المحرر موضوع: العهر المقدس !! مقالة بمناسبة (الثالث من ديسمبر) اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة  (زيارة 1242 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل اوراها دنخا سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 687
    • مشاهدة الملف الشخصي
   العهر المقدس !! مقالة بمناسبة (الثالث من ديسمبر) اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة
  في مجتمعاتنا الشرقية يرتبط الشرف ارتباطاً وثيقاً بالمرأة. ارتباطاً جعلها ومنذ ولادتها تحت رحمة الرجل، هذا الرجل الذي شاء ان يشكل مجتمع ذكوري النزعة، جُلَّ همه المرأة وعورتها. واصبح الدين والمذهب والعقيدة مرتبط بالمرأة والحفاظ على عفتها. والارض تزلزل، والدم يراق على جوانب الشرف الرفيع، والجدران والقيود تزداد وتزداد حولها، ولتستفحل وتأخذ مأخذاً آخر يصل الى مرحلة الحد من حرية المرأة، كأنسان، وبشكل لافت للنظر. فالكثير من نساء الشرق لم يصلوا الى عتبة الدار الا مرتين. الاولى عند زواجها والثانية بعد مماتها !
  ما جعلني ان اكتب هذه المقدمة هو قرائتي لخبر قيام مجموعة من النساء في احدى الدول الاسكندنافية بتقديم خدمات جنسية، مدفوعة الاجر، الى الرجال من ذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقين!). خبر يعبر عن الفرق الشاسع بين الفكر الغربي والشرقي في ما يخص المرأة وطريقة ارتزاقها بحرية لا نستطيع نحن الشرقيين وبالاخص الذكور تقبلها على، الاقل في زماننا هذا. فالعهر في مفهوم الغربي هو مهنة وفي الشرقي عار.
  ان مهنة الدعارة اخذت في هذه الدول منحىً انسانياً آخر. منحىً يفكر في ما يجول في اعماق الانسان من مشاعر مرتبطة ارتباطاً خلقياً بجسد بني البشر. فغريزة الجنس مخلوقة مع جسد الانسان وبالتالي هي احدى مكونات الجسد الرئيسية وغير المرئية، يحتاج اليها الانسان، لانها الحياة، ولولاها لاصبحت الارض خالية من المخلوقات. أقْرَنَ الله هذه الغريزة بالمتعة الجسدية، ليُديمَ استمرارية الجنس البشري. واصبحت عملية التناسل، بالاضافة الى المتعة، هي عملية لتواصل المحبة بين الزوجين وتواصل نسليهما، وبالتالي استمرارية الخلق والدوام على هذه الارض.
  مقالتي هذه هي في الحقيقة عن الجانب الآخر من هذه الغريزة، وهو جانب المتعة، الذي هو الدافع الاساسي الذي يجعل الانسان يفكر بكيفية الحصول عليها. متعة يحتاج لها جسد الانسان، لانها بالضبط كمتعة الاكل بعد الجوع والشرب بعد العطش. وعدم الحصول عليها يجعل الانسان يشعر بنقص في حياته، هذا النقص يتجلى في بعض الاحيان على هيئة كآبة تلازمه، وتظهر على محياه. وما رجال ديننا، غير المتزوجين، البعيدين عن (الدنس!) الا نموذج على ذلك. مقطبي الجبين، بوجوه كئيبة، جدّية، صارمة. ولكن ان كان رجل الدين قد اختار الحياة بهذه الطريقة، فما بال الانسان الذي خلق معوقاً. ان النقص الذي لازم جسده منذ ولادته جعله يفتقد الى متع كثيرة في هذه الدنيا، ومنها المتعة الجنسية، والتي كما ذكرنا مقرونة بجسد الانسان. هذه المتعة التي تجعل الانسان العادي، ابتداءاً من شعوره بالحاجة اليها، الى المجازفة حتى بحياته في سبيل الحصول عليها. فتراه يخرق الاعراف والقوانين المتعارف عليها في محيطه، والتي تعرضه للعقوبة والقصاص، تصل شدتها الى حد الاعدام. وأشد ما اضحكني هو قرائتي لخبر اعدام عنزة (حرقاً!)، بسبب معاشرتها جنسياً (لغرض المتعة!) من قبل رجل في العقد الستين او بداية السبعين من عمره، ان لم تخوني ذاكرتي، ومعاقبته بالجلد ...كذا جلدة!! حُرقت لان المسكينة اصبحت نجسة، وهي لا ذنب لها، وعوقب هو بالجلد فقط، من غير ان يذكروا هل تَنَجَّسَ هو ام لا ؟؟ !!
ان كان هذا البدوي وهو في هذا العمر يبحث عن المتعة، فما بال الذي به عَوَقٌ ولا يستطيع الحصول عليها ؟ انها بالتأكيد عملية شاقة وشاقة جداً، فبسبب المحرم، والمدنس، والتقاليد، والاعراف يكون الحصول على متعة الجسد من المستحيلات بالنسبة الى هكذا انسان ابتلى بالعوق، وقد يمر العمر كله من دون ان يذوق، او حتى يقترب منها !
 لكننا وكما ذكرنا فان للغرب منظار آخر في ما يخص هذا الجانب الذي تتجلى فيه قمة الانسانية. فبالرغم من تقديم هذه الخدمة، المدفوعة الاجر، من قبل ما يطلق عليهم عاهرات، الا انني اعتبر هذا العهر مقدساً، لان الغاية الاساسية فيه هو تقديم ما لا يمكن الحصول عليه طبيعياً من متعة، وكما اسلفنا سابقاً، وبالتالي ادخال السعادة الى قلوب وجسد هذا المُقْعَدْ المسكين ! فأُم احد هؤلاء المساكين تذكر ان ولدها اصبح يشعر بسعادة غامرة عندما تأتيه بائعة الهوى هذه، وانه من سعادته اخذ يشعر انها اصبحت حبيبته، وانه سعيد جداً جداً بها !
أبعدنا الله عن كل عوق، لان الحصول على المتعة (والعهر المقدس!) كان وسيبقى وسيظل في بلداننا عهر مدنس !

اوراها دنخا سياوش