المحرر موضوع: لقاء بعد نصف قرن ـ تقرير مصوَّر (2)  (زيارة 2935 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سامي مدالو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 91
    • مشاهدة الملف الشخصي
لقاء بعد نصف قرن ـ تقرير مصوَّر
(2)

سامي الياس مدالو
 
 
5 ايام في القوش ـ البرنامج
 
القوش كمدينة /  دير السيدة / دير الربان هرمزد / بندوايا / گپه دمايا / دير الراهبات المبني في محل بيتنا (بسبب الكهف بداخله) / محيط بيتنا السابق / منتزه الفقيد توما توماس ومعالم اخرى في حال توفر الوقت. وبالفعل تمكنت من تنفيذ كل هذا ولو بأختصار.
 
سنتناول في هذه الحلفة النقاط الثلاثة الاولى وهي: القوش كمدينة  /   دير السيدة   /   دير الربان هرمزد
 
القوش كمدينة
 
كنقطة اولى، قمت في عصر يوم  قدومنا وبمصاحبة ابن اخي بقطع القوش مشياً على الاقدام (كثيرون من اهالي القوش يفضلون الان استعمال سيارتهم بدلاً من اقدامهم حتى  لمسافات قصيرة لا تعقل. ما العمل؟  فهذا هو كما يظهر "ثمن" التقدم، أليس كذلك؟).  اقول قطعنا القوش من جنوبها الى شمالها، اي من محل اقامتنا في المحلة التحتانية (القوش الجديدة)، مارين بمحلة سينا واصلين الى  ما تبقى من مركز الشرطة السابق، الذي كنا نسميه بـ "القشلة" وكذلك  ضريح النبي ناحوم، لنرى باعيننا ولشديد الاسف  بان "الدهر قد اكل عليهما وشرب" كما يقول المثل. فالدماروالخراب هو ما يميزهما الان بالدرجة الاولى.
 
ومن هنا لم يبقى ما يفصلنا الا بضع خطوات عن موقع بيتنا الذي هُدّم ولللاسف قبل عدة سنوات (سنعود اليه في سياق الحديث). وهنا تنتهي  جغرافيّاً  بيوت القوش شمالاً، بالضبط كما كان الحال عليه قبل 50 سنة. ولغاية الحصول على انطباع اولي اكثر شمولاً عن القوش، اخترنا لرجوعنا من الشمال الى الجنوب  طريقاً اخراً وهوالطريق المؤدي خلال محلة قاشا. (بالحقيقة ليست لدي معلومات مضبوطة عن حدود محلات القوش المختلفة)  
 
اشياء عديدة جلبت انتباهي في تجولي الاول هذا في بلدتي ومنها:
 
ـ  محلة "القوش الجديدة" في جنوب القوش
ـ  عدد وتصميم  البيوت الجديدة المبنية خارج حدود القوش القديمة (الوانها مسألة ذوق)  
ـ  كثرة الاشجار والخضار (يا للعجب، حتى اشجار النخيل!)
ـ  عدد السيارات الخصوصية (كنت دائماً في حذر منها، لعدم معرفتي بقابليات سواقها)
ـ  الخراب والدمار الذي اصاب وللاسف الكثير من البيوت القديمة في القوش
ـ  الشوارع والطرق المبلطة
ـ  الكهرباء والماء الجاري (في حالة جريانه فعلاً)  
وثم شيئاً آخراً لم يجلب نظري فحسب بل وحاسّتيّ السمع والشم، الا وهي المولدات الكهربائية الاهلية و"العامة" المنتشرة في كل مكان تقريباً.
 
ولتعميق انطباعي عن ما شاهدته في اليوم الاول، نهضت في اليوم الثاني مبكراً لاقوم بجولة ثانية قبل الفطور بدأتها بالطبع من محل سكني في جنوب القوش (القوش الجديدة)  باتجاه الشمال سالكاً هذه المرة ذهاباً واياباً طريقين آخرين. من جملة ما نال ملاحظتي وكذلك اعجابي اليوم وقبل كل شيئ هم التلاميذ والتلميذات كجماعات صغيرة في طريقهم الى مدارسهم منهمكين في احاديثهم غير  مبالين بغريب مثلى "المسلح" بكامرته. تذكرت جيدا مرحلتي الابتدائية في القوش وزملائي بالرغم من مضي عشرات السنين. التقطت عددا لابأس به من الصور التي ارفق بعضا منها هنا.
 


القوش،  صورة باتجاه الشمال
 
  
 

دور حديثة باتجاه دير السيدة
  

ما تبقى من ضريح النبي ناحوم / دير الراهبات بالوان صارخة
    
 
 
 
الشارع المحاذي للمقبرة
 
  
 

بيت عصري في "القوش الجديدة"
 
 
 

السوق القديم
 
 
 

السوق الجديد
 
 
 

من سيسكن  في هذا "القصر" يا ترى؟
 
 
 

ما احلى الخضار والازهار
 
 
 

شباب القوش اثناء العمل
 
 
 

ما تبقى من مركز الشرطة السابق (قشلة)
 
 
 

شارع مبلط
  
 
 

مخازن حديثة
  
 
 
السيارات تلاحقك في اصغر الدرابين
  
 
 

هنا بالضبط كان موقع  "قمطر" محلة اودو ـ من هدّمه يا ترى ولماذا؟
 
 
 
 
كان هذا بيت عائلة من اقربائي في محلة اودوـ يا للاسف
 
 
 

الساحة امام مدرسة مار ميخا
 
 
 

ما احلى الخضار

 
 
معالم القوش
 
تحدثنا اعلاه عن انطباعاتنا عن القوش كمدينة وما جلب انظارنا فيها  ان كان ذلك ايجابياً او سلبياً، قد لا يشعر بها من يعيش فيها دوماً.  فأهل المدينة، اية مدينة كانت، يركزون عادة على ما يخص حياتهم اليومية بالدرجة الاولى، غير مبالين بامور اخرى وخاصة السلبية منها، التي قد لا تجلب انتباههم في ما اذا كانت لاتمسهم مباشرةً. فبما انهم تعوّدوا العيش مع هذه السلبيات، فهم يتجنبون تلقائيا ملاحظتها ناهيك عن  التفكير في ازالتها او على الاقل العمل من اجل تغييرها.
 
فكم فرحت بفكرة شباب القوش بتنظيف وتجميل بلدتهم واطلاق حملتهم الطوعية "يداً بيد لالقوش". فبالضبط حول هذا الموضوع كنت قد تحدثت مع اخي اثناء تجولنا في بعض احياء القوش. فما فائدة الانتظاراذاً عسى ان تقوم الجهات المسؤولة بهذا العمل الذي نستطيع انجازه بتوحيد جهودنا؟  وبصفتي  "كسائح غريب"  اكثر من كوني "من اهل البلد"، قمت اعلاه بعرض صور لتلك الاماكن التي جلبت اهتمامي قبل غيرها، ايجابية كانتً او سلبيةً.
 
ديرالسيدة ودير الربان هرمزد
 
بعكس ما لاحظته من تغيّرات  في القوش كبلدة ، كانت التغيّرات في المعالم التي زرتها، قليلة برأيي. تضمنت بالدرجة الاولى اعمال الترميم والصيانة التي لا بد منها اذا اردنا الحفاظ على هذه المعالم . وهذا لايعني بالضرورة شيئاً سلبيا بالقطع، بل قد يكون العكس صحيح، خاصةً ان كانت هذه المعالم اثرية وذو تاريخ عريق مثل  دير السيدة او دير الربان هرمزد.
 
دير السيّدة (ديرا ختايا)
 
منظراً خلاًباً حقاً هذا الذي جابهني بعد غروب الشمس وحلول الظلام وانا واقفٌ امام دار اقاربنا في "القوش الجديدة". لم يكن هذا ممكنا بالطبع في "قديم الزمان"، الزمان الذي عشناه هنا حتى  بداية الستينات من القرن الماضي بدون كهرباء. بودي هنا أبداء اعجابي بالطاقة الكهربائية التي لا توفر لنا الرفاهية فحسب، بل ايضاً هذه اللحظات الجميلة من حياتنا التي تُطبع في ذاكرتنا.
 
بالرغم من اننا الان في اواسط تشرين الاول، الا ان المناخ هنا يذكرني باحر ايام الصيف في المانيا، حيث تعدت درجات الحرارة في بعض الايام الـ 35 درجة مئوية. بالرغم من تحذيرات اقربائي بالتريث حتى انخفاضها بعض الشيئ، لم يكن بمقدوري الصبر والانتظار مدة اطول لشدة تشوقي بزيارة دير السيدة. من محل اقامتي ومشياً على "خط مستقيم"، خلال اراضي خالية من بناء او زرع، لم يكن يفصلني عن الدير الا ربع ساعة او اكثر بقليل.
 
افتقدت، وانا على بعد امتارمن ديرالسيدة، تلك الازهار الحمراء والبفسجية الزاهية المسماة بازهار نيسان (بيبوني دنيسن)، التي كنا نشاهدهنا  "في قديم الزمان"  ايام الربيع من بيتنا الواقع في شمال القوش وكأنها لوحة فنية بريشة  فنان قديراو سجاد محبوك بقدرة سمائية. تأسفت لعدم تمكني من القدوم الى هنا في فصل الربيع كما كانت خطتي الاولى. دير السيدة ذكرني كثيراً باديرة في جنوب اوربا. التقطت صورا لا تحصى خارج وداخل الدير، اخترت هنا بعضا منها.
 
صور لدير السيدة
 
 
 


دير السيدة مساءً  / الواقع كان حقاً اكثر جمالاً من الصورةً
 
  
 

في الطريق المستقيم من "القوش الجديدة" باتجاه دير السيدة
 
 
 

دير السيدة مع الميتم
 
 
 

ما اجمل هذا المنظر! هل هذا في القوش ام  في ايطاليا؟
 
 
 
 
وهذا ايضا ما ذكرني بالاديرة في جنوب اوربا (ايطاليا، فرنسا، اسبانيا)
 
 
 

كنيسة دير السيدة، صغيرة ولكنها رائعة حقاً ـ  نالت فائق اعجابي
 
 
 

رونقة الهية حقاً ـ هل هناك من لا يرغب في المكوث هنا؟

 
دير الربان هرمزد (ديرا علايا)
 
بالرغم من امكانية الذهاب الى دير الربان هرمزد بالسيارة، قررت كعادتي بقطع المسافة  مشيا على الاقدام. فمثل الماني يقول: الطريق هو الهدف.  شابتان من اقربائي ولدهشتي ايدتا الفكرة وقررتا على الفور مصاحبتي في مسيرتي. هذا ما اسعدني بالطبع، فكانت حقاً مسيرة ممتعة  في مناخ  لطيف.
 
لم نلتقي وللاسف باي راهب في الدير، فكلهم انتقلوا حتى الانتهاء من ترميمات ضرورية الى دير السيدة. و بالرغم من ذلك تسنى لنا التجول في معظم معالم الدير بحرية تامة  وتمكنا من التقاط صور لها حسب رغبتنا. لم نستطيع المكوث للاسف طويلاً  بسبب قصر الايام في هذا الموسم وقرب حلول المساء. وبالفعل فاجئنا الظلام ونحن في طريق الرجوع الى مسكننا.
 
 
 


صورة لدير الربان هرمزد، التقطناها من امام دير السيدة
 
 
 

هل تحتاج هذه الصورة لشرح؟
 
 
 
 
الكهف الاحمر في مدخل الوادي
 
 
 

شمس وظل ـ ما احلى هذا التباين!
 
 
 

درب الصليب ـ  في دربنا للدير الخالد
 
 
 

كأنه عش طيور بني فوق الصخور. . .
 
 
 

دير السيدة، التقطناها من "توأمه" دير الربان هرمزد
  
 

بثلاث لغات: الدير يعرّف نفسه
ـ يتبع ـ
 
  "رابط الجزء الاول من "لقاء بعد نصف قرن
http://www.ankawa.com/forum/index.php?PHPSESSID=0atel81dmkacqvs6ukggce8rf1&topic=669153.0
 
 
 
 
 




غير متصل حبيب تومي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1724
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ سامي الياس مدالو  / تحية ومحبة 
لقد كان لعدستك ابلغ تعبير عن الأماكن الجميلة التي يختلط فيها عبق التاريخ مع روعة الحاضر ، للانتقال الى المستقبل الذي نجهل دواخله وماهياته .
أغرتني كلماتك والمناظر التي صورتها واسمك وأسم المرحوم الوالد الياس مدالو ، الى التأمل والتحلق في آفاق الذكريات لأعود الى فترة مقاعد الدراسة الأبتدائية ، وأنا في الصف الأول الأبتدائي في مدرسة شيشا ، والتي تحولت الى اطلال اليوم ، إذ كنت جالساً في الرحلة الأولى ، وجاء الوالد الياس مدالو حيث كان مدير المدرسة وكانت مدرستنا تابعة لأدارته في مدرسة مار ميخا ، وإن من  ينجح من الصف الثاني الأبتدائي ينتقل بعدها في الصف الثالث الى مدرسة مارميخا .
 المهم دخل الوالد الى صفنا ، وقال معلمنا المرحوم حنا بتي صفار ( قيام ) : ونهضنا جميعاً ، وبعدها ( جلوس ) جلسنا جميعاً .
 كانت بيد الوالد الياس قائمة اسماء ، قال بلغتنا الكلدانية ( ايمد قارن شمّح قايم وآمر نعم = اي كل من أقرأ اسمه يقوم ويقول : نعم ) وهكذا قرأ الأسماء ، وحينما وصل الى اسمي ( حبيب يوسف تومي ) ، وقفت وهو قبالتي تماماً ، وصحت بأعلى صوتي : ( نعم ) ، فما كان منه إلا صفعني صفعة خفيفة على خدي قائلاً : ( كمبقتّا بردت ناثي ) اي مزقت طبلة أذني . وأضاف : قلنا قول نعم لكن لم نقل اصرخ بأعلى صوتك .
في أحدى التعازي في بغداد صادف جلوسي الى جانبه ، ورويت له هذه القصة ، فشكرني ، وقال انا ادون كل الملاحظات التي تصلني من طلابي في تلك المرحلة .
نتمنى لألقوش العزيزة على قلوبنا جميعاً ان تكون جميلة ومزهوة وعامرة على مر العصور كما كانت في السابق ، إنه وفاء لألقوش ان يكتب كل منا حرفاً عن هذه المدينة التاريخية العريقة .
اجمل تحياتي
حبيب 

غير متصل سامي مدالو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 91
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاخ حبيب تومي المحترم،

شكراً على "زيارتك" اللطيفة هذه. اسعدتني كثيراً حكايتك الطريفة عن اول لقاء لك مع والدي المرحوم، فقد احسنتَ فعلاً في حكايتها وكانها تحدث هذه اللحظة امام نظري. ترجمتها بالحال لزوجتي وضحكنا سوية، خاصة وانها بالطبع تعرف والدي المرحوم جيداً.

فكرة الكتابة حول زيارتي لالقوش الحبيبة في المواقع اتتني بالحقيقة بعد الصدى الايجابي الذي لمسته خاصة من الاصدقاء الالمان عند عرضي لهم للصور مع الشرح.
فلاول مرة في حياتهم يشاهدون صوراً آنية لبلدة واقعة في سهل نينوى، هذا السهل التاريخي الذي يعرفه اغلبهم من الكتاب المقدس فقط، اي "نظرياً" ان صح التعبير. وما ادهشهم كذلك، هو صمود سكان هذا السهل وتمسكهم بدينهم بالرغم من كل المصاعب عبر التاريخ.

مع التحية ـ سامي مدالو

غير متصل sabah s kawisa

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 593
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
استاذنا الكريم
حقيقة لقد كانت تعابيرك في وصف القوش في غاية الاحساس والشفافية وكذلك الصور الملتقطة باتقان وحرفية عالية ،وكل ذلك يشكل صدى واسع وبعيد يصل الى ابعد زاوية في ارض الانتشار ليذكر من نسي ويفرح من كان حزينا ويعطي الامل لمن كان لارجاء له ،ان هذه هي ارض الاباء والاجداد وستبقى مادام فيها من امثالكم يحملون عبق الذكرى .

الشماس صباح يوحانا
مـــالــبورن

غير متصل sam al barwary

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1450
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حياة جديدة بخدمات متكاملة وشكرا للصور التي ذكرتنا بالايام الماضية حيث الزيارات ولقاء الاقرباء والاصدقاء وشكرا

غير متصل سامي مدالو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 91
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاخ الشماس صباح يوحانا الموقر،

اسعدني جداً سماع رأيكم الصادق بعرضي المتواضع لزيارتي لبلدتي الحبيبة القوش. بالحقيقة لم اكن اتوقع هذا الصدى الايجابي من قبل القراء. فما اجمل في الحياة من "اعادة الفرح الى من كان حزيناً واعطاء الامل لمن كان لا رجاء له"، كما جاء في تعقيبكم اللطيف.
شكراً ياخي العزيز على مروركم ودمتم.
سامي مدالو


الاخ سام البرواري المحترم،

شكراً على مروركم وتعليقكم الجميل وارجو ان اكون قد اعطيت نظرة صادقة عن بلدتي الحبيبة القوش ودمتم .
سامي مدالو