يا هندُ هذا زمان الغدر ..
بطرس حلبي
زوِّدْ سِراجكَ من حُلمٍ ومن لينِ
ونَدِّ ضَرعيه في ماءِ التحانين
يا هندُ هذا زمانُ الغدرِ فأحترسي
إذْ يرمضُ القيظ أنسامَ البساتين
ما كان عمُّكِ طَمّاحاً كَذي أربٍ
يجرجرُ الثوبَ فوق الماءِ والطين
هذا الزمانُ ، زمانُ الغدرِ طالعه
تُزلزلُ الريحُ أحجار الطواحين
يا رحمة الله شُدّي في مطارِفنا
قدراً من الرندِ من حين إلى حين
لا شَدَّني سامرٌ أعيا بصحبته
تحمرُّ جنبايَ ، من لَدْغِ الثعابين
تنداحُ يمناهُ خُبثا لا تصدِّقه
ويوهنُ القلبَ من ضعفٍ ومن لين
لا يُعدمُ الناسُ خيراًمن ضمائرهم
هذا لَعمري سخاءٌ غير ممنون
سيكرِمُ الله منْ صحَّت سريرته
ويلعِنُ الله إخوان السعادين
والذاربيُّ ، شفيف في تباسطه
تَخضرُّ صورته في القلبِ والعين
لكنه رجلٌ ما ردَّه تعبٌ
تَعتافُ أخلاقه أموالَ قارون
قد ضَلَّ فرقدهُ ، تشتدُّ عُسرته
على بلاءٍ بلا عونٍ وتسكين
يزورُّ قَرّادُ من وجعٍ يعاوده
يسرِّح الريحَ من حينٍ إلى حين
وإنْ نسيتُ فلا أنسى مداعكة
إذْ قيل عنّي كلامٌ ليس يزريني
أنا الذي عاره الشقشاقُ صَبوته
فيشمِمُ الغِرَّ أنفاس الرياحين
لا يولدُ المرءُ لا جرذا ولا نمرا
لكنَّه زمنٌ ربُّ الموازين
يعلي الزرازير تارا ثم يتركها
تُشرشر الماء في ريشِ الشواهين
يا هندُ هذا زمان الغدرِ فاحترسي
إذ يرمض القيظ أنسام البساتين
هذا الزمان زمان الغدر طالعه
تزلزل الريح أحجار الطواحين