المحرر موضوع: مؤثرات التشدد اﻷسلامي على الشخصية العراقية والعربية _ 3  (زيارة 599 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الدكتور علي الخالدي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 486
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 
مؤثرات التشدد اﻷسلامي على الشخصية  العراقية والعربية  _  3

دكتور: علي الخالدي

 ينحصر فرح العائلة في المجتمعات اﻹسلامية , عند ولادة الطفل وتراقب نموه الجسمي والفكري بإهتمام بالغ ، ثم يبداء هذا اﻷهتمام بالتناقص حتى يهمل كليا عند المراهقة , لعدة عوامل ( على رأسها صار رجلا ), بينما تبقى البنت غير مُرحب بولادتها , وتخضع طفولتها لتعاليم ولتقاليد إجتماعية ومذهبية مبالغ فيها , لا تأخذ بالحسبان بأن المراءة , تشكل نصف المجتمع , ومربية لنصفه الثاني , ومع هذا يقال  بأنها عورة في بعض المجتمعات , حتى أنها تُحرم من التعليم , أو مواصلته , في صمت مطبق من المعنيين في سلطة الأحزاب اﻷسلامية الحاكمة , ما يعني موافقتهم على ما يفرض عليها , من  إطاعة ولي أمرها , حتى لو كان ذلك يخدش مشاعرها ويهضم حقوقها اﻷنسانية , بما في ذلك اﻹتجار بها . هذا ما نجده في بعض العوائل اﻷسلامية في المهجر أيضا ، بالرغم من كون أغلب أفراد العائلة من المتعلمين ، لكن هذا لا يلغي جنوحهم , الى التمسك بما حملوه معهم , من عادات وتقاليد لا تتعايش والواقع الجديد في الغربة , بل يزداد تشددهم في تطبيقها , أعتقادا منهم أن ذلك سيقيهم خشية وقوع    أبناءهم  ( وخاصة البنت ) في مغريات الوضع الجديد , من هنا تبداء المعركة بين الجديد والقديم , وتنتهي دائما بتمزيق العائلة ، واﻹنفصال بين الزوجين , وتكون الضحية اﻷطفال ، وخاصة بين المتزوجين من جنسييتن مختلفتين ، فيجنح المطلق أو المطلقة الى التقوقع و اﻷنطوائية ، مبتعدا عن ما يقربه , من اﻷتصال باﻷطفال حتى لا يدفع ضريبة رعاية الطفولة ، وتبقى اﻷم أو اﻷب حاملي همومهم لحد سن البلوغ  , حيث تتشكل معطيات تخرجهم الى مساحات أوسع من الجو العائلي ، بما تضمنه لهم قوانين رعاية الطفولة من إستقلال إقتصادي ، ( كان اﻷباء  يستولون عليه ) ، ويصبحوا مستقلين من وجهة نظر القانون .
 في الغربة تمارس أغلب العوائل العراقية ثقافتها في عدم تقبل ثقافة  الوطن الجديد ،يساعد في ذلك تقارب تواجدهم في ما يشبة بالكانتيونات  , حيث أن أغلب دول أوروبا الغربية , تحصر اﻷجانب في منطقة واحدة لتبعدهم من اﻷختلاط , و اﻹحتكاك بمواطنيها , ليبقوا عائمين في صراع التناقضات بين الجديد والقديم , مما يفتح شهية التتنافس بين أ حزاب اﻷسلام السياسي والسلفية ﻷستقطابهم في خدمة أجنداتها, وبذلك تتصاعد مخاوف السكان اﻷصليين المشروعة , من فوبيا اﻷسلام بين أوساطهم , خاصة عندما يسمعوا أن البعض منهم نفذ عملية إرهابية هنا أو هناك .
الوضع يختلف الى حد ما في دول أوروبا الشرقية، حيث أغلب حالات الزواج تمت في النظام اﻷشتراكي ، وبعد إنهيار النظام وسيطرة مشوهي اﻷشتراكية عليه , رُفع الضمان اﻷجتماعي , ( يطبق بعد عبور الشخص الخامسة والستين من العمر ) , مما أضطر البعض منهم الى اللجوء لمختلف اﻷعمال بما فيها غير المشروعة قانونيا . فارضا ضعف التواصل مع أبناء جلدتهم , وإن وجد , فهو يفتقد الى الحميمة والتآلف  الذي كان متواجدا بينهم في مرحلة ما قبل إنهيار اﻷشتراكية  ، وهنا لا يُنكر تواجد  علاقات إجتماعية حميمة , وصداقات وطيدة بين العوائل العراقية التي تمارس العمل في إختصاصاتها العلمية أو اﻷكاديمية   
لقد سيست اﻷحزاب اﻷسلامية الدين والتدين , بدءا بنشر مفاهيمها عبر وسائل اﻷعلام بعد إحتكارها له , وإنتهاءا بوضع دساتير على مقاسات أفكارها , لاتـاخذ بنظر اﻷعتبار تواجد أديان ومذاهب أخرى في مجتمعاتها فحسب ,  وإنما تستعلي عليها وعلى قوى القوى الوطنية , و تفرض عليهم اﻷلتزام بها , وتستمر في عدم اﻷذعان الى تحذيرات المرجعيات الدينية , من أن التمادي والتشدد في تطبيق إجراءات التدين , بحجة الحرص على الشريعة والقيم المذهبية سيؤدي بالضرورة الى تشويه الدين وبالتالي هدم نسيج المجتمع , و تشويه معالم التمدن والتحضر الذي بُني من قبل أجيال سابقة ,

إن التطبيق التعسفي والقسري الذي يتخذ طابع اﻹرهاب , , والدعوة الى الحفاظ على المذهب والشريعة يتعزز باﻷنتماء الى اﻷحزاب الطائفية , أو اﻹنخراط في ميليشياتها , أو التفرغ ليكون داعيه دينية , في أوساط الجماهبر , هو من يقف وراء هجرة معتنقي اﻷديان والمذاهب اﻷخرى , ويدفع البعض الى التظاهر بالورع الديني , والتسايق في اﻹنخراط في اﻷحزاب اﻷسلامية بإعتبارها تشكل بنفس الوقت مصدر رزق , في أجواء تفشي البطالة وأنحصار التنمية واﻷصلاح . خالقا تناقضات داخلية تقف وراء تشويه التعاليم الدينية , و أجواء يستعر فيها عدم اﻷستقرار , معطلا عملية التنمية واﻹصلاح , وتلبية المصالح الوطنية, باﻹضافة الى إختفاء صفة التسامح و عدم مراعات أحاسيس ومشاعر الطرف الآخر وخصوصياته , مما يصعد الشحن والتجييش الطائفي.
 ومع غياب برامج تفريغ الحقد بين المذاهب في سياسة اﻷحزاب اﻷسلامية , وخطط  إرواءها بروح  وطنية مجتمعية , يستمر اﻷصرار على أن المصالح الوطنية تتحقق عبر بوابات اﻷسلام السياسي ,  ومع تجاهل الطفرة النوعية التي أحدثها عصر اﻷنترنت والفضائيات , و ما أحدثاه من سرعة في تحديث المعلومة , وتعميق الوعي الفكري والحضاري للناس ، ينكسر جدار الخوف من القوانين الجديدة التي تفرض على الناس بصيغ المحافظة على الدين , تهب الجماهير فتواصل تحركها من أجل تطبيق العدالة اﻷجتماعية , وبناء الدولة المدنية وإشاعة الروح الوطنية , في مجتمع مدني يعاصر ما يجري من تحديث في الفكر اﻷنساني


يتبع