المحرر موضوع: تراجيديا مواطن عراقي - بقلم سلوان ساكو  (زيارة 2123 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
  تراجيديا مواطن عراقي  – الجزء الأول   بقلم- سلوان ساكو
  والآن ،وعلى الرغم من مظى عدة سنوات على الحادثة أجدها تولد في دماغي من جديد وفي شخص بطلها ، فنجحت ذاكرتي أن تعيد حياكة هذه المشاهد الحقيقية .
حينما كنت في أسطنبول في سنة 2005 حصل لي بعض الاشكالات مع دائرة الاقامة والجوازات ، وبعد التدقيق الدقيق قالوا لي لا يمكن لك ان تبقة داخل الاراضي التركيا يجب ان تُغادر، وعلى هذا الاساس قاموا بحجزي داخل نفس الدائرة الى حين يتم تسفيري الى العراق عندما يكتمل العدد المطلوب .
بعد دخولي الى الحجز بيوم أو يومين استوقفنى رجل يبلغ من العمر حوالي الستين او يزيد قليلاً ،صامت كئيب ،يكاد يخلو وجهه من أيَّة تعابير.
المُهم بعد أن القيتُ السلام عليه ورّد ببرود واضح ، سئلته عن سبب مجيئه الى هنا من باب قتل الوقت لا أكثر .لم يجيب في بادئ الأمر ولكن بعد فترة من الصمت والنظر الى المجهول أجاب وحكة قصته الغريبة . قال إنها أمور لايمكن للمرء أن ينساها ولا أن يغفرها ابداً.وأكمل الحديث انا عراقي من أصول ايرانية وقد عشتُ  في بغداد ودرستُ في جامعاتها وتزوجت بها ،ومع بداية الحرب العراقية الايرانية 1980 قررتُ أن أخرج من العراق مع عائلتي ،زوجتي وابنائي الاثنين . وفعلاً اتجهنا الى الاردن وبقينا في عمان حوالي ثلاث او اربع أشهر ، وبعد ذلك انتقلنا الى اسبانيا في العاصمة مدريد واستقر بي المقام بها وعملتوا وتيسرت احوالي نوعاً ما ، وبعدة فترة رزقنا الله بمولود ، ومشت اموري على أحسن ما يرام ،وكنت خلال هذه الفترة أراجع السفارة العراقية مثل اي مواطن عراقي عادي ، مثل تجديد الجواز او بيان الولادة او أي مراجعة اخرى ولا يوجد اي اشكال بيني وبين السفارة العراقية على الاطلاق. الى أن حصل ما لم يكن في الحسبان ،حيث اتصلوا بي من السفارة ، وكان هذا في سنة 1993 ، يطلبوني لأمر مهم ولم أكن في البيت في ذلك الوقت ،فقالت زوجتي أن زوجي يرجع من العمل بعد الساعة الرابعة ، وفعلاً بعد الساعة الرابعة اتصلوا بي  وكنت في البيت فتحدثت معهم وكان موظف ادعى انه من القسم الثقافي في السفارة العراقية في اسبانيا ، وتكلم معي بكل أدب وكل لباقة وقال يطلب سعادة السفير ان يراك ، فستفسرت عن الموضوع، فقال انشاء الله خير ويمكن ان تعين في الملحقية الثقافية، وللمزيد من التفاصيل سوفة تعرفها من خلال المقابلة ، فقلت طيب دون ان يساوروني ادنى شك . فرتب لي موعد بتاريخ فلان والساعة الفلانية ،وذهبت على نفس الوعد المحدد، استبشر خيراً ،واستقبلوني داخل السفارة بكل ترحيب وحرارة وأدخلوني الى شخص قالو لي انه سعادة السفير ، وعند دخولي قام من وراء المكتب ورحب بي وتحدث عن عملي حيث قال لقد درسنا ملفك وبعد اخذ الموافقة من بغداد سوفة يتم تعينك معنا في الملحقية الثقافية ،وتحدث عن العمل وعن الراتب وانعطف بعد ذلك الى الاسرة والاولاد بكل لطف وبشاشة ، وستمر الحديث بيننا الى ان طلب الشاي لنا على العادة العراقية ، وحين انتهيت من شرب الشاي لم اشعر بنفسي ألا وشخص يضربني بقوة ويقوال لي انهض(كلب). فصعقت من هذا المكان ومن الاشخاص ومن كل شئ حولي ،فقلت لهم اين أنا ولماذا انا هنا فلم يجبني احد ، وبقيت على هذا المنوال 5 او 6 أيام طعام قليل وضرب كثير .و بعد اليوم السادس على ما اظن ، ادخلوني الى غرفة التحقيق وكان هناك ضابط شاب وسيم قال لي انت الان داخل مبنى المخابرات العراقية في بغداد . وانذهلت وكاد يصيبنى الاغماء فكيف جئت الى هنا، فأيقنت انه في السفارة في مدريد قد وضعوا مخدر داخل الشاي ولم اشعر او استيقظ ألّا وأنا داخل بغداد ،ولكن كيف وصلت الى هنا ظل هذا السر غامض الى حد الان  وهذه أحدى اقذر الخطط المخابراتية .
بعد ذلك تم التحقيق معي فقالوا من أين تعرف اياد علاوي واحمد الجلبي وغيرهم من أسماء المعارضة العراقية في الخارج واين اجتمعتْ معهم والتواريخ والاماكن وفي أي بلدان، والاف الاسئلة التي ليس عندي جواب لها والتي لا تنتهي . فقلت أنا لا اعرف احد من هؤلاء ولا اجتمعتُ بهم ابداً ولا قد سمعتوا حتى اسمائهم في ذلك الوقت ، ولكن لم يصدقني الضابط ،ومرة اخرى حولني الى غرفة التعذيب . تعذيب بشع مقزز وحيواني ، لقد هشموني معنوياً وحطموني بأسلوب مشين مدفوعين بشراهة جامحة لتدميري نفسياً ، ومن كثرة الضرب لم اعد أحس بشئ من أعضائي . وبعدة فترة من الأيام لا أعرف مدتها ، رجعتوا الى نفس الضابط وقال لي لماذا لا تحكي وترحم نفسك من هذا  العذاب انت لم تفعل شيء وسوفة يطلق سراحك بعد ان يكتمل التحقيق اعدك بذلك ، فقلت سوفة احكي سيدي .