إذا لا تستطيع قيادة أمتنا "الكلدانية السريانية الآشورية" التعلم من مثقفيها فلتتعلم من الحيوانات !!!
أبرم شبيرا الوضع القومي والسياسي المأساوي لإمتنا في الوطن هو جزء من الوضع المأساوي العراقي ككل ولكن يختلف عنه بل يفوق عليه بمئات المرات لأن وضع الأمة "الكلدانية السريانية الآشورية" وبكل تنظيماتها القومية، السياسية منها والدينية، قائماً على محك الإقتلاع من الجذور والتهديد بالزوال سواء عن طريق التهجير إلى الخارج أو الإحتراق في أتون الإرهاب. زد على ذلك أن اللاعب الرئيسي في الوضع المأساوي العراقي وأقصد القابعين على السلطة في العراق يمتلك القوة والجاه والمال وعلى العكس تماما منه فاللاعب الرئيسي في الوضع المأساوي لأمتنا لا يملك غير كرسي مهلل ومكسور لايستطيع الصمود أمام الرياح السوداء العاتية. والأنكى من هذا وذاك هو أن "ممثلي" أمتنا الجالسين على هذه الكراسي راضين مرتاحين لا يهمهم الكسور الموجود في كراسيهم طالما هي مصدر لإمتلاء الجيوب والبطون.
سألني ذات مرة صديق قائلاً لماذا المجتمعات تحتاج إلى الأحزاب السياسية فقلت له وببساطة تتلائم مع مستوى معرفته بالسياسة بأن حال الحزب السياسي كحال السد المقام على النهر. فالنهر يفيض في مواسم معين وينخفض مستواه أو يجف في مواسم أخرى. فالسد يقام على النهر كي ينظم مستوى المياه فيه سواء في حالة فيضانه أو جفافه وبالتالي يساهم السد في رفاهية المجتمع سواء في أرواء العطشى أوسقي الحقول.. وهكذا هو حال المجتمع فواجب الحزب أن ينظم حياته العامة سواء عن طريق الحفاظ على حقوق المجتمع وتطويرها نحو الأحسن أو النضال من إجل نيل هذه الحقوق عندما تهمش أو تبتلع من قبل الغير. فعندما يغش المهندسون والبناؤون في بناء السد خلافاً للمواصفات الهندسية المطلوبة للسد القادر على تحمل سيول النهر فأنه سرعان ما ينهار أو يجرفه النهر وبالتالي يكون المجتمع هو الخاسر الأول والأخير. وحال الحزب السياسي هو نفسه كحال مثل هذا السد، فعندما تكون قيادته هشه وذات أفق ضيق تنظر إلى مصلحتها قبل مصلحة المجتمع فأنها سرعان ما تنهار أو تتراجع نحو برجها العاجي وتصبح بعيدة عن الجماهير. فحال أحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية يجب أن تكون كحال السد المبنى على مواصفات هندسية صحيحة غير مغشوشة لأن جريان سيول النهر في الوضع العراقي الحالي قوية جداً تفوق بكثير قوتها وسوف تزيحها نهائيا من الساحة السياسية ما لم تستند على المواصفات الجماهيرية الصحيحة وتستمد قوتها منها لتكون ضامنة في حماية حقوق الأمة "الكلدانية السريانية الآشورية" في العراق وإلا ستصبح في خبر كان سواء عاجلاً أم آجلاً. وليس بالأمر الجديد في القول بأن الجماهير هي مصدر قوة هذه الأحزاب فبدونها هي لا شي، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو كيف تستمد الأحزاب قوتها من الجماهير؟ لا شك فيه بأن هناك عدد مختلف ومتنوع من المصادر التي تستمد الأحزاب قوتها من الجماهير ولكن حتى أكون أكثر وضوحاً وتحديداً سوف أعتمد على مصدر يدركه معظم أبناء أمتنا وخاصة المثققين منه وقادة أحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية وحتى الدينية. أقول: بين فترة وأخرى نقراْ في الكثير من المواقع الألكترونية عن أفكار ومقترحات من مثقفي وكتاب أمتنا ناهيك عن الكتابة مباشرة إلى هذه الأحزاب والمؤسسات، وليس المهم عن مدى منطقية أو فائدة هذه الأفكار والمقترحات ولكن المهم هنا هو أن تكون قد قرأت وفهمت من قبل قيادة هذه التنظيمات وهذا أمر رغم إننا نجهله ولكن نشك في أن يكون قد قرأوها أو فهموها لأن طبيعة الكرسي الجالسين عليه ورغبتهم المميتة في التشبث به يجعلهم يرتابون ويخشون من كل فكرة أو مقترح يخصهم أو نقد يوجه لهم. هناك العشرات أن لم تكن المئات من المواضيع المهمة والمفيدة التي تنشر في المواقع الألكترونية من قبل خيرة مثقفي وكتاب أمتنا ولكن بالله عليكم يا قراءنا الأعزاء هل سمعتم أو قرأتهم يوماً رداً إيجابيا على هذه الأفكار والمقترحات حتى ولو كان الرد بضعة سطور يقول (قرأنا موضوعك بخصوص .... فهو موضع دراسة من قبل القيادة ونود بهذا الخصوص أن نشكرك على إهتمامك بتنظيمنا... ) فمثل هذا الرد سيزيد من أحترام القيادة لدى الجماهير ويعظم من إلتصاقها بها وبمثقفيها وكتابها.
أليكم يا قراءنا الأعزاء مثالين في هذا السياق ومن مستويين: كنسي وسياسي. قبل بعضة سنوات كنًا في توديع أحد مطارنتا الأجلاء لكنيستنا المشرقية العظيمة وهو ذاهباً لحضور المجمع السنهادوسي للكنسية وقلت له يا سيادة المطران لديً بعض المقترحات قد تكون مفيدة في تطوير الأمور الإدارية للكنيسة. فكان رده كالآتي (يا أبرم ... أنتم أمتنايه – القوميين – أخذتم كل شيء منًا ولم يبقى لنا إلا هذا المجمع السنهادوسي أفهل تريدون أن تأخذوه منًا أيضا ونبقى بدون شيء). وعلى المستوى السياسي: كنت قد كتبت قبل أشهر بعضة مواضيع ومقترحات في تطوير العمل السياسي لأحزابنا السياسية وأرسلت البعض الآخر إلى أحدى أحزابنا السياسية.... وقد تسربت بعض المعلومات من إجتماع قيادة هذا الحزب وذكر فيه قول (أن أبرم شبيرا ينبح كثيرا في هذه الأيام !!!!) ونحن نقول بهبذا الصدد الكلاب النابحة غير من الأسد النائم.
في هذه الأيام نقرأ كثيرا عن الأزمة الإدارية التي تمر بها المؤسسة الكنسية الكلدانية وهناك الكثير من كبار مثقفي وكتاب أبناء أمتنا المنتمين لهذه الكنيسة يعبرون عن خشيتهم من الوضع المتأزم في إدارة هذه المؤسسة الكنسية ويقدمون مقتراحات بناءة ومفيدة جدا في إصلاح الخلل الإداري فيها ونحن والكثير من القراء يعرفون بأن هؤلاء يعتبرون من خيرة مثقفي وكتاب أمتنا وليس لهم أية مطامح أو نوايا ذات طبيعة شخصية أنانية تجاه الكنيسة الكلدانية ولا يسعون إليها إلا الخير والتقدم، ولكن هل سمعنا أو قرأنا ذات يوما بيان أو رأي من بضعة سطور أو كلمات صادر من مطران هذه الكنيسة أو من مركزها الإعلامي التابع للبطريركية يشكر هؤلاء على إهتمامهم بكنيستهم وحرصهم على أزدهارها وتقدمها حتى وأن كانت لا تتطابق كلياً مع توجهات المؤسسة الكنسية؟؟؟.
هناك أزمة فكرية ونفسية تطوق عقلية قادة تنظيماتنا السياسية والقومية والدينية نعتقد شخصياً بأنها تقوم على نوع من الشك والريبة تجاه الآخر وبالتالي فإن كل ما يصدر من هذا الآخر هو موضوع شك وريبة ولا يفسرونه إلا كونه تهجم وإهانة وتخريب حتى ولو كان هذا الآخر من أعز أبناءهم وأكثرهم علماً ومعرفة وحرصاً على مصلحة المؤسسة أو الحزب الذي يعتبره "ممثله" على الأرض والسماء. فمثل هؤلاء القادة لا يهمهم شيئاً غير أمراً واحداً ربطوا مصيرهم وحياتهم به وهو............ "الكرسي" .... وما يجنيه هذا الكرسي عليهم من إمتيازات تصب أولاً وأخيراً في جيبهم ولا يذهب إلى الأمة حتى "شعرة من جلد الخنزير". لذلك عليهم "النضال المستميت" من أجل هذا الكرسي والخشية كل الخشية من الآخرين الذين يريدون "زعزعت" هذه النعمة التي يخلقها هذا الكرسي لهم.
قبل بضعة أشهر كنت في زيارة قصيرة لبغداد وجاء على علمي بأن السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي يخصص 75% من راتبه الرسمي كذلك غيره من أعضاء اللجنة المركزية يخصصون نسب معينة من راتبهم الرسمي الذي يتقاضونه لنشاطات الحزب والمنظمات المدنية التابعة له. لا أدري فيما إذا كانت هذه المعلومة صحيحة أم لا ولكنها مثال نموذجي لمدى إلتصاق قيادة التنظيم بحزبه وبجماهيره. أن ممثلي أمتنا تربعوا على كراسي البرلمان والمناصب الوزارية والإدارية الرفيعة ليس بسبب كفاءتهم وجهودهم المضنية وإنما بأصوات أبناء أمتنا الذين هم مصدر نعمة المال والمنصب والجاه التي أنعموها عليهم. أفليس من حق التنظيمات المدنية والمؤسسات الخيرية لأمتنا أن تخصص لهم نسبة من رواتب وتخصيصات ممثليها في البرلمان والوزارة والمناصب الرسيمة الأدنى؟ أم هذا حرام وكفر أن نبوح بمثل هذه الكلام لأن هذه النعمة ورثوها عن أبناءهم وأجدادهم وهي حصراً بهم؟؟
فإذا كان ممثلي أمتنا وقيادة تنظيماتنا السياسية والقومية يخشون ويخافون من قلم المثقفين والكتاب خشية صاحب القصر من اللصوص ولا ترغب إطلاقاً التعلم منهم لأن مثل هذا التعلم قد يقودها إلى الأعتراف بمكانة المثقفين والكتاب وبالتالي إنكشاف قزمية "ممثلي" أمتنا أمام التحديات المصرية، فإذن نقترح عليهم أن يتعلموا من الحيوانات لأن هذه الأخيره لا تشكل مصدر خوف لهم طالما لا تستطيع هذه الحيوانات أحتلال كراسيهم والجلوس عليها والتمتع بالنعمة التي تنعمها عليهم. وإليكم قصة طيور الأوز وكيفية التعاون بينها وفي تناوب القيادة والتضحية في سبيل الكل ولعل قادة أحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية تتعلم منها.
أبرم شبيراعندما تهاجر الأوز وتقطع مسافات طويلة جداً فهي تطير سرباً على شكل حرف (V)... لماذا؟ لأنها مسألة متعلقة بوجود حياة الأوز وإستمرارها. فكل أوزة عندما تفرش جناحيها وتطير فأنها تخلق نوع من قوة الدفع نحو الأمام للطير الذي يليه، أي بعبارة أخرى فالطير الأمامي يساعد الطير الذي خلفه وهذا الأخير يساعد الذي يليه ... وهكذا. فقد دلت المعلومات بأنه عندما تطير الأوز على هذا الشكل فأنها تضيف قدرة للطيران تزيد عن 71% مقارنة بالطير الذي يطير لوحده. وعندما تشذ أوزة واحدة عن السرب فأنها فجأة تشعر بالتأخر والتخلف عن بقية أعضاء السرب وتشعر بصعوبة في الطيران لوحدها لذلك سرعان ما ترجع وتدخل السرب مع بقية الطيور. هكذا الحال مع الإنسان فالأشخاص الذين يشتركون في الهدف والاتجاه ولهم شعور جماعي مشترك فأنهم يستطيعون تحقيق الأهداف والوصول إلى مقصدهم بسهول أكثر بكثير من الذين يسيرون لوحدهم.... وعندما تشعر الأوزة "القائدة" التي تكون في مقدمة السرب بالتعب والإرهاق فأنها تنسحب وتدخل السرب وتحل محلها أوزة أخرى وتتولى قيادة السرب.... فإذا كان للناس سلوك مثل سلوك الأوز سوف يدركون بالنهاية بأن نجاحهم يعتمد بالدرجة الأولى على العمل كفريق موحد وأخذ أدوار المهماة الصعبة "القيادة" بالتشارك والتناوب.... أين نحن بكل تنظيماتنا السياسية والقومية والدينية من هذا السلوك الجماعي؟؟؟؟؟ خاصة في مسألة التناوب على القيادة ...أفهل لقادة أحزابنا وتنظيماتنا قدرة على التعلم من هذه الطيور؟؟؟
إضافة لذلك فإن لكل طير من طيور سرب الأوز دوراً محدداً حتى الطير الأخير الذي لا يوجد خلفه أي طير ليساعده برفرة جناحيه في السير قدماً فأن له واجب الصياح من مؤخرة السرب لتشيجع بقية أعضاء السرب للإستمرار قدماً وطمأنتهم على سلامة سيرهم نحو الاتجاه الصحيح.... هكذا يجب أن يكون صياح الناس مشجعاً ومطمئناً لبقية أفراد المجتمع وقيادته لا تهجماً شخصياً أو كذباً محبطاً للناشطين والعاملين في المجتمع ولكن بالمقابل، وهو الأهم، على القيادة أن تسمع أصواتهم وإلا الضياع سيكون نهاية مسيرتها.... آخر زمان ... لم يعد لنا قدرة التعلم حتى من الطيور... متى نكون سرباً ويكون لكل واحد منا دوراً محدداً ومتناوباً... متى يدركون قادة أحزابنا وتنظيماتنا بأن لكل إنسان على هذه الخليقة طاقات وقدرات محددة ولا يمكن الإستمرار لسنوات طيولة من دون أن تستهلك بمرور الزمن. لقد أثبت علم السياسة نظرياً وتطبيقياً بأن القائد الذي يستمر لفترات طويل في قيادة حزبه أو أي مجتمع حتى ولو كان منتخباً إنتخاباً ديموقراطياً ويمتلك قدرات وطاقات فذة ويلهم أنصاره وجماهيره بحكمته في القيادة الناجحة فأن بقاءه في الحكم أو القيادة لفترات طويلة يكون ثمنها إستهلاك طاقاته وقدراته وبالتالي تناقصها أوتلاشيها مما يصبح فاقداً لوسائل الحكم والقيادة المقنعة لجماهيره فيدفعه الإصرار على الإستمرار في القيادة لفترات أطول إلى اللجوء إلى وسائل أخرى غير مقنعة لجماهيره كالتسلط والتفرد بالقرار والعنف والرشوة والمحسوبة والشللية فيظهر في نهاية المطاف كدكتاتور متسلط على الحكم والناس. من هذا المنطلق فإن معظم دساتير الدول الديموقراطية والأنظمة الداخلية لأحزابها السياسية تحدد مدة رئاسة الدولة أو قيادة الحزب بفترات معينة ومحددة. ويظهر بأن طيور الأوز قد فهمت وألتزمت بهذه النظرية في القيادة، أفهل يفهمها قادة أحزابنا وتنظيماتنا ويلتزمون بها؟؟؟
متى نكون سرباً من أسراب خلق الله ونحن ليل نهار نتباهي بماضينا ونركع ونصلي لأسد بابل و الثورالمجنح حتى ينفح الله فيهما الروح ويرجعون لنا أمجادنا ..... أرجو من زعماءنا السياسيين والكنسيين مراقبة مواسم هجرة طيور الأوز ويتعلموا منهم ولو الشيء القليل.... التعلم حتى من أبسط المخلوقات ليس عيباً إنما العيب، كل العيب، هو أن ندعي العلم ونحن فراغاً منه، وأن ندعي الحكمة والمنطق ونحن طبلاً فارغاً، وأن ندعي الوعي والقومنة ونحن نياماً ونفاقاً، فهل أصبح الزمان غداراً لدرجة يحشرنا في زاوية اليأس والقنوط ونلجأ إلى الحيوانات لكي نتعلم منها؟؟ أم لايزال هناك ضوءاً بسيطاً جداً في نهاية النفق.
هكذا ببساطة نقول بأن الحل لأمتنا ولقادة تنظيماتنا السياسية والقومية هو أن يتعلموا من طيور الأوز في التعاون الجماعي والمثمر وفي التضحية من أجل الجماعة وكيفية قيادتها والتناوب عليها وأن يكون الفرد للجميع والجميع للفرد. وإذا كانت الأوز تعمل ذلك بالفطرة فإن الإنسان يعمل بالوعي ... أفهل لنا وعي كافي لنعمل مثلما تعمل الأوز؟؟؟؟ . فإذا كان قادة أحزابنا السياسية وتنظيماتها القومية ومؤسساتنا الكنسية لا تريد أن تتعلم من مثقفيها ومفكريها لأنهم يخافون منهم فالأرجح لهم أن يتعلموا من الحيوانات التي ليس لها أية مطامح في أزاحتهم من كراسهم والجلوس عليها... آخر زمن ... فرض الزمان الغادر أن نلجأ إلى الحيوانات لنتعلم منها كيفية تدبير أمورنا السياسية والقومية!!