المحرر موضوع: مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية .. ليس فضاءاً للعسكر !!  (زيارة 652 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل علي فهد ياسين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 467
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية .. ليس فضاءاً للعسكر !!

لازالت الثقافة العراقية تتعرض للكثير من الاِستهداف المقصود نتيجة للصراعات السياسية خلال عقد مابعد التغيير, بدءاً من محدودية التخصيصات المالية وليس اِنتهاءاً باختيار القائمين على مفاصلها في مؤسسات الدولة الخاضعة لمنهج المحاصصة المعرقل للبناء الجاد والمسؤول , بعد عقود من الدمار الذي تعرض له العراق في حقبة الدكتاتورية .
لجنة الثقافة والاعلام في البرلمان العراقي , حالها حال لجانه الاخرى , التي تعمل موسمياً وتخضع في نشاطها لنهج المحاصصة الغير منتج , اِنزوت وتكاسلت عن الكثير من مهامها خلال دورتي البرلمان وهي تتفرج على الاداء الهزيل لوزارة الثقافة في أكثر من جانب .
ولعل أخطر ما تغاضت عنه هو اِختيار وزير الثقافة من بين صفوف العسكر , في سابقةِ غريبة لنظامِ بديل عن دكتاتوريةِ أمتطت الثقافة حصاناً لتنفيذ أجنداتها في حروبِ مدمرة أتت على المؤسسات وشوهت العلاقات الرابطة لمكونات الشعب وفرضت عليه مواجهة السلطة , وزيادةً على ذلك واِمعاناً من السلطة بالاستخفاف بالثقافة والمثقفين عامة وبلجنتها في البرلمان , أختارت وزيرها لاِدارة وزارة الدفاع بالوكالة ليجمع النقيضين في بلدِ يخصص أكبر نسبة من الميزانية لمواجهة الارهاب , تأسيساً على قناعةِ في عقل سياسي ينظر الى الثقافة كمرادفِ للبطالة !!.
لقد أنتجت الفوضى السياسية تجربة فاشلة خلال التحضير لمشروع ( النجف عاصمة الثقافة الاسلامية ) حيث تم تخصيص (693 ) مليون دولار لانجازه , قبل أن تتقاطع الاِرادات السياسية ويتلكأ المشروع ويطوى ملفه دون نتائج ليضاف الى أكداس الملفات في أقبية اللجان التحقيقية ذائعة الصيت !
أحدث قرارات وزير ( جناح الثقافة ) في وزارة الدفاع , هو تعيين الناطق الرسمي لوزارة الدفاع مسؤولاً عن تنفيذ مشاريع ملف ( بغداد عاصمة الثقافة العربية ) ليختم الملف بختمِ عسكري من ألفه الى يائه , وليس غريباً من الآن أن ننتظر أخبار التحضير للمهرجان وأسماء المدعويين وبرامج اللجان وتوقيتات الاماسي وعناوين مواقع الجلسات خلال الايجازات والمؤتمرات الصحفية لوزارة الدفاع .
الثقافة هي ثقافة الشعوب وليس الحكومات , والوزير اِذا كان مثقفاً فتلك حسنة تُحسب له وتُعينه , لكن توزير المثقف عبءُ يُثقل كاهله ويضاعفُ من مسؤوليته , وألوان الثقافة على تعددها لاتنسجم مع لون العسكر حتى لو أستبدلوه بألوان الأزهار !.
اِن مشروع ( بغداد عاصمة الثقافة العربية ) لايجوز اِدارته حصراً من المنظقة الخضراء , لأن أمراضها تصيبه بالهزال , وهو مالايليق ببغداد وتأريخها والفضاء الابداعي لمثقفي العراق , لذلك مطلوب على الفور تأسيس ( المجلس الأعلى للثقافة ) لتكون باكورة أنشطته التحضير للمهرجان وأِدارته وأعتباره فاتحة مهمة على طريق تعافي الثقافة العراقية بعيداً عن الأمراض السياسية .

علي فهد ياسين