المحرر موضوع: مشاكسة عــــذرا جلالــــة المـــلك  (زيارة 706 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مال الله فرج

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 559
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


مشاكسة
عــــذرا جلالــــة المـــلك


مال اللـــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com
 
في هذا الزمن العجيب الغريب ’ زمن الحريات والثورات والانتفاضات التي لم يجلب معظمها الا المزيد من الماسي المصائب والنكبات ’زمن الديمقراطيات  متعددة الاشكال والانواع والالوان وحقوق الانسان والرفق بالحيوان ’ زمن انتهاء عصر الحزب الواحد والقائد الواحد وانبثاق عصر زواج الجنس الواحد , زمن المزايدات البرلمانية والمساومات السياسية والسفاهة الحكومية في الاستحواذ على المناصب والحقوق والثروات الوطنية ’ وتجاوز مرحلة الولاءات الوطنية ومقايضتها بالولاءات الاقليمية ’ بالاخص في الدول المتسولة والمتوسلة والشاكية والباكية , زمن شفافية سلاح الفوضى الخلاقة بأيدي الدول العملاقة التي اعتادت على استخدامه مثل شفرة الحلاقة في تجريح وتشريح كيانات الدول (المارقة) واغراقها بالازمات الخانقة ’ عثرت مصادفة على وثيقة ادانة تاريخية لزمن (الدكتاتورية  الملكية) ’ عدوة الحرية والديمقراطية والمساواة   والعدالة الاجتماعية ’ التي قيدت العراق باغلال العبودية واوصدت بوجهه كل ابواب وشبابيك ومنافذ التقدم والحرية, وحرمته من هدايا الحملات الانتخابية’وخيرات ونعم وفضائل البطاقة التموينية.
الوثيقة التي هزتني كانت باختصار صورة لوثيقة الدرجات المدرسية لجلالة ملك العراق فيصل الثاني رحمه الله لامتحانات نصف السنة للعام الدراسي (1944-1945) عندما كان طالبا في الصف الثالث الابتدائي في المدرسة المأمونية في بغداد.
ولاننا تعودنا ان يكون ابناء المعلمين والمعلمات والمسؤولين هم الاوائل دائما  على صفوفهم حتى لو كانوا بلهاء او اغبياء او لا رغبة لهم بالدراسة عرفانا بجميل وسطوة وتاثيرات اباءهم وامهاتهم ببقية الكادر التعليمي’ اما لو صادف وجود طالبتين بنفس الصف من بنات المعلمات فلا بأس ان تكون واحدة منهن الاولى ’ والثانية اولى مكرر’ احتكاما للشرعية التوافقية ’ فكيف ان كان الامر يتعلق بملك العراق(المعظم) ؟.
 يقينا لو كان موجودا الان ربما لبادر بعض(المنافقين)المخلصين ’باقتراح منحه شهادة الدكتوراه الفخرية وهو في مرحلة الدراسة الابتدائية ’ احتراما للذات الملكية ’ واسوة بنفاق بعض الجامعات الدولية التي دأبت على منح قادة وحكاما وسياسيين ’ بعضهم انصاف اميين شهادات الدكتوراه الفخرية في علوم واختصاصات لا علاقة لهم بها ’ مما منح بعضهم فرصة التباهي بكلمة الدكتور’ والاصرار على ان تسبق اسمه في اجهزة الاعلام كلمة(الدكتاتور)عفوا’(الدكتور).
باختصار’ كانت درجات جلالة ملك العراق ’ الذي لم تكن ترافقه عند مواظبته على الدوام يوميا ’لافيالق حمايات ولا دبابات او اسلحة اوتوماتيكية ولا مدافع جوية  ولا طائرات ولا اساطيل سيارات ولا نعيق الصافرات ولا اية اجراءات امنية كالاتي:
(1ــ القرأن الكريم 9 تسعة درجات ’ 2ــالقراءة 8 ثمانية , 3ـ المحادثة 9,5 تسع درجات ونصف , 4ـ المحفوظات 5’6 ست درجات ونصف ’ 5ـ الرسم 10 عشرة درجات ’ 6ـ الخط 7 سبعة , النشيد 5’6 ست درجات ونصف الدرجة).
وفي الوقت الذي تحصل فيه ربما اغبى تلميذة من بنات المعلمات في بعض المدارس على درجات كاملة بجميع الدروس وذلك بجهود والدتها فان ملك العراق لم يحصل بجهوده الذاتية الا على درجة كاملة واحدة في مادة الرسم فقط. 
تلك الشهادة المدرسية ’ بل الوثيقة التاريخية التي وقعها العلامة والمربي الفاضل   واحد اعمدة اللغة العربية مصطفى جواد رحمه الله صاحب البرنامج الاذاعي الشهير الذي كنا ننتظره بشغف(قل ولا تقل) ونتندر عليه بالاخص قوله ( قل ماءت القطة ولا تقل نونوت البزونة) ’ وصاحب المؤلفات العديدة حول سبل تحديث اللغة العربية وتبسيطها رغم انه تركماني الاصل ’ والذي قال كلمته الشهيرة( جئت لأعلم العرب لغتهم)’ تفجر بواقعيتها وببساطتها ثلاثة ملاحظات اساسية حول اخلاقيات وثقافات وقيم زمن ملكي دكتاتوري رحل ’ وزمن ديمقراطي ثوري أطل.
في دولة عربية تدعي تمسكها بالقيم الدينية والاخلاقية والاجتماعية الرفيعة ’ رفض الملحق الثقافي تصديق الشهادة المزورة لابنة وزير سابق ومسؤول رفيع لاحق ’  في ضوء تأكيد الجامعة المعنية بان تلك الشهادة مزورة وان الطالبة المعنية لم تدرس لديها وغير مسجلة في وثائقها , وكانت المفاجأة في المكافاة التقديرية التي تم منحها لذلك الموظف النزيه’ فقد فصل من عمله.
وفي المانيا بادرت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي ’ الى الاستقالةاثر اتهامها (بالانتحال) وليس (بالتزوير) في اطروحتها للدكتوراه التي حصلت عليها قبل (33) عاما ’ لاستخدامها نصوصا اجنبية دون ان تذكر مصادرها ’ حفاظا على كرامتها لشعورها بالاهانة جراء تلك الاتهامات.
اما في وطننا وبفضل تجربتنا الثورية الديمقراطية فان معاييرالنزاهة سجلت اروع معدلاتها في نظافة العراق من الشهادات المزورة والوثائق المحورة ’باستثناء حالات بسيطة جدا جدا لا تكاد تذكر ’كان منها على سبيل المثال ما سبق ان كشفته لجنة النزاهة البرلمانية عن وجود اكثر من 30 الف شهادة دراسية مزورة في جميع المؤسسات ’مبينة ان من بين حامليها حوالي 2000 مسؤول   كبير من بينهم برلمانيين ووكلاء وزرات و مدراء عامين ’ الى جانب ما سبق ان كشفه مصدر أمني في احدى المحافظات عن وجود  700   وثيقة مدرسية من مجموع 900 وثيقة لطلبة إحدى الكليات الامنية مزورة، وعند رفع مذكرة الى المسؤول كبيرالمعني لاتخاذ ما يلزم بحقهم، برر المسؤول قائلا (انهم اضطروا الى التزوير من أجل خدمة وطنهم   (.                                                                           
من جانب اخر فان بعض المسؤولين الذين فاتتهم فرص الحصول على شهادات الدكتوراه من الجامعات الدولية بفعل انغماسهم في مهمات النضال من اجل (تحرير العراق) من الدكتاتورية ’ استطاعوا تعويض تلك الفرص الضائعة من خلال الدراسة عن بعد في معاهد وجامعات سوق مريدي العالمية والحصول على شهادات الدكتوراه منها في مختلف الاختصاصات لقاء اجور رمزية لا تتجاوز الالف دولار للشهادة.
واخيرا ...عذرا جلالة الملك ’ ما زلنا نشتاق لذلك الزمان الذي كان فيه الانسان’ برغم الدكتاتورية الملكية ...انسان.