مهاجر عائد: إحساس مدمر بالغربة.. ولد إصراراً بالعودة إلى الوطن عنكاوا كوم- تللسقف- أبو نرساي "هنا يغمرني شعور بأني بين أهلي وأحبابي".. جملة قالها "أمير فرنسو" بثقة كبيرة معبراً عن ارتياحه بالعودة إلى موطن الذكريات وهو يؤشر بيده إلى المقهى القديم المعروف باسم صاحبه الأصلي المرحوم زيا عودشانا الذي يتوسط بلدة تللسقف ويديره حالياً سمير كندور.
"أمير فرنسو"؛ مهاجر لم يمض في أرض الغربة أكثر من 40 يوماً، لكنه استعجل في اليوم الأول من رجوعه، لرؤية الأماكن التي طبعت في مخيلته ذكريات العمر.
ويوضح "أمير فرنسو" لـ "عنكاوا كوم" قائلاً "جاءتني رغبتي بالهجرة، بسبب تشجيع الأهل والأقارب الموجودين خارج العراق لأنهم قالوا إنهم يعيشون حياة جيدة".
وقال أمير فرنسو "اختمرت الفكرة في ذهني، وخاصة أن لأولادي أحلاماً وردية في رحلة ممتعة تكون نهايتها التوطين في أمريكا أو أستراليا أو إحدى الدول الأوروبية".
وتابع "من توالي الأحداث شعرت أن الكثير من أهل البلدة يخططون للسفر، فبين الحين والآخر تأتينا الأخبار بقرارات الهجرة، فصديق لي ديدنه الرحيل، وآخر عرض بيته ومحله للبيع، وثالث يريد أن يلتحق بأهله في الغربة".
وقال "كنت أقارن هؤلاء مع وضعي المادي، فهناك من يريد الهجرة وهو بوضع مادي أكثر من ممتاز، وله دخل يحلم به الكثيرين، ولدى سماعي بنيته للرحيل، تساءلت كثيراً مع نفسي عن السبب في اتخاذه هذا القرار".
وأضاف "قررنا السفر، وذهبت إلى دائرة الجوازات ودائرة الفيزا، وكعادة كل من يريد السفر؛ بعت بعض حاجيات البيت بأقل الأثمان".
ووصف تلك الفترة بأنها "صعبة جداً، بسبب كثرة التفكير بترك الوطن والإقبال على حياة جديدة ومصير مجهول".
وأوضح قائلاً "عند وصولنا إلى البلد الجديد بدأت مرحلة جديدة أصعب كثيراً مما توقعت منها غلاء المعيشة، حيث بلغت مصاريفي الشهرية 800 دولار لعيشة عادية مقتصرة على متطلبات بسيطة، وصعوبة اللغة، وعدم وجود عمل، وبرودة الجو في تركيا، تلك كانت معوقات لحياتنا".
وقال "أمير فرنسو" بعد تنهد "لكن الأهم هو الإحساس المدمر بالغربة، وهذا كان شعور العائلة جميعاً".
وأوضح أنه "رغم تشوق الأطفال للسفر، إلا أنهم عندما رأوا الأوضاع في الغربة كان لهم رد فعل عنيف، وأصروا على العودة إلى الوطن بأي شكل من الأشكال".
وقال إن "أطفالي افتقدوا التجوال وأصدقاء المحلة والمدرسة، وابني الصغير كان كل يوم يطلب العودة... ومن سوء حظنا ,ففي البلدة التي سكنا فيها (كرشهير) التابعة لأنقرة، لم تصرف أية معونات من قبل مكتب الأمم المتحدة".
وفي ختام حديثه قال أمير فرنسو إن "السفر هو قرار شخصي، ومن خلال تجربتي أرى أن هناك صعوبات كبيرة وليس طريق معسول، وانصح بعدم تصديق كل الأقاويل التي تقال عن الخارج، فبعضها تصدق والآخر مبالغ فيه جداً".