المحرر موضوع: هل الاتحادات الادبية غايتها الفرقة ؟  (زيارة 1601 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حكمت كاكوز

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 371
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل الاتحادات الادبية غايتها الفرقة ؟

مع بداية خلق الانسان وتطوره نشأت الحاجة الى الاجتماع والترابط ابتداءً من الاسرة وصعوداً الى الاحتواء في دولة واحدة تجمع الكثير من المجتمعات المتفاوتة في الحجم، منها السياسية والثقافية والاجتماعية والرياضية والفنية وكلها قائمة على اساس فكرة التوحيد وتقوية الأواصر بين افراد المجتمع مما يقوي ادائهم وفعاليتهم ضمن المحيط الذي يعملون فيه.
وعلى مدى التاريخ تكونت مثل هذه الاتحادات واضمحلت بحكم التطور ومدى الحاجة اليها وكل في زمانه. فبرزت حركات واتحادات فكرية تحررية وتنويرية وحتى تخريبية كالحركة النازية في المانيا والتي ادت الى قيام الحرب العالمية الثانية ومقتل بحدود العشرين مليون انسان. فالحركة النازية بدأت بفكرة تفوق العنصر الجرماني الذهنية والعقلية على بني البشر التي استساغها هتلر وحقنها ببراعة في عقل شعبه الذي ادرك متأخراً خطورة مثل هذه الافكار ليس على المانيا فقط وانما على العنصر البشري عموماً. فكان ما كان والجميع يعرف ما حصل من مآسي في تلك الحقبة التاريخية.
ان مثل هكذا اتحادات وتجمعات صارت تعرف الآن بمنظمات المجتمعات المدنية. وبحكم قدمنا نحن كشعب كلدوآشوري سرياني يمتلك ارثاً تاريخياً وثقافياً كبير على المستوى العالمي كان من الطبيعي ان ننخرط في هكذا تجمعات وتشكيلات للحفاظ على كياننا كقومية تكالب عليها جيرانهم لغرض السيطرة على ارضهم ومقدراتهم متخذين من الاختلاف في الدين حجة لتكفيرنا وبالتالي مستغلين قدسية الدين لتصفيتنا. وللتاريخ صفحات قاتمة في هذا العداء لامتنا ولشعبنا الذي عانى الكثير الكثير من اهوال المذابح التي نفذت بحقه، مما جعل اعداده تنحسر وتتناقص في ارضه مع الزمن حيث الحل الوحيد الذي ارتأوه هو ترك الارض والهجرة وايجاد ملاذ آخر آمن يستطيعون فيه النوم قريري العين.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل كان الاعداء فقط سبباً لتشرذمنا ؟ ام نحن نتحمل جزء من هذه المسؤولية ؟
بالتأكيد ان معنى التشرذم ليس فقط الانفصال المادي عن البقية، ولكن الانشطار الفكري والتفكير باتجاه معاكس للرأي الصواب والصحيح هو ايضاً تشرذم. على سبيل المثال: ان كنت انا واخي المولودين من ام واب واحد، عشنا وترعرعنا في كنف واحد، وتسببت ظروف معينة، ثقافية ام اجتماعية، في اختلاف في وجهات نظرنا، مما سبب مشكلة ما بيننا جعلتنا ننفصل عن بعضنا تصل الى مرحلة التجافي وعدم الاتصال ببعض، فهذا معناه حصول تشرذم في الاسرة. اما الانفصال علن باقي مكونات الاسرة بسبب الزواج وتكوين اسرة، او الانفصال بحكم العمل فهذا ليس تشرذم بل العكس سيشد من ازر العائلة ويقويها. بمعنىً آخر ان الاسرة عندما تنقسم بسبب الزواج وتكوّن عدة اسر يزداد ترابطهم مع بعضهم وينشدّون روحياً الى اسم العائلة مما يؤدي الى وحدتهم وشعورهم بقوة اكثر، بالرغم من استقلالية كل اسرة.
 ان هذا الارتباط الروحي اللاشعوري والذي خلقه اسم العائلة هو الذي نتكلم عنه. الارتباط بالاسم هو الذي على مر الزمن دُعي بالقومية. اما ان لم ترتبط الاسر الناتجة من اسرة واحدة روحياً باسم العائلة المتوارث عندها يحدث التشرذم، وتنتفي الحاجة الى الوحدة مما يسبب الضعف في كيان هذا التجمع.
واول شرذمة اصابتنا كانت بسبب معتقداتنا حيث الانشقاق في الكنيسة كان سبباً كبيراً في عدم دعم احدنا الاخر وابتعادنا فكرياً عن بعضنا حيث ذلك الشعور بالحاجز المذهبي الذي وضعنا انفسنا فيه. هذا التشرذم الفكري غير المرئي كان السبب في عدم اهتمام احدنا بالآخر وعدم الدفاع عن بعضنا البعض في الصعوبات واعمال العنف التي واجهتنا بجميع مذاهبنا.
وفي عصرنا، وزمن الفتوحات الاميريكية! ونضالها من اجل الديمقراطية، برزت اتحادات ثقافية ديمقراطية! تعتبر نفسها ليبرالية ايضاً، تنادي بفكرة التجزئة والتشرذم وتعتبرها قـــوة! وراحت ترتكز على حجج واهية جداً نابعة من تعصب اعمى ناتج عن احقاد اجتماعية متوارثة نتيجة الانقسامات المذهبية. وصارت تعمل على حقن ثقافة الفرقة والانقسام والانفصال في عقول المتأثرين بمذهبهم، مبتدئةً بالتشكيك بتاريخنا ومحاولة تفريغه من محتواه وتغييره بما يمليه عقلهم، ضاربين عرض الحائط العلماء والباحثين، الاجانب والعراقيين، الذين لهم باع طويل في مجال البحث وتقصي الحقائق التاريخية والذين يعتبرون من فطاحل العلماء في هذا المجال، والاعتماد لا بل التعويل على فرد كان قد عمل موظفاً في حقل التاريخ ويحمل ثقافة التشرذم المدعوم بالفكر الماسوني!
 ومن آليات العمل في هذه الثقافة، ثقافة الانقسام، هو: الترديد الببغاوي المستمر بإقصاء فكرهم وتعميم عبارة الاقصاء على الباقين من دون ادنى حق، وبدون اية مناسبة، محاولاً ضخ الضغينة الى عقول وقلوب الآخرين، مستخدمين في بعض الاحيان ايضاً، من لهم سلطة روحية على الآخر. كذلك : استخدام عبارة (الحقوق!) والحصول عليها وكأننا نمتلك دولة قد قامت احدى الجهات فيها بسلب حقوقهم مما يتعارض لوائح حقوق الانسان! عجيب امر هؤلاء القوم ! اي حقوق تنادون بها ونحن كشعب  كلدوآشوري سرياني حقوقنا مهضومة، وشعبنا آيل الى الزوال من عقر داره، وتهميشنا واقصائنا من عدمه يسيطر عليه صانعي القرار السياسي في وطننا ؟ اين هي حقوقنا ؟ هل حصلنا على حقوق حتى نستحوذ على حقوق الآخرين ؟ هل ثقافة التشرذم تعتبر الحصول على مقعد في البريمان انتهاك لحقوق الآخرين، هؤلاء الآخرين الذين هم نحن ايضاً ؟ ومن جملة التشابيه التي تتكرر في خطاباتهم والتي تساعد على تأجيج هذه الثقافة وهذا المذهب والذي لابأس بان نطلق عليه ايضاً {مذهب التشرذم!}، هو تشبيه انفسهم بالقطيع المنقاد رغماً عنه من قبل الآخر، الذي هو نحن ايضاً!
لقد اصبح واضحاً ان بعض الاتحادات الادبية التي تشكلت غايتها الاساسية كانت التشويش ليس فقط على ابناء شعبنا والترويج لثقافة هدامة انفصالية انقسامية وانما لتعمل عمل العصا في دولاب الاحزاب التقدمية والحركات الاصيلة لأبناء شعبنا!
فبعد كل الذي ذكرناه اعلا هل الاتحادات الادبية غايتها الفرقة ؟
الجواب بالتأكيد كلا، فقط اتحاد واحد معروف بترويجه لثقافة الانقسام والانفصال والتشرذم وهو معروف لدى القاصي والداني...نتمنى من الاتحاد الهداية وتعديل المسار في ظل قيادة جديدة.
حكمت كاكوز منصور
30/01/2013
kakosmansur@hotmail.com