المحرر موضوع: قصيدتان سورياليتان للكاتب المسرحي: فتاح خطاب  (زيارة 796 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Fatah Khatab

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 100
    • مشاهدة الملف الشخصي
قصيدتان سورياليتان

                   للكاتب المسرحي : فتاح خطاب






عصرية صفراء في مقهى عنتر


في عاصمة البؤساء التاريخية
وفي زمن إهتزاز شبك مرمى الديمقراطية
بأربعة إهداف كويتية
وخروج التحزب منها صفر اليدين
كنتيجة حتمية
وهنا.. في ذات الوقت
بعد انقضاء أربعين عاما من التخندق والضياع في الجبال
واقتتال الاخوة الاعداء والتشرد في منافي الإذلال
جلس الكاتب العاطل عن العمل
منذ ولادته القيصرية
فكراً، ممارسة وإبداعاً
في إحدى زواية المقهى
الواقع بين القلعة ومنارة اربل
وهو يتحسس جيوبه النظيفة
والفارغة إلا من قلم ومناديل ورقية
جلس بعد إنقضاء عشرين شهراً بيروقراطياً
ذهاباً وإياباً
لاعناً، خائباً
بين وزارة الآغاوات والفروع الحزبية
الجيستابوية
إثر إستبعادات قسرية
ذات أبعاد أخلاقية، ثقافية وفكرية
وإستقطابات حزبية
بأهواء ونزعات شوفينية
جلس ينظر إلى الأعلام والإعلانات الضوئية
وإشارات المرور السياسية
ضوء أصفر ثم أصفر ثم أصفر..
لاشيء سوى الإصفرار
حتى باتت المدينة غارقة في الإصفرار
وجوه صفراء
أرقام صفراء  
قاعات صفراء
أقلام صفراء
تقارير صفراء
جرائد صفراء
كتب صفراء
جمعيات صفراء
وزارات صفراء
مديريات صفراء
شركات صفراء
مقاولات صفراء
تهديدات صفراء
غزوات صفراء
بنوك صفراء
سيارات فارهات صفراوات
حتى شارات الاذرع صفراء
صفراء، صفراء، صفراء
النجدة.. النجدة..!
إني أغرق

                2012 / 11 / 11






               دوار النفط                  
      
                
( يا أشراف مدينتي
وقد تهدمت خيمتي
وتهجول أهل ديرتي
ها أني جالس هنا مكتوف اليدين
مقوس الظهر
ويا خوفي من ثالوث القدر
ألا وهو الفراق والفقدان والفقر)

                             
                         من ملحمة أصيلة وكرم         

يا فطحل الإستشارية
في الموارد النفطية والبنى التحتية
اطلق مكابح غرائزك البتروكيمياوية
واتبع خطى اُمراء الجزيرة العربية
وشيّد الابراج للمترفين والمحسوبين
والمرتشين والمتاجرين بالعملة الصعبة  
على طريقة البنائين السرية
واستورد الأيدي العاملة والخدم والرياضيين
وحتى الفنانين والمهرجين والمهللين والمحللين بلا حدود
لإقامة أميرية أفلاطونية
كما تستورد البصل والخيار، كما الإبرة والمسمار
ويا للعار
ولا تنسى النقاب والحجاب والجُبّة والجلباب ودشاديش قصار
او علبة كبريت والسيجار
حتى اللبن والجبن وحليب الابقار
والتي كانت، أصلاً، من صنع أجدادنا الكبار
تأتينا من الدول الاجنبية
يا عجبي!
لم يبق سوى أن تزرع في رأس كل كوردي
نخلة اصطناعية
لتطبيع العلاقات الاخوية العربية الكوردية
على مرمى المدافع والصواريخ البعيدة المدى
ولا تمد يدك لمن هم أقرب إليك من ظلك
وأستخف بكل الرموز والكيانات المجتمعية
لتكون في مأمن من الهزات السياسية الداخلية
يا عجبي!
اجمع حولك خونة الأمس وعواهر الفكر الطلقاء
قسّم الاراضي التي تشبعت بدماء الشهداء
وأطرحها في السوق السوداء
وهجّر السكان الاصليين قسراً، من قلب المدينة
وشتتهم في جزر نائية
واستوطن الغرباء فيها
بَغيَة التغييرات الطوبوغرافية
يا عجبي!
خرّب بيوت من يعارضك
أقطع موارد من ليس معك
أرهب كل من لا يبايعك
وأحسب كل من تفوه ب:
الشخص المناسب في المكان المناسب
واحداً من أعدائك
أُقتل وقدم الإعتذارات
وأمشي خلف الجنازات
ثم أهذر بكلمات متقاطعة عن الحرية والمساواة
كن أول الباكين وآخر المتكلمين عن تضحيات الرفاق
ثم أجزي، في الخفاء والعلن، شياطين الشقاق والنفاق
والمثل يقول: قطع الرقاب ولا قطع الارزاق
يا عجبي!
ضع المفسدين والمهرولين والطبالين والحرباويين
في الصفوف الاولى
واقطع الشك باليقين
بتطبيق نصائح الاولين
بأن يكون الأقربون هم الأولى
أما الذين هلكهم البعث وضحوا بكل غال ونفيس
أعتبرهم شلة من المدعين والمخربين والجواسيس
يا عجبي!
وعوضاً عن بناء المسارح والمزارع
والمعامل والمساكن الشعبية
وفتح المكتبات والمنتديات الثقافية
والكومونات التضامنية
شيّد السجون والمكاتب السرية
وافتح المقرات والثكنات الردعية
رمم ، وسع، جدد ونور المقابر والمزارات المنسية
يا عجبي!
وبما أن اُمراء النفط لا شأن لهم بالاشغال الخدمية
فعلى سواد الناس ممن لاحق لهم في الإيرادات النفطية
أن يدبروا بأنفسهم امورهم الثانوية..  
عطّل مصلحة الركاب ومنشآت السكك الحديدية
اوقف العروضات والاحتفالات والتنزهات الليلية
لتجبر الناس على منع التجوال والتزاور بعد المغربية
ليعيشوا حياتهم اليومية
 كما الدجاجات والحيوانات الأليفة
تحت رحمة الامزجة الباذنجانية
التي تمنع الفرح والإستماع للأغاني العاطفية والوطنية
تمهيداً لتحديد المسارات والأهداف الاستراتيجية
التي تؤدي، في افضل الاحوال، إلى طريقين مسدودين
لا ثالث لهما..
إمّا بقاء الحال على ماهو عليه من طغيان
وإمّا الإتيان  بطاغية!!!
يا عجبي!