيح لمنصب مسؤول قاطع شيكاغو لزوعا رشح كل من السيد ميخائيل (زيا) ججو والسيد ألكسندر ديفيد. ثم شرع كل واحد منهم وفي بضع دقائق بيان أسباب ترشحه لهذا المنصب والبرنامج الذي يسعى إلى تحقيقه. فالسيد ميخائيل زيا ججو هو مسؤول قاطع شيكاغو لزوعا ومن الكوادر القديمة في الحركة وعضو سابق للجنتها المركزية. أما السيد ألكسندر ديفيد فهو من العناصر الشابة المثقفة والواعية التي عملت لفترة طويلة مع السيد زيا ججو في إدارة شؤون القاطع. وصراحة أعجبني فيه شجاعته الجريئة في القول بأنه تعلم أبجدية السياسة وفكر الحركة من السيد زيا ججو وعمل تحت أشرافه لفترة طويلة وأكتسب خبرته الفكرية والسياسية من خلال العمل معه، وبالمقابل كان السيد زيا ججو قد قال بأنه فخور جداً بأن يرى أحد الشباب الذين عملوا معه وتعلموا منه الكثير من الأمور السياسية والحزبية والقومية يصل إلى مستوى من الوعي والإمكانية لكي يقف على عتبة التنافس معه على منصب مسؤول القاطع...  حقاً قال المثل العراقي (الخلفة يصير أوسطه).

ففي جو ديمقراطي نزيه وبأسلوب سلس وواضح بدأت إجراءات إنتخاب مسؤول القاطع فبعد توزيع أوراق الإنتخابات والإقتراع السري وفرز الأصواب فاز السيد زيا ججو على السيد ألكسندر ديفيد بفارق ضئيل جداً لم يتجاوز بعضة أصواب. ثم فتح باب الترشيح لإنتخاب أربعة أعضاء للجنة القاطع فرشح سبعة من الحاضرين ففاز بعضوية اللجنة الإنسة ميري مرقس والإنسة ندى ألكسندر والسيدان أوراهم عوديشو ونينوس باديني.

 الملاحظات التي كانت أكثر إثارة للإهتمام وملفة للنظر والتعجب أيضاً تتركز في مجالين:
الأول: حضور العنصر النسائي بعدد يمكن أن يقال عنه بأن كبير في مقارنة مع الحضور النسائي الذي نشهده في التجمعات السياسية وغير السياسية، حيث كان حضورهن يزيد عن ثلث أعضاء الحاضرين، والأكثر تعجباً كانت الشجاعة الأدبية التي أتصفهن بها في المناقشة الجريئة والمداخلات القيمة والموضوعية.
الثاني: الحضور المكثف للشباب، لابل أقول وبكل صراحة الشباب المثقف والواعي والجريء في المناقشة وأبداء الأراء القيمة والبناءة وعدم التردد إطلاقاً في مواجهة الحجة بالحجة التي هي أحسن في مناقشة المسؤولين الكبار الذين حضروا الكونفراس وتجلى ذلك في ترشح أحد هؤلاء الشباب لمركز مسؤول تنظيم القاطع وهو السيد ألكسندر ديفيد ومنافستة لعنصر من العناصر القديمة في زوعا وأقصد السيد ميخائيل زيا ججو. والحق يقال، لقد أثار أعجابي الكبير هؤلاء الشباب في كون معظمهم من الذين ولدوا أونشأوا في المهجر – الولايات المتحدة الأمريكية – وأمتلكوا وعياً قومياً سياسياً ناضجاً ويتكلمون لغة الأم بكل فصاحة وكمال ويتحلون  بشجاعة أدبية وفكرية كبيرة في المناقشة والمداخلات.

والأن جاء الملاحظات التي تكونت عندما عن هذه الإنتخابات وبيانها في ضوء موضوع سبق وأن تم التطرق إليه في مناسبات عامة وخاصة وهو موضوع أسلوب إنتخابات المسؤول سواء أكان السكرتير العام الحركة أو مسؤول القاطع أو مسؤول لهيكلية أخرى واللجنة المركزية أو لجنة تنظيم قاطع أو فرع، وعلى العموم سنأخذ تسمية السكرتير العام واللجنة المركزية كنموذج لهذا الموضوع. فمن المعروف في علم السياسة بأن هناك أسلوبان الأول مباشر والآخر غير مباشر. فالأول يتم إنتخاب السكرتير العام من قبل المؤتمر العام مباشرة ثم بعد ذلك يتم إنتخاب أعضاء اللجنة المركزية. وهو الأسلوب المتبع حالياً في زوعا وفروعها في الوطن والمهجر. ويفضل أن يسمى في هذه الحالة السكرتير العام أو الأمين العام للحزب. أما الأسلوب غير المباشر فيتم أولاً إنتخاب أعضاء اللجنة المركزية ثم من بين هؤلاء الأعضاء يتم إنتخاب السكرتير ويفضل أن يسمى سكرتير اللجنة المركزية. وهو الأسلوب الذي كان متبعاً سابقا في زوعا وفروعها في الوطن والمهجر. ولكل أسلوب محاسن ومثالب تتحدد وفق معايير معينة، ومنها: عدد أعضاء الحزب وحجم الأمة التي تحاول تمثيلها وعدد الكوادر الحزبية والإمكانيات الفكرية والسياسية للحزب، وأخيراً عمق الخلافات والتناقضات الموجودة بين أعضاء الحزب أو أبناء الأمة.

فمن الوقائع المعروفة بأننا أمة صغيرة وقليلة العدد في مقارنة مع الأمم والشعوب المحيطة بنا وبالتالي فإن حجم أحزابنا السياسية تكون صغيرة من حيث أعضاءها وتتصف بشحة في كوادرها الحزبية والفكرية المتمكنة والمتفرغة للعمل الحزبي. أما من حيث عمق الخلافات والتناقضات  فكما هو واضح بأنه رغم عمق حضارتنا وتاريخنا الطويل إلا أننا أمة تتصف ببسباطة ووضوح وسلالة في طبيعتها الإجتماعية والفكرية وبالتالي قلة تناقضاتها الفكرية والسياسية، أي بعبارة أخرى قلة التناقضات الإيديولوجية والفكرية بين أحزابنا السياسية وبين أعضاءها أيضاً، ما عدا الخلافات الدينية والطائفية والعشائرية والقريوية التي لا تدخل ضمن أيديولوجية أحزابنا السياسية  حتى تصبح عوامل مفرقة بينهم.

ففي الإنتخاب المابشر، عندما يترشح شخصان أو أكثر لمنصب السكرتير العام فمن المفترض أن يكونوا من الكوادر الحزبية المتقدمة فكرياً وتنظيمياً. وعندما يفوز شخص واحد لهذا المنصب ستكون خسارة للكادر الآخر المترشح للمنصب والذي لم يفز وبالتالي يصبح خارج دائرة القيادة التي كان يرغب أو يطمح بها ويصعب عليه العمل من المواقع الأخرى الأدنى في الحزب. ونادراً جداً، أن لم يكن محالاً أن نرى إستثناءاً لهذه الحالة في أحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية، أي أن يعمل الخاسر لمنصب السكرتير العام من مواقع أخرى في الحزب. والحالة تنطبق على إنتخاب مسؤول قاطع شيكاغو فمن المؤسف أن يكون السيد ألكسندر ديفيد خارج الدائرة القيادية رغم تأكيده على أنه سيتمر في العمل في زوعا مهما كانت النتائج.

أما في الإنتخاب غير المباشر، فعندما يترشح عدد معين لللجنة المركزية ويتم إنتخاب العدد المطلوب ومن ثم بين هؤلاء يتم إنتخاب أحد المرشحين لمنصب سكرتير اللجنة المركزية فالخاسر في هذه الإنتخابات سيبقى ضمن اللجنة المركزية وفي أكثر الإحتمال سيتولى مسؤولية في المكتب السياسي وبالتالي سيكون توفير للكادر الجيد من خلال بقاءه ضمن حلقة القيادة العليا، أي اللجنة المركزية.

في الإنتخاب المباشر للسكرتير العام له مثالب أيضاً تنعكس على الكوادر المترشحة لعضوية اللجنة المركزية، وتتمثل في السيناريو التالي: عندما يترشح شخصين أو أكثر لهذا المنصب ويفوز به واحد منهم ثم بعد ذلك تجري عملية الترشيح لإنتخاب أعضاء اللجنة المركزية فإن بعض من الكوادر الجيدة والكفوءة قد تتردد وتمتنع عن ترشيح نفسها لعضوية اللجنة المركزية بحجة عدم رغبتها في العمل مع السكرتير العام المنتخب لأنه لم يكن من الذين صوتوا له ولا يستطيعون العمل معه. وعلى العكس من هذا فالمؤيدون للسكرتير العام الفائز الذين صوتوا له يسرعون لترشيح أنفسهم لعضوية اللجنة  لأنه الشخص المفضل لديكم ويستطيعون العمل معه. مما يسبب كل هذا نوع من التكتل بين الفائزين في الإنتخابات وبين الخاسرين، وكثيرا ما يلجأ الخاسرون إلى تعطيل إمكانياتهم ونشاطهم في الحزب إن لم يكن خروجهم من الحزب وفي بعض الأحيان تأسيس حزب مناهض لحزبهم السابق، وبالتالي يتسبب ذلك تشتت وضياع للكوادر الحزبية والفكرية الجيدة.

أما في الإنتخاب غير المباشر للسكرتير، فعندما يترشح عدد من الأعضاء لإنتخاب أعضاء اللجنة المركزية وفوز العدد المطلوب ثم بعد ذلك يتم إنتخاب من بينهم سكرتير اللجنة المركزية فأن كل الفائزين في الإنتخابات سيكونون ملزمين تنظيمياً وفكرياً وأدبياً للعمل سوية  ويخلق نوع من الديموقراطية الحقيقية عندما تتعدد الأراء وتختلف داخل اللجنة المركزية، وهو المطلوب عندما نتحدث عن التطور في أحزابنا السياسية. كل هذين الأسلوبين في الإنتخابات وتوفير الكوادر الجيدة وعدم خسارتها يستوجب توفر نوع راقي من الوعي السياسي والتنظيمي بين المرشحين للمناصب المذكور وبعكسه فإن كل الأساليب المذكور في الإنتخابات ستكون غير مثمرة وبالتالي ستنعكس على مسيرة الحزب وتؤدي إلى ظهور عوامل ضعف ونوع من الديكتاتورية والتفرد في أتخاذ القرارات رغم أنها تكون في الظاهرمكسوة برداء الإجماع .

وأخيراً لم يبقى إلا أن نؤكد مرة أخرى، وفق تجربة إنعقاد كونفراس قاطع شيكاغو والإنتخابات التي تمت فيه، موضوع القيادة الجماعية وكيفية فتح المجال أما الكوادر الشبابية   الجيدة لتعمل جنباً إلى جنب مع الكوادر المتقدمة القديمة  كضمان لإستمرار مثل هذه القيادة الجماعية نحو أفاق أبعد. فمن خلال هذه التجربة تثبت بأن فوز السيد ميخائيل زيا ججو بمنصب مسؤول قاطع شيكاغو، كعضو متقدم و "قديم" في زوعا، يؤكد عطاءه المستمر وتثمينه من قبل المؤتمرين في الكونفراس وبالتالي أعادة فوزه بهذا المنصب. ومن جانب آخر تؤكد هذه التجربة بأن عمل السيد ألكسندر ديفيد مع السيد ميخائيل وتعلمه منه ومن ثم وصوله إلى مستوى التنافس معه على منصب مسؤول قاطع بأن عملية إعادة إنتاج قيادة جماعية من الشباب الواعي سائرة على الطريق الصحيح إلا أنها لم تكتمل بسبب بضعة أصوات حالت دون ذلك. فعلى السيد ألكسندر ورفاقه من الجيل الجديد لزوعا الإستمرار في العمل لكي تكتمل العملية في الكونفراس القادم.