المحرر موضوع: تراجيديا مواطن عراقي – بقلم سلوان ساكو  (زيارة 2391 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تراجيديا مواطن عراقي – بقلم سلوان ساكو
               الجزء الثاني
وحين سألني عن الاسئلة المطروحة سابقاً قلت نعم ، اعرف اياد علاوي واحمد الجلبي وغيرهم من المعارضة العراقية ، واعطيت تواريخ من بنات افكاري ومواعيد الاجتماعات من مخيلتي، ليس من سبب سوى التخلص من هذا الجحيم الذي انا فيه الان . وكان كل ما اقوله يسجل ويكتب . ومرة التحقيق على هذا المنوال حوالي 4 أو 5 ايام ، الى أن تفاجأت في أحد أيام الاستجواب ينهض الضابط  من وراء مكتبه ويصرخ في وجهي أنت كذاب وانت كلب أبن---------) واستمر يصرخ كأنه أصيب بجنون ،وقال ان كل التواريخ والأماكن التي قلتها غير صحيحة وغير دقيقة انت تضحك علينا .فمثلاً تقول أجتمعت بهم في مدريد بتارخ كذا وهم في نفس الوقت حسب المعلومات التي لدينا في لندن فكيف ذلك  ، وقال أنت مراوغ كبير .
وعرف الضابط أنه يوجد أمرا خطأ بالموضوع ،وارجعوني الى السجن في نفس الدائرة ،ولكن دون ضرب هذه المرة .
وأستمر يحكي هذا الغريب كما احب أن اسميه ، وقال أرسلوا في طلبي من جديد وادخلوني الى مكتب مسؤول كبير وكان جالس خلف المكتب وقال لي تفضل بجلوس يا ابني فجلست وانا مستغرب من التحول الكبير الذي حصل ، وكان يقرأ  في ملف موضوع على المكتب وبعدة فترة قصيرة قال يبدو أن الاخوان قد أخطئوا معك ( متوهميين وياك ابني )، وانا ساكت لا أعرف ماذا يدور في الغرفة ، وقال المسؤول( لا تزعل راح نصلح كل شي). وانتهت المقابلة ودق الجرس فأسطحبوني مرة اخرى الى السجن ، وفي نفس ذلك اليوم ليلاً  نقلوني الى مكان أخر ولكن اصغر اشبه بمنزل وكان به سجن صغيرة بها 8مساجين . وبقيت هناك دون أي سؤال او مراجعة أو أي استفسار (منسي الى الابد) . ومرت الاعوام وانا في نفس البناية ونفس المساجين ونفس الطع وأيقنت ان نهايتي سوفة تكون هنا .
الى أن فوجئنا في يوم من الايام وفي سنة لا اعرفها ، بجندي يتحدث الأنكليزية يقول مامعنه هي اذهبوا لقد سقط النظام العراقي وانتم الان احرار ، وتركونا ورحلوا، ولكن ليست المشكلة انه سقط او لم يسقط ، ولكن اين اذهب وانا لا اعرف بغداد من أيام الثمانينيات . وكنت ارتدي (دشداشة) ممزقة ونعال ، وتجولت في شوارع بغداد وسألت اين أنا وفي اية سنة الان نحن ، وكانت الفوضى عارمة لا أرى غير ناس مسرعيين ، وذهبت الى اقرب جامع استعطي وأنام اينما اتفق مثل (الكلب) وبقيت على هذه الحالة فترة تارة استجمع ما تبقة من عقلي وذاكرتي وطورا اخر افقد كل احساس واصاب بنوع من الجنوان  الى ان جمعت مبلغ بسيط من المال عن طريق التسول .وعن طريق الصدفة البحتة حيث دخلت احد البنوك  مع الجموع التي كانت  هناك  وسط الانفلات الامني واخذت من المال ما استطعت  . وبعدا فترة قظيته في بغداد استفسرت عن الجوازات والسفر وكيف الخروج من العراق ... الخ . المهم اخرجت جواز سفر مزور  واخرجت فيزا من السفارة التركية وذهبت فعلاً  الى أسطنبول على أمل ان اذهب الى السفارة الاسبانية في انقرة أو الامم المتحدة او اية منظمة انسانية ولكن ولا واحدة من هؤلاء استقبلوني لكوني لا احمل غير جواز سفر عراقي مزور ، وطرت من السفارة الاسبانية ، وكادوا يبلغوا الشرطة وتبعثر ذلك الأمل هباءً منثوراً، وعدت ادراجي الى أسطنبول أجر ورائي اذيال الخيبة . ونفذت نقودي ونمُت في الحدايق وأقتات على فضلات المطاعم ، وفي خضم هذه المأساة ضاع جوازسفري ايضاً  فقررت ان انتحر والقي بنفسي في الماء واخلص . الى ان اوقفتني في احد الايام وأنا نائم في أحدى الحدائق الشرطة التركيا وقالوا لي لا يسمح لك النوم هنا اذهب الى بيتك فقلت ليس عندي بيت فقال هيا ارينا هويتك او جوازك فقلت لا احمل اي مستمسك وقتادوني الى المركز ثم الى هنا وها انا معك في نفس المكان هذه حكيتي او مأساتي. فقلت له بدوري هذه فرصتك الذهبية انت لا تحمل اي مستمسك يثبت انك عراقي  وقول لهم انك اسباني واطلب ممثل من السفارة فهم الاولى بك لابد لديهم بعض الاوليات  وسئل عن زوجتك عن طريقهم ،يمكن ما حصل معك في الحديقة واضاعت جوازك هوا في مصلحتك  المهم لا تخرج من هنا ابداً واصر على أنك أسباني .
بعدا ذلك بأسبوعين رحلونا نحن الى العراق ولم أعرف ماذا حصل لي هذا الغريب .       وأتمنى أن أكون من خلال هذا الجهد المتواضع قد أوفي بعضاً مما لحق بهذا الغريب من ظلم وحيف على أمل ان تنتهى معانته ويعود الى بيته وأسرته .