المحرر موضوع: سوريا: نفق الحل السياسي..!؟  (زيارة 2680 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي



سوريا: نفق الحل السياسي..!؟

باقر الفضلي

في السادس والعشرين من شهر آب/2012 ، اي قبل تسعة أشهر من اليوم، جرى الحديث في المقالة الموسومة: سوريا: تحت أي عنوان...؟!!؛(*) عن الخطوط العامة للأزمة السورية التي تدخل عامها الثالث، وعن آفاق وإتجاهات تطورها، كما وعن طبيعة القوى الممسكة والمحركة لدواليبها،  وكذلك عن ابعادها الوطنية والإقليمية والدولية؛ وبالقدر الذي رسمت فيه المقالة المذكورة وبوضوح، طبيعة الصراع الدائر في المشهد السوري يومذاك، وحدود مواقف القوى الوطنية السورية من الأزمة، وتجليات موقفها السياسي المتبلور في [[ ... الدفاع عن الوطن وسيادته ووحدته هي المهمة الأساسية مهما غلا الثمن، ورغم تصاعد العنف مازلنا نؤكد ضرورة الحل السياسي لأزمتنا، فهو الضامن الفعلي لاستمرار الإصلاح، وتحقيق تطلعات الشعب السوري إلى غد ديمقراطي.. علماني يشارك في صنعه جميع الأطياف السياسية والاجتماعية،]](**)


أقول بهذا القدر الذي رسمت فيه المقالة خطوط الأزمة العامة وتشعباتها المختلفة، فقد جاء سير الأحداث، وفي طليعته مسلسل العنف والتدمير، معززاً ومؤكداً لكل التوقعات التي أجملتها المقالة المذكورة، بشأن التداعيات المدمرة، لكل السيناريوهات التي إستهدفت دولة سوريا؛ نظاماً وإقتصاداً وبنى تحتية ونسيجاً إجتماعياً ووحدة جغرافية..!؟


وحيث تدخل الأزمة السورية اليوم، نفق الحل السياسي، رغم وطأة ثقل تلك السيناريوهات التدميرية للدولة السورية وإخفاقها في النيل من موقف الشعب السوري الصامد في أتون جحيم الأزمة، وإدراكه لحقيقة ما يبيت له من مصير مجهول، فما زالت هناك من الأطراف المتورطة والضالعة في حياكة نسيج الأزمة، من ينبري لإفشال كل محاولات الوصول بالأزمة الى أعتاب الحلول السلمية، وتفكيك عقدها المستعصية، بل ومنهم من يرى في تلك المحاولات نكوص عن إلتزامات أمريكا وتعهداتها في الوصول الى نهاية المطاف في تحقيق ما تصبو له تلك الأطراف من إزالة وإسقاط نظام الدولة السورية وبأي ثمن كان..!؟(1)


 فالأمر في جوهره أبعد من إزاحة اشخاص معينين في نظام ما، بقدر ما كونه تنفيذاً لمخطط كامل الأبعاد، في كل جوانبه السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وقد تقاطعت فيه مصالح أطراف مختلفة، لها ما يدفعها بكل ما يتعلق بمستقبل المنطقة؛ وما التغيير المفترض حدوثه وبشكله الحالي في الدولة السورية، إلا أحدى حلقاته المهمة والرئيسة؛ وليس من المغالاة القول؛ بأن جوهر المخطط المذكور، والذي خطف في بريقه لب الكثيرين، لا يخرج في حدوده عن دائرة ما يدعى ب "الربيع العربي"، الذي باتت آفاق ملامحه تبدو أكثر وضوحاً ميدانياً مع مضي الأيام..!؟


ولعل ما توصل اليه لقاء وزيري خارجية كل من امريكا وروسيا في لقائهما في موسكو في العاشر من نيسان الماضي، من ضرورة العمل على لقاء الأطراف المتنازعة من المعارضة وممثلي النظام، يبدو وكأنه يعبرعن إدراك واقعي من قبل الدول الكبرى، وذات المصالح المتعارضة، بإستحالة الوصول الى حل سلمي للأزمة السورية، دون الجلوس الى مائدة الحوار من قبل جميع الأطراف، والبحث في الوصول الى سبل الحلول السلمية للأزمة..!(2)
 

فمع كل ما للحل السلمي للأزمة السورية، من أهمية ذات دلالات إيجابية،على الصعيد الوطني السوري بشكل خاص، والإقليمي لحد ما، إذا ما إستثنينا البعض ممن لا يسعده ذلك من الضالعين في مخطط تغيير المنطقة، فإن المخاوف من إفشال تلك الجهود بهذا الإتجاه، قد واكبت مسيرة الحل المذكور منذ البداية، وهذا ما تمت الإشارة اليه سابقاً، وما عكسته هواجس الشخصيات السياسية الدولية، في الصعيد الملحوظ..!!(3)
 

ومن هذه المخاوف ما إرتبط بقرار[[ وزير الدفاع الأمريكي  تشاك هاغل بنشر حوالي نحو 200 جندي أمريكي في الأردن في مؤشر قد يدل على تزايد احتمالات التدخل العسكري الأمريكي في الحرب الأهلية التي تطحن سوريا.]](4)


ومما يفاقم من سير أحداث الأزمة، ويبعث الشك في صدق نوايا البعض من الساعين للحل السلمي، ومنهم في المقدمة أمريكا ومن ورائها  إسرائيل والتحالف الغربي التركي الخليجي، أن يعود التهديد مجدداً بالتلويح بورقة إستخدام موضوع الأسلحة الكيماوية كذريعة [من أجل إسقاط النظام في سوريا]، على حد تعبير وزير خارجية روسيا السيد لافروف، الذي إعتبر إن [["مثل هذه اللعبة الجيو سياسية تعرقل التحقيق في حادث استخدام السلاح الكيميائي الذي وقع في سورية في 19 آذار/مارس الماضي"، متهماً بذلك "دولاً تحاول منع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من الرد المباشر على الطلب المحدد الخاص بالتحقيق في هذا الحادث".]](5)


ومن المفارقات الجديدة أن ياتي تصريح السيد أوباما الأخير عند لقاءه السيد أوردغان في واشنطن في 16/5/2013، أكثر إيحاءً بإستخدام النظام في سوريا للأسلحة الكيمياوية، رغم فقدانه الدليل على ذلك، مبدياً من جانب آخر، إستعداده لإستخدام الخيارات الدبلوماسية والعسكرية عند التثبت من ذلك، هذا في وقت لم تتأكد فيه بعد، صحة أي من الإتهامات بخصوص الإستخدام من قبل أي طرف من أطراف النزاع، رغم ما جاء في قول السيدة [[ كارلا ديل بونتي عضو لجنة التحقيق المستقلة التابعة للامم المتحدة، في شأن جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الانسان الاخرى في سوريا: إن المحققين جمعوا شهادات من ضحايا الحرب الاهلية السورية وموظفين طبيين تشير الى ان مسلحي المعارضة استخدموا غاز الاعصاب السارين.]] الأمر الذي جرى نفيه من قبل جميع الأطراف..!(6)(7)


مما لاريب فيه، إن ما يعنيه إستخدام الأسلحة الكيمياوية كسلاح محرم، وفي أي ظرف كان، لهو جريمة لا يمكن التسامح معها، وهذا ما حرمه القانون الدولي، وهو محظور على أي من اطراف النزاع، ولكن أن يتحول التلويح بهذا الإتهام الى ورقة معدة سلفاً يمكن إشهارها بوجه الخصوم كيفا أتفق وفي أي وقت يرغبه حاملها، فهذا ما يجب التوقف أمامه بجدية وإهتمام بالغين، والتدقيق بكل تفاصيله وحيثياته المادية، حيث تظل مسألة إثبات إستخدام السلاح الكيمياوي، من الصعوبة والتعقيد بمكان، الأمر الذي ينبغي معه التريث في توجيه الإتهام جزافا، وعدم التسرع في إطلاق التصريحات قبل معرفة الحقيقية؛ فليس أمام المرء من مثل أكثر واقعية من غزو العراق عام/2003 من قبل أمريكا وقوات التحالف الغربي والرديف الخليجي، التي شاركت في الغزو، تحت طائلة ذريعة مخزون اسلحة الدمار الشامل من قبل النظام الحاكم في العراق حينها، الأمر الذي ثبت بطلانه فيما بعد، ولم تك تلك الذريعة، سوى كذبة ومدخل لتبرير الغزو، الذي تسبب في كارثة تدمير العراق..!؟(8)


إن ما يميز ذريعة مثل ذريعة إستخدام الأسلحة الكيمياوية، أو أسلحة الدمار الشامل عن غيرها من الذرائع، هو كونها تستند في قوتها وفعاليتها وتأثيرها على الآخرين، الى سندها الشرعي المتمثل بشمول إستخدامها بالتحريم من قبل القانون الدولي، الأمر الذي سهل على السيد بوش الإبن والسيد بلير، وكليهما كانا في مركز المسؤولية، من اللجو الى تلك الذريعة،  ومنحا نفسيهما حق غزو العراق، دون تخويل شرعي أو حتى دليل يثبت إدعائهما بأي حال من الأحوال..!!؟


 فما يتردد اليوم وبتواتر غير مسبوق، من قبل امريكا ومعها التحالف الغربي التركي الخليجي وإسرائيل، عن "إفتراضية" إستخدام النظام في سوريا للأسلحة الكيمياوية في النزاع الداخلي، رغم التكرار بالقول من خلال التصريحات العليا، بالبحث عن "الأدلة" لذلك الإستخدام، فإن هذا لا يمنع أن تجد "الذريعة" وقتها المناسب، لتبرير التدخل العسكري ضد سوريا، ليصبح بعده ما يقال عن "الحل السلمي" مجرد لعبة لكسب الوقت والإغفال، وحرف الأنظار عن الوجهة الحقيقية لسير الأحداث في حل الأزمة السورية، وهذا ما أشار اليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخراً من مخاوف عن [[ "محاولات لإحباط أية فرص للتسوية السلمية ومحاولات لفرض نزع الشرعية عن القيادة السورية".]] http://arabic.rt.com/news/612713/ :روسيا اليوم


باقر الفضلي/19/5/2013
(*)   http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=320130
(**)   http://www.iraqicp.com/2010-11-22-05-28-38/22494-2012-08-15-14-32-58.html
(1)      http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=728588&issueno=12587
(2)    http://www.amad.ps/arabic/?Action=Details&ID=119646
(3)   http://arabic.rt.com/news/612713-%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%83%D9%88_%D9% /
(4)   http://arabic.cnn.com/2013/syria.2011/4/19/russia.syria/index.html
(5)   http://www.amad.ps/arabic/?Action=Details&ID=121955
(6)   http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/05/130506_ivistigator_syrian_rebels_sarin.shtml
(7)   http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/05/130518_syria_damascus_blast.shtml
(8)   http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE9B2HKW20130515?sp=true