المحرر موضوع: الحكم الذاتي بين الأمس واليوم  (زيارة 1058 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل alsyriania

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 13
    • مشاهدة الملف الشخصي
راجت فكرة انشاء منطقة حكم ذاتي خاصة لمن يسمون الكلدان السريان الاشوريين منذ عدة سنوات وبالتحديد في فترة منتصف عام 2006 والسنوات التالية وسرعان ماخفتت اصوات المنادين لهذا المشروع ان صح التعبير بوصفه مشروعا . ولكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه داخل عقول المفكرين من الساسة هل كان مشروع الحكم الذاتي سيلاقي نجاحا على ارض الواقع لو طرح الموضوع بشكل جدي اذا ماتوفرت الظروف الملائمة لتحقيقه انذاك؟.
وللاجابة على هذا السؤال لابد من استحضار الظروف التي طرحت فيه فكرة المشروع والقائمين على ترويجه في تلك الفترة .
ففي عام 2006 شهد العراق حالة من الانفلات الامني وطالت اعمال العنف جميع مكوناته وكان الكلدان السريان الاشويين احدى هذه المكونات التي استهدفت بشكل مباشر وقد استهدفت الكنائس ودور وممتلكات عائدة للمواطنين من هذا المكون فضلا عن القتل والخطف و على نطاق واسع وهجر من ابنائه مايقارب نصف عددهم الى محافظات الشمال او الى خارج الوطن .
وحيث ان المسيحيين عبر التاريخ كانوا منتشرين في انحاء العراق لم يمتلكوا يوما ما  جغرافيا او مدناً متلاصقة في اراض محددة على خارطة العراق ولم يروجوا لاي ايدولوجيا جيوغرافيا في يوم من الايام  ويمكن وصف ماحدث خلال عملية تهجيرهم انه كان اعادة توزيعهم سكانياً في محافظات شمال العراق بعد تهجيرهم من وسطه وجنوبه .
اذن هذا المكون كان يفتقد  احد اهم العناصر او مقومات تاسيس منطقة حكم ذاتي الا وهو عدم امتلاكه جغرافية واقعية محددة.
اما الجانب السياسي فقد كانت المساحة السياسية للكلدان السريان الاشوررين منقسمة على ذاتها  ولكل مؤسسة سياسية مشروع او هدف وكانت معظمها تتقاطع انذاك مع مشروع الحكم الذاتي وخير دليل على ذلك عدم توافق هذه الكتل على ادراج المشروع ضمن المواد الدستورية في دستور العراق . ونص الدستور فقط على ضمان الحقوق الادارية والثقافية لهذا المكون لا اكثر في احدى مواده .
وهكذا فقد هذا المكون العنصر القانوني والتشريعي الذي يدعم تحقيق الهدف بسبب الخلافات السياسية بين مؤسساته السياسية .
اما الجانب الديني فلم يكن للكنيسة ورجال الدين  دورا يذكر للترويج لهذا المشروع كونه في نظر رجال الدين المسيحيين يجعل من ابناء شعبهم محاصرين في بقعة ويحد من تطلعاته ويحدد من حركته داخل دائرة الوطن الواحد كما وانه سيسبب في نظرهم خسائر اقتصادية كبيرة لابنائهم الذين يمارسون مختلف المهن في المدن الكبيرة والرئيسية فضلا عن انه مشروع غير قابل للحياة على ارض الواقع اقتصاديا.
اذن ماذا كانت الغاية من طرح مشروع لا يمتلك مقومات النجاح . وللاجابة على سؤال كهذا لابد لنا من دراسة طبيعة المؤسسات والقادة المروجين للفكرة .
بعيدا عن الاجندة والدوافع التي جعلت هؤلاء الاشخاص المنادين بالفكرة كانت ابرز الشخصيات السياسية  التي اطلقت تصريحات تشير  لانشاء منطقة حكم ذاتي هو المرحوم يشوع هدايات الذي تراس حركة تجمع السريان في العراق . ربما كان هذا الرجل يمتلك الخطوط العريضة والتفاصيل الدقيقة لهذا المشروع ولكن القدر كان له بالمرصاد فوافه الاجل دون ان يتمكن حتى من ايصال الفكرة لابناء شعبه وسرعان ماتحولت الحركة التي كان يقودها الى اثر بعد عين وشيئا فشيئاً تم استبعاد معظم قيادات الحركة ومؤسسيها ومفكريها واستحوذ عليها ثلة من اشخاص طفيليين كل همهم ملء جيوبهم بالمال ولايفقهون من السياسة حتى قشورها فخفت بريقها واضمحلت.
وشهد عام 2007 تاسيس مجلس شعبي في محاولة لتوحيد اهداف المؤسسات السياسية الكلدانية السريانية الاشورية ووضعها في بودقة واحدة على امل تحقيق ما لم يكن ممكنا بسبب التشتت والتشرذم الذي كانت تعانيه القوى السياسية . ولم يتمكن المجلس من لم شمل هذه المؤسسات ولكن تمكن من تحقيق جزء من مطاليب هذا الشعب في اقليم كردستان وهذا ان دل على شيء فانه يعكس استجابة القيادة الكوردية لقضية هذا المكون وتفهما العميق للظروف التي يعانيها.
وفي خطوة لاحقة بعد استهداف كنيسة سيدة النجاة تم تاسيس مايسمى بتجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية ضم اغلب الاحزاب السياسية لهذا المكون وتبنى مشروع استحداث محافظة تضم اغلبية مسيحية وسخرت هذه الاحزاب امكانياتها لتحقيق هذا الهدف ووضعت مشروع الحكم الذاتي على الرف وبعد مرور سنوات لم تستطع ان تحقق أي هدف وكان هذا التجمع بمثابة مقبرة لطموحات هذا المكون حيث لم يمتلك التنظيم رؤية واضحة لكلا المشروعين ( مشروع الحكم الذاتي واستحداث محافظة ) وتميزت طروحاته حول المشروعين بالغموض والضبابية لابل انه لم يتمكن من وضع اطار عام لاي منهما .
وحاليا قراءة سريعة للواقع السياسي والاجتماعي لهذا المكون تظهر جليا ان فشل هذه القيادات وضعف ادائها السياسي على الساحة الوطنية قد كلف هذا المكون كثيرا وتسبب له بخسائر لاتعوض وهكذا ضاع الخيط والعصفور .