المحرر موضوع: هل من تنظيم يجمع شـَـعبنا؟ هل من قائد وحـدوي؟  (زيارة 1716 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وسام كاكو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 64
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل من تنظيم يجمع شـَـعبنا؟ هل من قائد وحـدوي؟
[/color]

بقلم: وســام كاكـو

نظرة فاحصة على تنطيمات شعبنا العاملة منذ فترة تمتد الى عقود من الزمن تُرينا إنها لم تُقدم الكثير بالمقارنة مع بقية التنظيمات العالمية والإقليمية والمحلية. الشيوعية مثلاً، التي إستندت على الماركسية والتي أوصل فيها ماركس نقده للإقتصاد السياسي الى قمته في كتابه رأس المال عام 1867، مرّت من مرحلة الفكر الى التنظيم الحزبي ثم الى سلطة الدولة، وإستطاعت الشيوعية على مر تاريخها أن تقود الحكم في 21 دولة، وكان لإستلامها الحكم في 1917، أي بعد ما يُقارب الاربعين عاماً من صدور كتاب ماركس أعلاه، تتويجاً لنشاط المؤمنين بالشيوعية. النموذج الآخر هو حزب البعث الذي تأسس في سوريا عام 1947، فقد إستطاع أن يستلم السلطة في سوريا عام 1970 وفي العراق عام 1968 أي بعد ما يُقارب العقدين من الزمن. الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تأسس في عام 1946 والحزب الذي إنسلخ عنه ،حزب الإتحاد الوطني الكردستاني في عام 1975، إستطاعا أيضاً أن يكون لهما شأن في إدارة الدولة العراقية أو جزء منها. حزب الدعوة الإسلامية تأسس في عام 1957، وغيرها الكثير من الأحزاب العالمية والوطنية والإقليمية التي إستطاعت بشكل أو بآخر أن تتحكم في حكومة بعض الدول أو تؤثر فيها بشكل مباشر بعد ما لا يزيد عن خمسة عقود من الزمن، في حين إن الأحزاب الآشورية وتنظيماتنا المختلفة التي تأسس بعضها في بدايات القرن العشرين لم تستطع أن تُقدم الكثير ولم تستطع أن تحكم على أية بقعة في العالم سواء التي إمتلكت فيها حقاً تاريخيا وجغرافياً أو في مناطق العالم الأخرى.
سبق وأن تحدثنا عن الخلل في الخطاب الآشوري في مقال سابق ولن نُعيد الحديث فيه الآن ولكن قبل الدخول فيما نود تحليله لا بد من القول إن الأحزاب التي ذكرناها كالشيوعي والبعث والكردستاني والأحزاب الأخرى، حزب الدعوة والإخوان المسلمين وغيرها كانت وما زالت تستند الى قوى ديمغرافية أكبر من تلك التي إستندت وتستند إليها أحزابنا القومية التي تقف في عمقها الديمغرافي على اساس غير قوي نسبياً وهذا واقع لا نستطيع فعل الكثير بشأنه، هذا من جانب، ومن جانب آخر تمكنت معظم الأحزاب التي ذكرناها (الشيوعي والبعث والكردستاني...الخ) الى التحالف مع حكومات وقيادات قوية ساندتها للوصول الى إهدافها في حين إن أحزابنا القومية إقتصرت في تعاملها مع الإنكليز في الثلث الأول من القرن العشرين ومع الأحزاب الكردية لاحقاً، ولم تجد لدى الحكومات الإخرى أرضية يمكن الثبات عليها وربما أحزابنا نفسها لم تتقدم بهذه الخطوة لذا بقيت مقتصرة - الى حد ما- على التعامل مع شعبنا فقط. المسألة الأخرى هي إن الكثير من أبناء شعبنا عملوا مع تنظيمات وأحزاب سياسية أخرى مثل الشيوعي والبعث والأحزاب الكردية، وإعتقد الكثيرون من أبناء شعبنا بأن لا طائل من العمل مع تنظيماتنا القومية لأنها لن تستطيع الوصول الى أهداف كبيرة فحتى إذا ما تجاوزت تنظيماتنا ضعفها التنظيمي وسطحية عمقها الديمغرافي فإنها ستصطدم بتبعثر قاعدتها، أي إن شعبنا في مجمله مُبعثر في مدن العراق المختلفة من جهة وفي دول العالم الأخرى من جهة ثانية، وحتى وقت قريب كان الموجود منا في داخل العراق أكثر من ذلك الموجود خارجه ولكن الصورة على ما يبدو تبدلت خلال السنوات القليلة الماضية فأصبح الموجودون منا في الداخل أقل من الموجودين في الخارج وهذا ما يدفع بعجلة التنظيمات القومية في الخارج الى الإستمرار في الدوران وهي تنظيمات وأحزاب في الحقيقة لم تستطع أن تُقدم الكثير لمن هو في الداخل وظلت نشاطاتها محصورة بالمساعدات المالية المحدودة وبالنشاط الإعلامي، المرتبك في كثير من الأحيان، أما في الداخل فإن الأحزاب القومية الخاصة بشعبنا لم تبدأ بالعمل حتى بداية الثمانينيات وبقيت محدودة النشاط حتى بداية التسعينيات، ولكنها ترسخت أكثر بعد دخول أميركا للعراق إذ بدأنا نشعر عندها بالعمل السياسي الواضح لها ورغم إنها عملت بين الجماهير إي بين أبناء شعبنا في الداخل والى حد ما إستندت الى دعم أبناء شعبنا في الخارج إلا انها ايضاً إصطدمت بمعوقات مختلفة منها الوضع الأمني المتدهور والتناقض السياسي الحالي في العراق وتكتلاته المتناحرة الى حد ما فضلاً عن المشكلة الكبيرة المتمثلة بحاجتها الى المال الذي يضمن لها العمل بين الجماهير يُضاف الى كل ذلك إن التنظيمات الجديدة أرادت تعديل مسار الإرث القديم للتنظيمات القومية والتي إستندت في مجملها الى التوحيد القسري لمكونات شعبنا او بمعنى آخر حاولت الدفاع عن نفسها ضد الإقصائية والإلغائية التي مارستها بعض التنظيمات القومية المبكرة واللاحقة وبالتالي تحول هذا الدفاع – وبسبب من لا مبالاة القديم – الى تعنت ورفض، ولاحقاً لاحظنا إن بعض هذا الجديد بدأ يُمارس نفس الإقصائية والإلغائية التي مورست ضده من التنظيمات المبكرة، وأصبح مثقفونا يدورون في أفلاك مختلفة، ولكن التنظيمات الجديدة أيقظت القديمة من سباتها الطويل وتعنتها وكذلك فعل بعض ناشطينا.
إن التنظيمات والأحزاب الخاصة بأبناء شعبنا بقيت أسيرة مكوناتها ولم تستطع أن ترقى الى مستوى العمل بين المكونات الثلاثة لشعبنا أما قادة هذه التنظيمات فقد ظلوا في اماكنهم قادة إما للآشوريين أو للكلدان او للسريان فقط ولم يستطع أن يحد عن هذا أحد، وحتى من حاول أن يُصرح بديمقراطيته ويُطبقها كان يصل الى الإسم والمكون القومي ويقف فنراه متحيزاً لمكونه وليس لشعبه. لا شك إن الاحكام المطلقة تخضع لمقاييس خاصة وتكون صعبة ولكن يمكن القول بدرجة عالية من المصداقية إنه لا يوجد لشعبنا تنظيم او حزب يُمثله كشعب، صحيح إنه توجد تنظيمات آشورية تُمثل المكون الآشوري بالدرجة الأولى وتُحاول الى حد ما دمج المكونات الأخرى في بوتقة واحدة وحسب إجتهاداتها ولكنها لا تلقى دعماً واسعاً من بقية المكونات وكذلك توجد تنظيمات كلدانية ولكنها لا تُمثل غير الكلدان وأخرى سريانية لا تُمثل غير السريان وربما ينفرد المكونان الأخيران في إنهما لا يُحاولان الإعلان عن تمثيلهما لبقية مكونات شعبنا لا قسرياً ولا إعلامياً ولا حتى جماهيرياً. لا بل إننا نُشاهد إن معظم -إن لم نقل جميع- ممثلي أبناء شعبنا في البرلمان المركزي والإقليمي لا يميلون الى تمثيل كل شعبنا بل مكوناتهم التي ينتمون إليها. النتيجة إننا بعد أن كنا نُمارس الإقصائية والإلغائية في تنظيماتنا الموجودة في الخارج والتي كانت تمارس نشاطاتها كشعور من ناحية، وواجب ودعم لشعبنا من ناحية ثانية، وتسلية من ناحية ثالثة أصبحنا الآن نُمارس مثل هذا العمل في الداخل أيضاً، ولم نجد في الداخل أو في الخارج تنظيماً او قائداً تنظيمياً يعمل على جمع الكل أو يتصرف بعدالة ومساواة مع الكل بحيث يَعتبر نفسه مثلاً آشوري القومية وينتمي الى شعب واحد يُمثل الكلدان ويُمثل السريان ويُمثله، ونفس الشيئ بالنسبة للكلداني فأصبح لدينا العديد من القادة القوميين والتنظيميين ولكن لم يظهر لدينا قائد تنظيمي للشعب الواحد الذي يستطيع توحيد الصفوف، وإن كانت تنظيماتنا السياسية والقومية وكذلك الظروف المحيطة - دولياً ومحلياً- قد ساهمت في خلق حالة اللاإستقرار هذه وحالة التشتت وحتى الإقصاء والإلغاء بين مكونات شعبنا، فإن الشعب برمته لم يُشارك بفعالية كبيرة في هذا التوجه، كما لم يُمارس دوراً موحداً وقوياً إزاء توحيد حالة الشعب والخروج من عنق زجاجة المكونات الثلاثة فبقيت تنظيماتنا وشعبنا ورجال ديننا الى حد ما أسرى لهذه المكونات، وبسبب ترسيخ حالة (المكوناتية) - إن صح التعبير- هذه أصبحنا لا نتصرف كشعب بل كمكونات وأصبح البعض يُشكك في مصداقية وجود مثل هذا الشعب وفي فائدة وجوده كحالة موحدة اصلاً، وقد إلتقيت بكلدانيين يتساءلون (ما حاجتي الى الآشوري؟ ليبقى في مكانه ونبقى نحن مرتاحين في مكاننا) وإلتقيت بكلدانيين يقولون (إن وجود السرياني الى جانبي سيُضعف من مكانتي او من خصوصيتي، وموضوع خصوصيتي هذا يُذكرني بقصة سأذكرها في الهامش†) وهكذا حاولت التنظيمات الآشورية سابقاً عندما حاولت إلغاء الكلداني والسرياني، وبالنتيجة كل ما ظهر الى حد الآن نستطيع أن نقول عنه إنه عبارة عن مجموعات تنظيمية بأفعال قديمة وردود فعل حديثة في طريقها للتطور (أملاً) بإتجاه خلق حالة يُمكن أن نقول عليها (تنظيم شعب)!
يُمكن لمثقفينا أن يُفلسفوا الأمور على هواهم ويستطيع الجهلاء منا أن يتبجحوا بعدم حاجتهم للآشوري وبإنكارهم للكلداني وبإنتقاصهم من السرياني ولكنهم لن يخلقوا بذلك شعباً واحداً أبداً، والمصيبة الأنكى هي إن الوقت يُداهمنا وحاجتنا الى العمل بسرعة هي من أولى الأولويات.
أولوية خلق حالة الشعب الواحد في تنظيماتنا وتجاوز القصور الذي تعاني منه تنظيماتنا المكوناتية يجب أن تتزامن مع عملية الإرتباط بالأرض وممارسة الحكم الخاص فيها مع ملاحظة الإنفتاح على والتوافق مع الحالة العراقية العامة. خلق حالة التنظيم الشعبي (بمعنى الشعب الواحد) وتأكيد نشاطه على الواقع الجغرافي لا ينبغي أن يسير وفق المسالك التقليدية أثناء التطبيق فجميع تجارب التنظيمات والأحزاب الأخرى لم نرها توافق حالتنا الكلدانية السريانية الآشورية الخاصة، بإستثناء تجربة واحدة قد تكون مفيدة ويمكننا الحديث عنها فيما بعد، والسبب في عدم جدوى التجارب السابقة يعود الى إنفراد شعبنا بعدد من السلبيات، أو لنقل المعوقات، هي:
1- الإفتقاد الى التنظيم الشعبي والمنهج الوحدوي الإيجابي لحد هذه اللحظة.
 2- الإفتقاد الى القائد الشعبي، وهذه المشكلة يبدو إنها في طريقها الى الحل قريباً، إن لم تكن قد حُلّت، وقد سنحت لي أكثر من فرصة للحديث مع عدد من الرجال البارزين دينياً وسياسياً في شعبنا وأجمعوا بشكل غير مُرتب سابقاً وبمناسبات منفصلة على شخصية واحدة يمكنها أن تلعب مثل هذا الدور وسنأتي الى تفصيل ذلك في مقال آخر.
3- الإفتقاد الى الجغرافية المناسبة.
4- الإفتقار الى القوة الإقتصادية الموجهة، فالأغنياء في شعبنا كثيرون ولكننا كما قلنا ليست لدينا رؤية تنظيمية شعبية وإنما رؤية تنظيمية مكوناتية فالبعض يدعم هذا والآخر يدعم ذاك ولكننا لا ندعم شعبنا كحالة موحدة وإنما كحالة مُجزأة والكثير من الذين ساهموا في دعم هذا التنظيم أو ذاك ساهموا الى حد ما في تكريس هذه التجزئة بين مكونات شعبنا، ربما بحسن نية منهم.

ربما يُحس القاريء هنا بأنه يقرا نصاً يحث على الإحباط واليأس والقنوط ولا يُناقش غير السلبيات والمعوقات ويُحللها دون التعرض للحل او التفاؤل بوجود حل، ولكن ما ذكرناه هنا ليس إلا تحليلاً أولياً ولن ندخل في عرض الحلول لتجنب الإطالة ولكننا في المقال القادم سنتطرق لمواطن قوتنا وإيجابياتنا وسنستعرض بعض الخطط التي ينبغي عدم تجاهلنا لها في مسارنا بإتجاه خلق حالة شعب مُوَحد على الأهداف الستراتيجية الكبيرة.


 -------------------------------------------------------------------------------------------
† منذ سنوات طويلة، وفي أول مرة حضرت فيها قداساً في أميركا سمعت القس وكذلك الحاضرين يُصلون "أبانا الذي..." بالسورث هكذا "بابن ديلي بشميا پايش مقودشا شموخ أثيا ملكوثوخ..." وصولاً الى آخر الصلاة. أنا شخصياً كنت أصليها هكذا " آون دشميا ..."، المهم إنه بمجرد أن وصل المُصلون الى كلمتي "أثيا ملكوثوخ" سمعت صوت يهمس بداخلي قائلاً: لماذا حوّل هذا القس صلاتنا الى اللهجة التلكيفية!؟ لا إنها لهجة ألقوشية!؟ لا... هذه لهجة لا ينبغي فرضها علي في الصلاة!... إنها تُحاول مصادرة خصوصيتي... أنا سأقول "أتيا ملكوتوخ" – أي بالتاء وليس بالثاء- فهذه لهجتي ولن أسمح لأحد أن يُملي شروطه علي...!
إنزعجت في باديء الأمر لهذا الفرض القسري لهذه اللهجة على الصلاة وعلى كل المصلين، وإستمر الصوت يهمس في داخلي الى درجة إنه إقترح علَي مقاطعة الكنيسة (لإنها كنيسة فلان وفلان!) أو محاججة القس على هذا الموضوع لا بل حتى حاول أن يقول لي إنه تحريف في (ترجمة) الصلاة وإعتداء على المسيح الذي نطق بها وعلمنا إياها. غريبة هي المستويات التي يُمكن أن يوصلك إليها تفكيرك أحياناً!! عندما دفعتُ بالصوت الذي يهمس في داخلي الى الصمت وفكرت باللهجة التي يُمكن أن تُناسب الجميع وجدتُ إنه لا توجد لهجة واحدة  تُوحدنا (لهجوياً)، فلهجتي تُحوّل الثاءات الى تاءات أحيانا والحاءات الى خاءات أحيانا أخرى، ومثلما إستثقلتُ لهجة القس فهو ربما سيستثقل لهجتي، فمَن المُحق في هذا الجدل؟ وهل ينبغي أن أقاطع الكنيسة بسبب ذلك أو أحاجج القس حول هذا (الذنب) الذي إقترفه!!
في هذه المساحة المتناقضة من الجدل الداخلي وجدت نفسي أصل الى الحل: ليُصل كل منا بلهجته فهذه كلها جميلة ولكل منا الحق في الحفاظ على خصوصياته والصلاة بلهجته ولكني لن إقاطع الكنيسة فلا أحد يستطيع أن يدعي بأن كل المسيح له أو كل الكنيسة له كما إن المسيح لن يُفضل لهجة أحد منا على الآخر أو خصوصية أحدنا على الآخرفقد أحبنا جميعاً ونحن أحببناه فهل يُمكن أن تُساهم خصوصياتنا في مقاطعته أو في مقاطعة ومعاداة من يتكلم بغير لهجتي. سنون طويلة مضت، ولكن هذه القصة تُراود تفكيري كلما قرأت بعض المقالات التي ترى في لهجاتنا وخصوصياتنا وتسمياتنا سبباً في إبتعادنا عن بعضنا وإبتعادنا عن حالة الشعب الواحد بحجة إن حالة الشعب الواحد قد تؤدي بنا الى إضعاف خصوصياتنا!!! متى سنوقف هذا الصوت الذي يُضخم خصوصياتنا في داخلنا ويدفع بنا الى التفكير بالإبتعاد عن الآخر او حتى المقاطعة بحجة إن هذا الإسم (قطار) وذلك (دمج مُجحف) وغيرها؟! إن إنتظرنا حتى نصهر كل خصوصياتنا في بعضها لكي نعترف بالتقارب وبأننا شعب واحد فإننا ربما سننتظر الى الأبد!!![/b][/font][/size]