أحلام الفتى الطائر ..
باسم دخوكة
بعيدا ً عن كل ما يجول في خاطركم يا سادة يا كبار و بعيدا ً عن كل ما منينا به في هذا الزمن الغدار , بعيدا ً عن الشعارات و الخطب , بعيدا ً عن تلك المنابر التي تعلوا فوق قامات الرجال و صوت جهوري لمقتدر ذو كرش منتفخ يغطي الوجود والموجودين و يطلق يديه يمننا ًو شمالا ً ويوعد ويتوعد و يفترس الحضور بنظراته و يسأل مرافقيه و محبيه بعد ذلك ... كيف كان خطابه وحضوره ؟ والكل يشيد به فهو المنقذ وهو المدبر وهو الزعيم الجديد لإمة لم يبيدها إلا زعمائها .
بعيدا ً ..بعيدا ً عنكم يا سادة نعيش و تعيش أحلامنا , أمجادكم ليست بأمجادنا و أحلامكم تفسد علينا حياتنا فلم تعانوا يوما ً ما عانينا و همومكم لا تشبه همومنا .. عالمكم هو غير عالمنا , أنتم كنتم دوما ً في العلى و نحن كنا كالقطيع من الأغنام نقتاد هنا وهناك و يسيرنا الرعات وما أكثرهم سواء من الحكام أو من القادة الذين هم على صراع مع هؤلاء الحكام . كنا دوما ً كالأغنام لا تملك زمام إموراها و لا حتى قوتها , نحن الخدم وأنتم المستخدمون لنا .. ما همكم إن جعنا أو عطشنا , متنا أو بقينا , ففي كل ألأحوال ... من أجل القضية نحن سائرون أي قضية فهذا أنتم فقط يحق لكم أن تسمونها و تسمموننا بها .
بعيدا ً عنكم كانت أحلامنا , همومنا و قضيتنا , فقضية الفتى الطائر ليس لها إنتماء سياسي أو قومي أو ديني كما توهمنا و وهمتوننا بها دوما ً فهي قضية بسيطة وسهلة كان يمكن حلها و كما هو ممكن حلها الآن وفي كل زمان ومكان ... فهي لا تحتاج الى كل هذا العناء أو الصراع و لا تحتاج الى كل هذه الأحزاب و التيارات و الحركات فكل ما في الأمر هنالك من ينام من غير عشاء ومن لا يقدر أن يبدي برأي يخالف الحكم أو السادة الكبار. الشباب عاطلون و الصغار محرمون و الأباء والأمهات يجرون الحصرات وما أكثر الويلات فهل أنتم حقا ً تعيشون بيننا أم أسوار القصور تحجب عنكم الرؤيا ؟
و إن كانت فحقا ً إن الأشكال تتغير والبدلات و ألأسماء تتغير ولكن الجوهر واحد فإن تغير فحينها أنا سوف أتغير.
فنحن لم نعد نحتاج الى قائد الضرورة ولا قائد الامة و لا الزعيم و لا الإمام فما نحتاج اليه حقا ً هو ألأنسان ... يفكر و يبني ويعمل ويحب و يعيش كالأنسان و يحترم أخيه الآنسان .
إنظروا جيدا ً إلينا .. تأملوا لحظة في أعيونا .. ماذا ترون ؟ لا تقولوا غد مشرق و مستقبل باهر فقد سئمنا الدجل لإرضائكم سئمنا أن نكون وقودا ً لعربات تسحقنا يوم بعد أخر . نحن ضائعون .. نحلم لكي نعيش لكون الواقع يسحقنا , واقع مرير .. مرير .. تكتلات وأحزاب وتيارات تشتروننا بثمن رخيص لكي تبيعوننا بثمن أخر كأننا سلع تستخدم هنا وهناك و تزيد رقما ً لطرف يدفع على حساب اخر .
سادتي.. أسياد العراق اليوم :
لا تنظروا الينا وكأننا رقم يضاف ..
لا تستخدموننا بل إخدموننا
لا تفرقوننا الى مجاميع تحمل أسماء مختلفة و تتراهنون علينا كما في حلبات مصارعة " الديوك " وأنتم تتمتعون برؤية دمائنا ونحن ننزف .
لا تجعلوننا ننام ونصحى و نحن لا نملك سوى حلم واحد وهو " الهجرة " كما تفعل الطيور بحثا ً عن مكان يؤيها و نحن نبحث عن أمان و لقمة عيش لا تتوفر لنا في وطننا .
لا يسعدكم غناكم على حساب فقرنا .
لا تغريكم قوتكم على حساب ضعفنا .
لا تنام أعينكم و نحن نتقلب في فراشنا من الخوف و الجوع و الحرمان .
لا نود حقوق على حساب الاخرين
لا نود أن تستخدم التسميات و القوميات والأديان وسيلة لتشتتنا وتفرقنا عن البعض, فلا خير في قوم إن يجد ذاته في تهميش الأخرين و أن يجد حريته في قمع الأخرين و إن يبني أمجاده على تعاسة الأخرين .
نحن الشباب نعي ما نقول لمن كان دوما ً لا يهمه ما نعاني , يختال عمرنا و تنتحر أحلامنا و أمانينا لنحقق المجد لمن لا يشبع التمجيد و لا يراه الا ان سكبت دمائنا و أحرقت قلوب محبينا .
كفاكم تبنوا مجدا ً كاذبا ً وتزينونه بأرواحنا
لم يموت أحدكم إن لم يشبع عمرا ً كألف عمر
ومات ويموت منا الاف ولم يتذوق من عمره سوى
" الاهات "
عذرا ً إن كانت أحلام الفتى الطائر أزعجتكم , فلا تبالوا إنها مجرد أحلام , فالفتى مازال مكبلا ً و مقيدا ً فلا تخشونه فأنه مجرد " يحلم " و بفضلكم يا سادتي و بفضل من حررنا تمكن أن يروي حلمه دون خوف من أن يقال له أنه يكفر أو أنه خائن يجب أن يعدم .
[/b]