المحرر موضوع: لا تندبوا ابو الصوف!  (زيارة 1539 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عادل دنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 99
    • مشاهدة الملف الشخصي
لا تندبوا ابو الصوف!
« في: 05:12 23/09/2012 »
لا تندبوا ابو الصوف!

عادل دنو

رحل لا كما يرحل العمالقة ! للأسف الشديد. رحل غريبا في بلد غير بلده. رحل وفي قلبه غصة ألم مبرح بخصوص وطنه العراق الذي فقد عراقته لاجيال واجيال. رحل وفي رأسه مئات التساؤلات عما يحدث للانسان اليوم، وما يحدث لإرث الانسان في العراق أجل ارث الانسانية وليس ارث العراق وحده.! رحل وشيخوخته تذكر بأسى شديد ضياع ارث الرافدين. دعاه احد الكتاب حارس ارث الرافدين، كيف لا يذوب قهرا وهو يعاين بام عينيه سرقة وتدمير ذلك الارث الذي امضى جل عمره برعايته ووضعه في مقل عينيه.!؟  هذا العملاق وشيخوخته انحنت احتراما لقامة نشأت وترعرعت متتلمذة على حبه لتراث العراق.. تلميذه دوني جورج.. وبذا عبرعن قمة تواضع معلم كبير وعقل راجح. رأى فيه نفسه قبل عشرات السنوات.. وشهد رحيله قبله..! كان يأمل فيه بهنام آخر..ولكن التلميذ سبق معلمه في الرحلة الابدية.
ابو الصوف اسم كبير ولكن لم يكن احد يتذكره حتى لحظة نشر نعيه في المواقع الالكترونية. انه كان عملاقا كبيرا في اختصاصه وتخصصه وعملاق في حبه الكبير للعراق واثاره وعملاقا في تواضعه. رحل وسط عالم منشغل بثورات وانقلابات وصراعات مادية، فيه الانسان الكبير بالعلم والحكمة والاخلاق منسحق ضائع منبوذ.
لم يكن يفوت فرصة الا واستغلها ليتحدث عن العصور الحجرية والالواح السومرية والفن في القصور الاشورية والجنائن المعلقة في بابل. ولم يتكبر لتمكنه من اكتشاف الجديد والمثير في مجاله. ومثيله يسمونه عالما في الغرب أما مثله في الشرق فيسمونه متعجرفا يرى في نفسه الكثير"عليك رحمة الله عز وجل يا ابو الصوف". كان مجلسه دين في عنقه يوفيه لجلسائه. قال في احدى جلساته انه ليس سهوا ان يكون لتفصيل عظام وجهنا شبه كبير بأوجه اجدادنا الاشوريين. وهذا سيكون دليلا على ارتباطنا معهم ويحتاج الى بحوث ودراسات اختصاصيين في هذا المجال. جمعه علمه وفلسفته الحياتية ومعتقداته بصداقة حميمة مع المرحوم الاب يوسف حبي الذي كان يعتقده رجل دين من طراز خاص.
رحل لا كما يرحل العمالقة في العالم المادي الاناني المنغلق. رحل عملاقا في نفسه عملاقا في اختصاصه عملاقا عراقيا اشوريا. فلا تندبوا هذا العملاق اليوم وقد اغمض عينيه الى الابد. انكم قد تعلمتم تذكر الرجال بعد مماتهم تعلمتم توقير الميت لأن الحي سيدينكم على توقيركم المليء بالانانية. سالت اقلامكم بعد أن توقف القلب النابض بحبكم قبل حبه لنفسه.
لا تندبوا ابو الصوف الراحل. اين كنتم حين اغترب اين كنتم حين سرقوا منه احب الاشياء الى قلبه.. اين كان ندبكم يوم سرقوا العراق وتاريخه.. هلا نكرم الاحياء العمالقة من بيننا الاحياء منهم اعتبارا من اليوم.