المحرر موضوع: مؤتمر حركة عدم الإنحياز: دلالات ومؤشرات..!  (زيارة 1969 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
مؤتمر حركة عدم الإنحياز: دلالات ومؤشرات..!

باقر الفضلي

في هذا الظرف السياسي الدولي المأزوم، إستجابت مائة وعشرون دولة من مختلف قارات العالم،  للدعوة التي وجهتها الجمهورية الإيرانية الإسلامية لعقد الدورة السادسة عشر لحركة عدم الإنحياز التي جرت في طهران للفترة من 30_31 / آب ؛ وهذا بحد ذاته يعتبر مؤشراً ذا دلالة عن إدراك بعض تلك الدول الى أهمية إلتقائها في هذا الوقت العصيب الذي يواجه العالم اليوم، وبعضها الآخر من وجد فيه، فرصة لمحاولة تمرير مواقف محددة بعيدة كل البعد عن كل ما يمت الى مباديء الحركة في الحياد وعدم الأنحياز من صلة تذكر..!


 لقد أعاد ذلك الإنعقاد للذاكرة، ظروف تأسيس الحركة قبل ما يزيد عن نصف قرن من الزمن، يوم كان توازن القوى على الصعيد الدولي رهن قطبي الصراع في العالم، حيث تداعيات الحرب الباردة، أما اليوم، وبعد التغييرات السياسية الكبيرة التي إجتاحت العالم، وفي مقدمتها إنحلال الإتحاد السوفييتي، فقد ظهر على السطح السياسي الدولي دور القطب الواحد، المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية، الذي أصبح تأثيره على صعيد الأحداث السياسية العالمية أكثر حسماً وشمولية..!


فما يدعى ب "الربيع العربي"، مع مجمل أحداث منطقة الشرق الأوسط منذ العام 2003 حيث الغزو الأمريكي للعراق، وإنتهاءً بما يدور اليوم من "إشتباك مسلح" في الساحة السورية، قد إُرتهنت أغلبُها، بشكل مباشر أو غير مباشر، بمخططات حراك ونشاط أمريكا وحلفائها في الناتو، وتوابعها في الخليج والجزيرة العربية، سواء من خلال الفعل المباشر كما في العراق وليبيا، أو عن طريق تقديم وتسهيل الدعم اللوجستي بالمال والسلاح والأشخاص وتجنيد الإعلام، الأمر الذي كان له الأثر الأكبر في تحفيز ما يقرب من ثلثي دول العالم من إعضاء حركة عدم الإنحياز  للإستجابة لدعوة طهران وحضور المؤتمر، كرد فعل لذلك النشاط، وتوجس حذر وخيفة من تكرار خرق ميثاق الأمم المتحدة ومباديء عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، من قبل نفس أطراف النشاط المذكور، كما حدث في السابق..!


هذا في نفس الوقت الذي لا يمكن فيه، أن يتجاهل المرء ما تتعرض له دولة إيران من تهديدات متواصلة من قبل دولة إسرائيل ومن ورائها أمريكا، بمهاجمة المفاعلات النووية الإيرانية، متناسية كونها من الدول النووية التي تمتلك أسلحة نووية، والتي لم توقع على معاهدة حضر إنتشار السلاح النووي ( Nuclear Non-Proliferation Treaty)، ووجودها في المنطقة وحده كاف، أن يشكل تهديداً نووياً لشعوب المنطقة في أي وقت كان؛ ومن هنا لا غرابة أن تكون الجمهورية الإيرانية أكثر تحمساً من غيرها في الدعوة لعقد مؤتمر حركة عدم الإنحياز، خاصة وأنها ما أنفكت تكرر بأن هدفها الرئيس من تخصيب اليورانيوم هو للأغراض السلمية..!


أما ما يدور على الساحة السورية، فليس أقل أهمية من حيث المبدأ، كون  سوريا هي أحدى دول حركة عدم الإنحياز ومن المؤسسين لها، ومن جهة ثانية، فإنها نفسها تعاني من أزمة داخلية عميقة منذ أكثر من عام ونصف، ويصبح من الأجدر بمنظمة دولية مثل ( حركة عدم الإنحياز)، أن تلعب دوراً أكثر موضوعية في إيجاد الحلول المناسبة لخروج سوريا من أزمتها الحالية، بالطرق السلمية والسياسية، وفي مقدمتها الحوار بين أطراف النزاع، وقطع كل الطرق على التدخل الأجنبي بما فيه الدعم اللوجستي بالأسلحة والمرتزقة، ومناشدة تلك الدول من أعضاء الحركة، أو غيرهم، ممن يجد نفسه متورطاً في التدخل بالشأن السوري بأي شكل من أشكاله، الكف عن هذا النوع من التدخل ولأي سبب من الأسباب، والتعاون من أجل الوصول الى الحلول السلمية للأزمة؛ ومن هنا جاءت الإستجابة لدعوة طهران، عاملاً إيجابياً يصب في نفس الإتجاه..!


ومن الدلالات الأكثر أهمية على إيجابية الدعوة الى إنعقاد المؤتمر في هذا الظرف الصعب، هي ما إنتهت اليه أعمال المؤتمر من نتائج مثمرة تمثلت في البيان الختامي للمؤتمر الذي حضي بإجماع المندوبين وما قدمت فيه من مبادرات حيوية لحل الأزمة السورية وفي مقدمتها المبادرة العراقية التي حضيت هي الأخرى، بقبول المؤتمر ودولة سوريا، رغم بعض المحاولات التي حاولت تعكير مسار المؤتمر..!(*)
2/9/2012
___________________________________________________
(*)  http://www.alalam.ir/news/1279494