المحرر موضوع: من آباء الكنيسة  (زيارة 1950 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من آباء الكنيسة
« في: 19:17 16/11/2006 »
من آباء الكنيسة
القديس مار أفرام السرياني
يعد (مار أفرام) وجه حضاري كبير ومشرق للكنائس الناطقة بالسريانية وللكنيسة الجامعة فالخلاف الديني الوافر الذي خلقه في مجالات الطقوس واللاهوت والتصوف والروحانيات يؤلف كنزاً فريداً يعود إليه المرء، لما يحتويه من روح عميقة وأصالة ناصعة، لا سيما في عصرنا، حيث الكل يبحث عن هويته وخصوصيته القومية والفكرية. أبصر مار أفرام النور في مدينة نصيبين نحو سنة 306م. وكانت مدينة نصيبين في تلك الفترة خاضعة لسيطرة الفرس،وكان فيها مدرسة مشهورة رئسها نرساي الملفان ولا سيما الدراسة فيها مجانية ولمدة ثلاث سنوات.أما المواد التي كانت تدرس فهي: اللاهوت،الفلسفة،الكتاب المقدس،الطقوس،الطب،الفلك،الفيزياء، الكيمياء،الرياضيات،التاريخ،الشعر،الخطابة والبيان. وبلغت في القرن السادس عصرها الذهبي حيث فاق عدد طلابها 2800 وتعدى تأثيرها بلاد ما بين النهرين إلى سوريا ولبنان ومصر. تتلمذ مار أفرام ليعقوب أسقف نصيبين ونال منه العماد وعمره ثمانية عشر،حسبما كانت تقتضيه التقاليد الكنسية حينذاك. وإذ توسم فيه يعقوب التقوى والزهد وتوقد الذهن والغيرة رسمه شماساً إنجيلياً دائمياً.
وعهد إليه التعليم الديني في مدرسة نصيبين ومن هنا أتاه اللقب (مفشقانا) الشارح والمربي.عندما غزا شابور الثاني مدينة نصيبين عام 363 وسقطت في يده. غادرها أفرام مع جمع كثير من المشرّدين إلى الرها القريبة والتي كانت تحت سيطرة الرومان وكانت مركزاً مسيحياً وثقافياً أقدم وأهم.وفي الرها نشطت المدرسة القديمة التي كان طيطانس قد أسسها نحو 172م، وإتبع مع المعلمين اللاجئين أسساً جديدة للتدريس. وفي الرها ألف مار أفرام وربما لاول مرة في تاريخ المسيحية، جوقة ترتيل من الفتيات (العذارى) علمهن خدمة الطقوس وتأدية التراتيل الشجية التي كان يكتبها ويضمنها حقائق الإيمان والآداب وكثيراً من هذه التراتيل لا تزال الكنائس الناطقة بالسريانية تستخدمها في صلواتها الرسمية.   

تأليفه:
ترك لنا مار أفرام مؤلفات عديدة شبهت ببحر كبير يعسر البلوغ إلى حافاته،وتقسم مؤلفاته إلى منثورة ومنظومة المنثورة: عبارة عن تفاسير لمختلف أسفار الكتاب المقدس فله تفسير سفر التكوين والخروج والأناجيل الموحدة (دياطسرون) وأعمال الرسل...إلخ. أما المنظومة منها فهي:
1-   الميامر: وهي مواعظ شعرية على بحر واحد تتناول العقيدة والأخلاق المسيحية وقد نشر قسماً كبيراً منها المستشرق أوموند بيك في مجموعة الكتبة المسيحيين الشرقيين).
2-   المداريش: وهي ترانيم طويلة منظومة، على أوزان الشعر المختلفة وملحنة فهي أشبه بموشحات روحية.
إسلوبه: أما بما يخص إسلوب مار أفرام فهو بسيط ومباشر ولغته صافية من الالفاظ  اليونانية. ويستخدم كثيراً من الرموز والصور والمقارنات وتستولي على القارىء الدهشة أمام غنى حساسية أفرام وتنوع موضوعاته وطروحاته وعمق روحانيته ودينامية تعليمه. لقد أنهك التعب والسهر صحة الرجل الشيخ فمات في 9 حزيران 373م. إن مار أفرام طوال خمسين سنة خدم الكنيسة السريانية واعظاً ومعلماً ومنشطاً للطقوس أدبياً غزير المادة وشاهداً صادقاً لكنيسته القريبة من إصولها السامية الصافية.
طروحاته اللاهوتية:
الإهتمام المتنوع بالتعليم الديني جعل لاهوت مار أفرام عقائدياً- راعوياً. من المواضيع الرئيسية التي تناولها فهي: وحدانية الله الثالوث الأقدس: الكنيسة وأسرارها،الآداب المسيحية حرية الإنسان والشر. وبهذا العدد يؤكد مار أفرام بأن الإنسان مركز الخليقة، وهو حر وحتى يعيش حريته ينبغي عليه أن يحارب الجهل والظلام، والإنسان مسؤول،في نهاية الأمر عن الشر الادبي في العالم (إن سبب الشر هو بكل وضوح سوء إستعمال الحرية). ويقول بأن القدر ينفي حكم الضمير والإجتهاد الخلقي وبالتالي قيمة أعمالنا وحريتنا. وهو متفائل في قابلية الإنسان لأن له إرادة حرة إن شاء.