English
Svenska
العربية
الرئيسية
المنتديات
أخبار شعبنا
أخبار العراق
الاخبار العالمية
اخبار الجمعيات والنوادي
اخبار و نشاطات المؤسسات الكنسية
المنبر الحر
المنبر السياسي
إعلام الفكر والفلسفة
الهجرة و واللاجئين
أدب
نتاجات بالسريانية
الكتب والمكتبات
استراحة المنتديات
التعازي
تاريخ شعبنا، التسميات وتراث الاباء والاجداد
راديو
اغاني
فيديو
تعارف
رفع ملفات
دردشة صوتية
التقويم
الارشيف
الدخول
التسجيل
الكتابة بالعربية
عن الموقع
عن عنكاوا
البحث
اتصلوا بنا
ankawa
عنكاوا كوم
أهلا,
زائر
. الرجاء
الدخول
أو
التسجيل
يمكنك الدخول او التسجيل عن طريق الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعية الاخرى ايضا
1 ساعة
1 يوم
1 أسبوع
1 شهر
غير محدد
تسجيل الدخول باسم المستخدم، كلمة المرور و الفترة الزمنية
الأخبار:
الرئيسية
تعليمات
بحث
التقويم
دخول
تسجيل
ankawa
»
الحوار والراي الحر
»
المنبر الحر
(مشرف:
عنكاوا دوت كوم
) »
اعترافات في المقبرة
« قبل
بعد »
طباعة
صفحات: [
1
]
للأسفل
المحرر
موضوع: اعترافات في المقبرة (زيارة 998 مرات)
0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.
شمعون كوسا
عضو فعال جدا
مشاركة: 201
اعترافات في المقبرة
«
في:
19:22 04/12/2012 »
اعترافات في المقبرة
شمعون كوسا
كثيرا ما في خروجي باتجاه المدينة ، أختارُ مسلكا يخترق مقبرة مجاورة ، تختصر لي المسافة وتوفّر الوقت . إنها مقبرة جميلة بتصميمها ومنظرها الطبيعي . لقد تفحصت القبور وقرأت تواريخها القديمة التي يرقى بعض منها إلى ما قبل مائتين او ثلاثمائة سنة . لم ادخل المقبرة يوما دون أن أردِّد تلقائيا بيت شعر يقول : ( أنظر كيف تساوى الكلّ في هذا المكان ، وتلاشى في بقايا العبد ربّ الصولجان ) . رسّخت لديّ المقبرة بعض القناعات وأضافت عليها أخرى ، كما افسحت لي الجو احيانا في الانطلاق بتخيلات وتشبيهات ، ومن ضمن ما فكرت به ، قلت مثلا : قد تكون المقبرة مساحة الارض الوحيدة التي تخصص قطعا سكنية لكل مولود دون استثناء . القوائم التي تنظمها للتوزيع لا تلتزم بتأريخ او تسلسل او فئة ، فالطفل يأتي في القائمة مع الكهل والشاب ، مع العجوز والطبيب ، مع المنظف والمدير أو الفراش . انها شقق صغيرة مريحة جدا لا يحتاج فيها الساكن الى اكثر من متر او مترين ، كما انها ممتلكات لا تحتمل المضاربة حيث لا سبيل لاستئجارها او بيعها او اعادة بنائها ، إنها فعلا تحلّ عقدة من لم يحالفهم الحظ في الحصول على قطعة ارض سكنية في حياتهم !!!!
كنت أقول مرارا ، لا بدّ ان يكون لكلّ شخص مدفون هنا قصة او سرّ أو إعتراف معين لم يمهله الزمن على الافصاح عنه أو البوح به . في احد الايام اعترتني رغبة لا تقاوم في التعرّف على هذه القبور وساكنيها ، فتوقفت لدى بعض القبور ، لأتأمل فاتخيل ما خبّأه ساكنوها من ندم أو حسرة أو تمنٍّ أو مجرد رغبة في الكلام . كرّست نصف نهار لهذه الزيارة الخاصة ، وكانت حصيلتي كالتالي :
وقفتُ امام قبر عَمَّرَ صاحبُه طويلاً . إلتزمت الصمت لدقيقتين محاولا تخيّل صورة الراحل الذي سمعته يقول : لقد عشتُ طويلا وبلغت من العمر آخر مرحلة مسموح بها ، غير اني ارى نفسي وكأني لم اعش يوما واحدا. كم كنت اتمنى الاستمرار على قيد الحياة لاني لم اشبع منها . استغربتُ لكلامه وصراحته ، وعندما رأيته يقفل السياج وينهي المقابلة، انتقلت الى جاره .
سمعتُ جاره يقول : كنت أحتَكِمُ على الكثير من المال ، وعندما احسست بدنوّ أجلي ، سحبتُ مقتنياتي السائلة من المصارف وطلبت ان تُدفَن باكملها معي لاني لم أكن أتحمّل فكرة مفارقتها أوالتخلي عنها للغير، لا سيما وانها كانت ثمرة اتعابي وسبب فرحي وسعادتي في الحياة . لا اعرف من اين أتتني الرغبة الملحّة في الاعتقاد بامكانية نقلها الى العلى . دفنت الاموال في القبر معي غير انها اختفت بعد اسبوع ، ولقد احسست بذلك عندما تعرض جسمي لهواء بارد قادم من الخارج . أصغيت لنزيل هذا القبر بانتباه شديد ، وانتقلت الى قبر آخر.
القبر الجديد قال : كنتُ صاحب اموال طائلة وحصلت على عضوية نادي اصحاب الملايين. كان لي حساب سِرّي لا يعرفه غيري . عندما استُدعيتُ للمغادرة ، اصطحبت معي الرقم قائلا : لعل هناك في الاخرة طريقة لسحب هذه الاموال العزيزة عليّ ، من يعلم !! غير أن خيبتي كانت كبيرة عندما قيل لي : إن عُملتك لا قيمة لها وقد تمّ إلغاؤها ، كان يجب عليك استبدالها ، قبل فوات الاوان ، بشيكات تحمل ، عوض مبالغ المال ، مفردات العفو والتسامح والصبر والتواضع والوفاء والتضحية والمحبة وغيرها . لم أجنِ شيئا من مال كدّسته طوال حياتي وكنت حريصا عليه ، ندمي شديد وحسرتي أشّد على عدم تمتعي به وأيضا على حرمان اهلي واقاربي منه .
انتقلت الى قبر آخر أسمعَني الراقد فيه ما يلي : وافتني المنيّة وانا في صدد تنفيذ مشروع ضخم كان يشغل جلّ اوقاتي . كان المشروع على وشك الانجاز ، ومهلة شهرين فقط كانت تفصلني عن يوم افتتاحه . لماذا لم يمهلني القدر قليلا لرؤيته لاني كنت اعتزّ به كثيرا ؟
اقتربت الى قبر آخر ، شرع نزيله بوصف مدى سعادته وقال : كنت فقيرا جدا أو بالاحرى معدوما ، وكان لي في كل يوم معاناة في البحث عن قوت يسدّ رمقي ، كانت حياتي مجرد ذلّ وشقاء . قدوم الموت وضع حدّا لشقائي ، وانا سعيد هنا في شقة صغيرة مسجلة باسمي .
انتقلت الى قبر آخر ، ولم انتظر كثيرا لأسمع ساكنه يقول : لقد تمّ اقتيادي قسرا الى هذا القبر ، توسلت كثيرا ، وناديت وصرخت للحصول على مهلة ساعة واحدة تمكّنني من لقاء شخص كان سيردّ لي مبلغا كبيرا جدا. كنت اعرف حقّ المعرفة بان المبالغ سوف لن تفيدني بشئ ، ولكني كنت مولعا بزيادة اموالي وبرؤية اصفار تضاف يوميا على ارصدتي، وها انا الان وسط اصفار مفصولة عن ارقامها .
في صفّ آخر من القبور ، وقفتُ امام راحل يقول : كنت كثير التعلق في الحياة. لم اتخذ عبرة مما اصابني ذات مرة حيث كنت على وشك الموت . نسيت الموضوع وتصرفت وكأني قد اجتزت الخطر وأن الموت سوف يبتعد عني لفترة طويلة ويتفرّغ لغيري . هل أحسّ أحد بطريقة تفكيري هذه وابلغ عني ، لكي يقدم وكيل السفر ويستعجلني بحزم حقائبي ؟
وعند قبر آخر سمعت امرأة تقرّ بان الموت أراحها من آلام شديدة تكبدتها لسنوات طوال . قالت بانها ابتهلتْ كثيرا كي يُدرَجَ اسمُها ضمن الرحلات الاضطرارية ، غير ان القطار اهملها طويلا قبل إيجاد مقعد لها .
وفي القبر المجاور سمعت رجلا يقول : كنت سعيدا مع زوجة جميلة جدا. كانت هي غاية وجودي في الحياة لانها كانت تغمرني بسعادة لا توصف . كنت افكر في كل شي واتوقع كل شئ عدا الموت الذي أودى بحياتي بسرعة وحرمني العيش مع زوجتي .
وعند قبر آخر سمعت شابا يقول ، هل كان يُعقل ان افكر بالموت وانا في الرابعة والعشرين لاسيما وإني لم اكن اعاني من ضعف او مرض او اي سبب آخر . لم اتعرض لقتل أو حادث أو غيره ، ولكني سقطت مكاني وفارقت الحياة. كنت أحمل آمالا كبيرة ، ولكنها ذهبت كلها ادراج الرياح .
وقبر آخر نطق وقال : رجوتُ المسؤولين هنا كي يوقعوا لي اجازة قصيرة للاشتراك في احتفال ديني اكفّر فيه عن بعض ذنوبي ، غير ان الجواب أتى زاجرا وحاسما . قيل لي بان العودة ولو لساعة واحدة مستحيلة ، لقد انتهى وقتك في الحياة وكان عليك التهيّؤ للرحيل قبل ان تأتي الساعة .
وساكن آخر قال : كان بودّي التصالح مع اخوتي وانهاء خلاف قديم فرّق بيننا لفترة طويلة ، لقد أرجأتُ المصالحة سنة بعد سنة الى ان أدخلني الموت ، على حين غرّة ، هذا النفق المظلم .
والقبر الآخر لم يتكلم عن نفسه ولكنه قال : بجواري يرقد شاب جميل جدا من عائلة عريقة ، شاب لم يعرف في حياته غير اللون الوردي. كان شخصا حسن الخُلق والأخلاق ، كان يحبه الكبير والصغير ، فحسده الحسّاد ، ولم يكن حسّاده غير اصدقائه الذين طعنوه في ظهره .
انتقلتُ بعد هذا الى قبر رجل دين عادي توقفَتْ حياتُه لدى سنّ الثمانين . فقال : كان يجب ان احتاط للموت اكثر من عامة الناس ، ولكني كلما كنت افكر فيه اقوم بابعاد شبحه عني . وإذا كان لا بد لي من الاعتراف فاني اقول : لقد إستغللت ثقة بعض الناس وبساطتهم أحيانا وهذا يضعني تحت مساءلة كبرى ، ومرارة أشدّ تدعوني للقول باني وقعت في حبائل المادة .
أما القبر الذي يحاذيه ، أطال في حديثه اكثر من غيره ، فتطلعت الى الرخام الذي يعلو قبره لاتأكد من هويته فرأيت باني أمام ضريح مطران يأسف لطموحاته الكبيرة التي لم تتحقق . قال : كنت متمكنا من العلم ، واتمتع بشعبية واسعة ، كنت اطير فرحا لمجرد التفكير بالمشاريع التي كنت مقبلا على انجازها ، كنت محط ّانظار القاصي والدّاني فأتى الموت وقال لي : لا تفرح كثيرا يا سيدنا لان كل شئ زائل .
مررت على الكثير من القبور ، منها قبر راهبة تتأسف لاحتفاظها بحقد عمّر معها طيلة حياتها في الدير ومات معها دون أن تبوح به ، وعروسة حرمها الموت من حبيبها في الاسبوع الاول من الزواج ، وجندي تعرض لانفجار قبل وصوله الى البيت بعد انتهاء المعركة ، وطبيب خان مهنته ، وشخص آخر يبكي بمرارة لانه توفي قبل الاعتراف بجريمة ادخلت بريئا الى السجن ، والكثير الكثير من القبور الاخرى التي تنوعت أحاديثها بتنوع اصحابها .
غادرتُ المقبرة عند آخر ضريح اكتفى بما يلي : انا سوف لن ادلي بأيّ تصريح لاني اعرف بانك ستنشر غسيلا لا احتاج الى نشره .
لقد تعلمتُ الكثير من المقبرة . استعدت كل ما سمعته مرتين أو ثلاث وفكرت مليا بهشاشة الانسان وبهذا الخيط الرفيع الذي يفصل حياة الانسان عن الموت . كنت اقول : هل يعقل ان ينتهي الانسان بلحظة واحدة ، هذا الانسان القوي، العاقل ، الجميل ، المبدع ، الثري ؟ كيف ينقل الموتُ الجميعَ ودون استثناء ، واحيانا بطرفة عين ، الى مشروع الشقق الصغيرة هذه ،التي يكتفي فيها الجميع بمساحة متر أو مترين ؟
انا لا ادعو هنا الى التركيز على الموت او الخوف منه ، بل بالعكس ادعو الناس الى حبّ الحياة والعمل ، وحتى الى جمع المال ولكن دون التعلق به كثيرا ، لانه فعلا لاشئ يفيد الانسان عند الموت ، لا الجاه ولا المال ولا البنون ولا أي شئ آخر. يجب التمتع في الحياة والعيش بحرية تتوقف لدى ابتداء حرية الغير . واذا كان عليّ اختتام الموضوع بكلمتين اقول : كنْ مليونيرا متجرّدا ، لانك اذا عشت متجردا ستعيش بسلام وسعادة وستترك الحياة نحو شقتك الصغيرة ، بعد عمر طويل ، غير نادم على شئ لانك لم تعوّل على اي شئ ، هذا ما اجمع عليه نزلاء القبور .
سجل
طباعة
صفحات: [
1
]
للأعلى
« قبل
بعد »
ankawa
»
الحوار والراي الحر
»
المنبر الحر
(مشرف:
عنكاوا دوت كوم
) »
اعترافات في المقبرة